"كوب 24".. كواليس المفاوضات حول اتفاق باريس والخلاف حول تنزيله

الوفد المغربي يدفع في اتجاه تنزيل اتفاق باريس
أحمد مدياني

يدخل السياسيون والمسؤولون وخبراء الأمم المتحدة، ابتداء من الساعة الثالثة بعد زوال اليوم بتوقيت بلونيا، محطة حاسمة في ما يخص اتفاق باريس، الذي وقع خلال النسخة الـ22 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن تغير المناخ. محطة سوف تعرف التفاوض والتوقيع على القوانين التنظيمية والبنود الخاصة بالإجراءات التي يجب أن تتخذها الدول لمواجهة التغيرات المناخية والحد من انبعاث الغازات الدفيئة كذا دعم الدول المتضررة.

"تيل كيل عربي" ينقل في هذه الورقة، أهم ما سوف يخرج به "الكوب 24"، المنعقد منذ 3 دجنبر الجاري بمدينة كاتوفيتشي ببلونيا، في سياق يتسم بضغط عدد من الدول الرافضة للانضاب لما تم توقيعه في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك على لسان كاتبة الدولة في التنمية المستدامة نزهة الوافي، وذلك خلال لقاء صحافي مطول معها، على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بأشن تغير المناخ.

رهانات المغرب 

تقول كاتبة الدولة نزهة الوافي، إن المغرب منذ "الكوب 21" في باريس ثم "الكوب 22" في مراكش و"الكوب 23" في بون الألمانية، وانطلاقا من الرسالة الملكية الأخيرة، يعمل على تعزيز وحماية التوافق السياسي حول اتفاق باريس، واعتبرت أنه مكسب يجب الدفاع عنه. أما المستوى الثاني حسب المتحدثة ذاته، فهو مطالبة المغرب طيلة مسلسل التفاوض بالانتقال إلى تنزيل حلول ملموسة في ما يتعلق بالمصادقة واعتماد خارطة الطريق التي من المفترض أن يتم ابتداء من الساعة الثالثة بعد زوال اليوم الثلاثاء، نقاشها، وحسم البنود المتعلقة بتنزيل اتفاق باريس.

وأوضحت نزهة الوافي، أن "الكوب 24" في كاتوفيتشي، هو محطة سوف تعرف نقاش وحسم رهانيين أمميين مهمين، أولهما حسم خارطة الطريق العملية التي تتضمن إجراءات للحد من التغيرات المناخية، وينتظر أن يصادق عليها كل الأطراف الموقعة على اتفاق باريس. الرهان الثاني، هو المصادقة على النصوص التنظيمية.

وتكشف الوافي أنه بـ"الفعل هناك تردد من لدن بعض الأطراف تجاه المصادقة على النصوص التنظيمية"، قبل أن تضيف أنه "هناك تقدم ملموس بفضل الخبراء الدوليين الذين أعدوا حزمة من القرارات، تتضمن خارطة الطاريق فيها مشاريع قرارات وما وجب تنفيذيه وتنزيله خاصة البنود 4 و6 ز10 من اتفاق باريس".

وتابعت المتحدثة ذاتها، أن جميع النصوص القانونية جاهزة اليوم، وتنتظر فقط المصادقة عليها من طرف الدول الأطراف.

خارطة طريق اتفاق باريس

وعن تفاصيل مشاريع خارطة الطريق، تقول الوافي في حديثها: "هناك ثلاثة مستويات، الأول هو تعزيز قدرات الدول المتضررة من التغيرات المناخية". وتوضح أن "الاشكال بخصوص هذا المستوى، هو أن "هناك مانحين في ما يتعلق بالمنظمات الدولية أو الدول، الذين من المفترض أن يعبئوا الأموال لصالح الصندوق الأخضر، يعتبرون أن الدول النامية لا تستطيع أن تضع مشاريع تُقبل من طرف المانحين وقابلة للتنفيذ، بمبرر أنها لا تتوافق مع المعايير الموضوع بخصوص هذا الجانب". وتضيف أنه "حصل تقدم في هذا الملف، وتم تسطير معايير واضحة متوافق عليها".

