كواليس ليلة قرر فيها"الرفاق" مغادرة حكومة

الشرقي الحرش

لا شيء يوحي بالبقاء في الحكومة

هذه هي الملاحظة التي يمكن تسجيلها قبيل لحظات عن انطلاق أشغال اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية من أجل الحسم في قرار المكتب السياسي للحزب القاضي بالخروج من حكومة سعد الدين العثماني.

 الأحاديث الجانبية بين "الرفاق" أمام باب مقر حزب "الكتاب" وداخله بحي الرياض كانت تتجه إلى التأكيد على مغادرة الحكومة، فيما كان أعضاء المكتب السياسي  منشغلون بإعطاء تصريحات لوسائل الإعلام. تصريحات كانت تهدف في مجملها إلى التعبئة للتصويت بالإيجاب على قرار المكتب السياسي.

 حوالي الساعة الثالثة والنصف انطلقت الجلسة الافتتاحية لأشغال اللجنة المركزية بحضور 275 من أعضاء اللجنة المركزية الذين يتجاوز عددهم 400 عضو، حيث تناول الكلمة الأمين العام للحزب نبيل بن عبد الله من أجل بسط أسباب قرار الديوان السياسي بالخروج من الحكومة.

 مبررات بن عبد الله

 اختار نبيل بن عبد الله تقديم ثلاث مبررات لقرار الخروج من الحكومة، وتتمثل في: عدم تلقي الحزب لأجوبة سياسية من طرف رئيس الحكومة بشأن ما تنوي الحكومة المقبلة القيام به، واستمرار الصراعات بين مكونات الأغلبية.

 أما السبب الثالث، فيتمثل بضعف العرض المقدم لهم من طرف رئيس الحكومة، والذي لا يتجاوز حقيبة وزارية وحيدة، مع حرمانهم من حقيبة وزارة الصحة، ووزارة الاسكان، وهو ما يعني، بحسب بن عبد الله، أن موقع الحزب سيكون ضعيفا، ولن يؤثر في مجريات الأمور، بل إنه ذهب حد القول إن الحقيبة التي عرضت على حزب التقدم والاشتراكية لن تساهم في تقديم أي دعم للبرلمانيين ورؤساء الجماعات الترابية المنتمين للحزب، وذلك في محاولة منه لضمان أصوات منتخبي الحزب.

مبررات المؤيدون للخروج

بعد انتهاء نبيل بن عبد الله من إلقاء كلمته، فتح باب المداخلات من أجل التداول في قرار الخروج من الحكومة، حيث طلب الكلمة 50 عضوا، وقرر مسير الجلسة منح دقيقتين لكل متدخل.

 اختار الداعمون للخروج من الحكومة الهيمنة على أغلب المداخلات الأولى من أجل توجيه باقي الأعضاء نحو التصويت على القرار.

 أول المتدخلين، كان هو اسماعيل العلوي، الأمين العام السابق للحزب، ورئيس مجلس رئاسته، حيث اعتبر أن قرار الخروج جاء متأخرا، لكنه أعلن تأييده له جملة وتفصيلا.

 بعد ذلك، توالت المداخلات المؤيدة للخروج من الحكومة، وقد كانت لافتا حصول اتفاق موضوعي بين جناحين في حزب التقدم والاشتراكية، وإن اختلفت مبررات ودواعي دفاع كل واحد منهما على مغادرة سفينة العثماني، إذ حدث اتفاق لأول مرة بين أغلبية أعضاء المكتب السياسي، وعدد من الذين كانوا يعارضون المشاركة في حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية.

 في هذا الصدد، اعتبر عدد من المتدخلين أن التحالف مع العدالة والتنمية كان خطئا، وقد جاءت اللحظة المناسبة من أجل تصحيحه، فيما عاب آخرون على المكتب السياسي عدم مغادرة الحكومة بعد إعفاء وزيرين من الحزب، هما أمينه العام، نبيل بن عبد الله، والحسين الوردي، وزير الصحة السابق، وكذلك عدم الانسحاب بعد إعفاء شرفات أفيلال.

 كما لم تسلم سياسات الحكومة من الهجوم، إذ اعتبرها بعض المتدخلين أنها سياسات لا شعبية، مشيرين في هذا الصدد، إلى إصلاح صندوق التقاعد، والغاء دعم صندوق المقاصة، والاقتطاع من أجور المضربين.

أصوات معارضة للخروج

 تزعم كل من أنس الدكالي وسعيد الفكاك المعارضين للخروج من الحكومة.

 ولم يسلم أنس الدكالي خلال إلقاء كلمته من المقاطعة من معارضيه، الذين طالبوا بإيقافه عن الكلام بسبب تجاوز الوقت المحدد، فيما دعا آخرون إلى تركه يكمل كلمته.

 وقد كادت الأمور تتطور إلى عراك وتشابك بالأيدي بين مؤيدي ومعارضي الدكالي، قبل أن يتدخل نبيل بن عبد الله لتهدئة الأجواء.

 واعتبر الدكالي أن المرحلة الحالية في المغرب تتطلب قدرا من الشجاعة والجرأة، واصفا قرار الخروج من الحكومة بغير الجريء، والمجانب للصواب.

 وقال الدكالي "قرار الخروج من الحكومة لا ينسجم مع المنهجية السياسية التي اعتمدها الحزب منذ حكومة التناوب"، داعيا إلى التراجع عنه والتصويت ضده.

 أما سعيد الفكاك، فقد شدد أنه ليس مقتنعا بقرار الخروج من الحكومة، معتبرا أن الرسالة التي سيفهمها الرأي العام أننا خرجنا بسبب عدم حصولنا على عدد من الحقائب الوزارية.

 وأوضح الفكاك، أن قرارا مصيريا كقرار الخروج من الحكومة يتطلب فتح مشاورات مع البرلمانيين والمنتخبين والهيئات الموازية للحزب، كما شكك في قدرة الحزب على المعارضة، متسائلا: "ماذا سنعارض؟، هل سنعارض السياسات التي شاركنا في وضعها؟

 من جهة أخرى، شكك عدد من المتدخلين في قدرة الحزب على لعب دور مركزي في المعارضة، مشيرين إلى أن الحزب لم يعد يتوفر على مناضلين،  قادرين على العمل في الميدان، وهو ما يستدعي بداية إعادة بناء الحزب، بحسبهم.

 مشادات وعراك لحظة الحسم

 بعد انتهاء المداخلات، أعلن مسير الجلسة عن بدء عملية التصويت على قرار الخروج من الحكومة، وقد كان لافتا عدم احتساب أصوات المؤيدين للقرار إذ أن مسير الجلسة اكتفى باحتساب أصوات المعارضين للخروج، الذين حصرهم في 34 صوتا، فيما امتنع عن التصويت 6 أشخاص.

وبناء على ذلك، أعلن مسير الجلسة أن قرار الخروج من الحكومة حصل على 235 صوتا،  إلا أن عددا من المعارضين للخروج احتجوا بقوة على النتيجة، مؤكدين أن أصواتهم لم يتم احتسابها بدعوى وجودهم خارج قاعة التصويت.

 وتحولت احتجاجات المعارضين للخروج من الحكومة إلى نشوب عراك بينهم وبين المؤيدين للقرار، قبل أن يعمد المعارضون لمغادرة القاعة وترديد شعارات مناهضة لنبيل بن عبد الله، متهمينه بتزوير نتيجة التصويت.