على بعد شهرين من المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية ، الذي سينعقد يومي 9 و 10 دجنبر المقبل، بدأت الأزمة تتعمق بين بنكيران و بين معارضي الولاية ثالثة، مهددة بانشقاق حزب ظل عصيا على ذلك
ما ظهر من الخلاف بين بنكيران وخصومه في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لحدود الساعة، شواؤ من خلال تدوينة وزير الدولة في حقوق الإنسان، المصطفى الرميد، أو من خلال حوار عزيز الرباح مع أسبوعية الأيام، هو فقط الجزء الظاهر من جبل الجليد.
جبل الجليد
المعطيات التي ظلت حبيسة الاجتماعات المغلقة، والمجالس الخاصة، بدأ ت تخرج إلى العلن، وتنذر بمزيد من الاصطدام بين الطرفين.
مصطفى الرميد، الذي اتهم بنكيران بالانتصار لنفسه وتسفيه جهود إخوانه، يعيش حالة من التوتر غير المسبوق مع بنكيران. الرميد يقاطع منذ فترة عددا من اجتماعات الأمانة العامة للحزب. وفي الوقت الذي للرد على خطاب ألقاه بنكيران يوم السبت الماضي أمام منتخبي العدالة والتنمية بالمعمورة، اعتبر فيه نفسه صانع انتصارات الحزب مقابل تقاعس باقي القيادات في الحملة الانتخابية سنة 2011.
الخلاف حول تشكيل الحكومة
مصادر طلعة من حزب العدالة والتنمية، رفضت الكشف عن هويتها، أوضحت لموقع "تيل كيل عربي" أن العلاقة بين الرميد وبنكيران ساءت كثيرا في الآونة الأخيرة، بسبب التزام بنكيران الصمت حول الحملة التي تعرض لها سعد الدين العثماني وباقي وزراء المصباح على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وصلت حد اتهامهم بالخيانة والانقلاب على بنكيران، مشيرة إلى أن ما أصبح يعرف ب"تيار الاستوزار" يتهم بنكيران ب" اللعب على الحبلين"، فهو كان على علم، قبل انعقاد المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، بتاريخ 18 مارس 2017، بكل تفاصيل مشاورات تشكيل الحكومة، بما ذلك مشاركة الاتحاد الاشتراكي.
خصوم بنكيران يقولون إن الأمر تجاوز العلم بمشاركة الاتحاد إلى اعتراضه على استوزار أسماء بعينها من الاتحاد الاشتراكي، وأنه تمت الاستجابة لاعتراضاته، لكنه فضل التموقع في المنطقة الرمادية، وعدم تحمل مسؤوليته كاملة. هذه الرواية التي أكدها عزيز الرباح عضو الأمانة العامة للحزب، وأحد الذين لا يخفون معارضتهم للولاية الثالثة لبنكيران، رد عليها مصدر مقرب من عبد الإله بنكيران في حديث مع "تيل كيل عربي" بأن العثماني وافق مسبقا على دخول الاتحاد الاشتراكي، قبل أن يخبر عبد الإله بنكيران، الذي اختار الرجوع إلى الخلف مخافة اتهامه بإفشال تشكيل حكومة العثماني، مشيرا إلى أن علمه بمشاركة الاتحاد لا يعني أنه راض على قرار لم يشارك في اتخاذه.
ويلات الولاية الثالثة
المعطيات التي حصل عليها موقع"تيل كيل عربي" تشير إلى أن الغليان داخل البجيدي سيحسم في المؤتمر القادم. مصادر الموقع تقول إن بنكيران أمر بايقاف عمل اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن، رغم أنها قطعت أشواطا في إعداد أطروحة المؤتمر، وهو ما يعني أن المؤتمر القادم سيكون تنظيميا صرفا ، وسيقتصر على من سيكون مع بنكيران ومن سيكون ضده.
امحمد جبرون الباحث في تاريخ الفكر السياسي، وأحد أبرز العارفين بما يجري داخل العدالة والتنمية، يرى أن الحرب الإعلامية، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي بين بنكيران وخصومه تؤكد أن الخلاف بين الأطراف في قمرة قيادة العدالة والتنمية أصبح حقيقة لا يمكن إخفاؤها، بل إنه أصبح يهدد المصباح بالانشقاق والانقسام.
ويضيف جبرون أن تقسيم العدالة والتنمية إلى تيار الاستوزار وتيار بنكيران، الذي كان مجرد فرضية في وقت من الأوقات، أصبحت الآن واقعا، يهدد الحزب بالانقسام. يقول جبرون "الولاية الثالثة لبنكيران ستكون امتحانا عسيرا لوحدة العدالة والتنمية، والأكيد أن بقاء بنكيران سيؤدي إلى مغادرة عدد من القيادات للحزب، وربما قد يعلنون عن تأسيس حزب آخر"، مؤكدا أن كابوس الانشقاق بات قريبا من الحزب الإسلامي، الذي ظل عصيا على ذلك منذ تأسيسه.
الانقسام داخل الأمانة العامة للحزب بين فريق 22 الذي صوت على تعديل المادة 16 من النظام الداخلي لحزب العدالة والتنمية، بشكل يسمح لبنكيران بولاية ثالثة، قبل عرضها على المجلس الوطني المقبل، وفريق 10 الذي اعترض على التمديد، مرشح ليتوسع كي يطال الحزب بكامله. ففي الوقت الذي يعتبر أنصار بنكيران أن إبعاده عن الأمانة "قتل سياسي " له، يرى خصومه أن المصباح بالتمديد لبنكيران سيدخل عصر الدكتاتورية، و"استصنام" الأشخاص.
عبد السلام بلاجي، أحد مؤسسي العدالة والتنمية، قال في تصريح لـ"تيل كيل عربي" إن التمديد لبنكيران سيكون ضد مؤسسات الحزب ومنهجه، محذرا من خطورة ذلك على وحدته. وشدد بلاجي على أن استمرار التراشق الإعلامي بين قيادات المصباح، وعدم تراجع بنكيران عن خيار الولاية الثالثة سيدخل الحزب في متاهات هو في غنى عنها، وسيؤدي إلى انقسام المؤتمر المقبل.