المستوى الثاني، هو نقل التكنولوجيا الخاصة بالتغيرات المناخية، وبخصوص هذا المستوى يعمل الخبراء على تقريب وجهات النظر الرؤى لتحقيق التناغم بين المعايير والقرار السياسي، وتم عرض تقرير عام بخصوص هذا الجانب أواخر شهر شتنبر الماضي، ومن بين أهم ما جاء فيه، وضع سقف ارتفاع درجة حرارة في الأرض بسبب الانبعاثات الكربونية في حدود 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030.

أما المستوى الثالث، حسب الوافي، هو التمويل الخاص بالمناخ، وهذا الأخير هناك اليوم مشاريع قرارات بشأنه ينتظر المصادقة عليها، لكن هناك خلاف حوله. وتوضح الوافي، أن الخلاف يهم طريقة تنفيذ المحاسبة فيى التمويلات الخاصة بالمشاريع المناخية، مثلا: "هناك دول تضع في ميزانياتها السنوية قسما يهم تمويل المشاريع المناخية سواء وطنيا أو دولياً، وتطرح هل ما ترصده يجب أن يتم احتسابه في إطار التمويل الأخضر أو رصد ميزانيات إضافة لصالح الأخير، ووضعه كقسم منفصل في قوانينها المالية على اعتبار أنه التزام أممي". وكشفت الوافي أنه هناك توافق بهذا الشأن سوف يتم المصادقة عليه خلال أشغال "الكوب 24".

وخلصت الوافي إلى أن هناك تقدما في ما يخص انهاء تفاصيل خارطة الطريق والنصوص التنظيمية لإنزال اتفاق باريس، وسوف يظهر بعد الساعة الثالثة .

اتفاق باريس.. ملزم أم اختياري؟ 

بخصوص هذا الجانب، طرح "تيل كيل عربي" سؤالاً على كاتبة الدولة في التنمية المستدامة نزهة الوافي، يهم مدى تأثير اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق باريس، كذا رفض الفرنسيين للرفع من الضريبة على المحروقات لدفعهم لاقتناء سيارات صديقة للبيئة، وهل هناك دول ترفض الالتزام بتنزيل بنوده؟ وما مدى تأثير ذلك على باقي الدول خاصة الإفريقية ومن بينها المغرب؟

وقالت الوافي في جوابها على سؤال "تيل كيل عربي"، إن "الخبراء والمسؤولين يجمعون على ضرورة الحماية السياسية لاتفاق باريس". من جهة أخرى، هناك مجهود مكثف في اتجاه مصادقة جميع الدول الموقعة على اتفاق باريس، على خارطة طريق تنزيله ومشاريع قراراته وقوانينه التنظيمية وتنفيذها، خاصة الجزء المتعلق بالالتزامات المالية تجاه الدول الفقيرة، وهناك نقاش مستمر بخصوص هذا الشأن.

في السياق، أوضحت الوافي أن الوفد المغربي، يشتغل بهذا الشأن لصالح رؤية إفريقية مشتركة، خاصة ما يتعل بتمويل المشاريع المناخية.

وشددت الوافي على أن التصريح بالانساحب من اتفاق باريس لا يتجاوز كونه "مزايدة سياسية"، لأن الاتفاق يلزم الدول الموقعة على المشاركة في مساره إلى غاية العام 2020، ولا يمكن بأي حال الانسحاب منه أو تعطيل آلية مشاركة أي دول في مسار التفاوض.

وكشفت الوافي أن دول مثل فرنسا وألمانيا والسويد والنوريج وسويسرا وغيره من الدول الأوروبية، تدفع بقوة في اتجاه اعتماد تزيل اتفاق باريس دون تراجع، وعبر مسؤولها عن ذلك خلال كافة اللقاءات الوزارية والندوات التي عقدت بخصوص هذا الجانب.

وبخصوص مشاركة الوفد الأمريكي، قالت الوافي، إن "الأخير حاضر بقوة، ويضم عدداً كبيراً من المسؤولين والخبراء المنخرطين في مسار التفاوض رغم الاعلان السابق للرئيس ترامب قرار بلاده الانسحاب من اتفاق باريس، وكما قلت هذا تصريح سياسي فقط، لأن الالتفاق يلزم جميع الدول الموقعة على الاستمرار في مساره إلى غاية العام 2020".

كاتوفيتشي/بلونيا - مبعوث "تيل كيل عربي": أحمد مدياني