شرعت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، في مناقشة مشروع قانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، وذلك بحضور عبد اللطيف وهبي، وزير العدل.
وناقش النواب، على الخصوص، مساهمة مشروع القانون في معالجة إشكالية الاكتظاظ، الذي تعرفه المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف، والحد من الآثار السلبية للعقوبات السالبة للحرية لمدة قصيرة، ومساهمته في تأهيل واندماج المحكومين داخل المجتمع.
وأبرز وهبي، في بداية أشغال اللجنة، أن هذا المشروع يأتي في إطار التوجيهات الملكية، لاسيما تلك المتضمنة في خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الـ56 لثورة الملك والشعب، وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ومخرجات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، ومناظرة مكناس حول السياسة الجنائية المنظمة، سنة 2004، بالإضافة إلى ما اقترحته العديد من المؤسسات والهيئات المعنية، وكذا ما أقرته المعايير الدولية ذات الصلة، سواء في مجال تعزيز الحقوق والحريات، أو في إطار توجهات العدالة الجنائية الحديثة.
وأكد أن هذا المشروع يسعى إلى "وضع إطار قانوني متكامل للعقوبات البديلة، سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة".
وأضاف أن الوضع العقابي بالبلاد بحاجة ماسة لاعتماد نظام العقوبات البديلة "كحل يعول عليه للتصدي للنواقص التي تعتري السياسة العقابية الحالية، خاصة في ظل المؤشرات والمعطيات المسجلة على مستوى الساكنة السجنية ببلادنا، والتي تؤثر سلبا على الوضعية داخل المؤسسات السجنية، وتحد من المجهودات والتدابير المتخذة من طرف الإدارة".
ومن جهتهم، ثمن النواب التزام الحكومة مواصلة استكمال إصلاح منظومة العدالة من خلال هذا المشروع، طبقا لتوصيات ميثاق إصلاح القضاء، من أجل تحسين أدائه وتعزيز الحريات الفردية والعامة، وحمايتها من قبل منظومة العدالة، واصفين المشروع بـ"بالثورة الحقيقة في المنظومة القانونية والممارسة القضائية".
وأضافوا أن مضامين مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة تأسست على فلسفة عقابية جديدة، قوامها الحد ما أمكن من الحكم بالعقوبات السالبة للحرية، وتعويضها بعقوبات بديلة ذات أهداف إنسانية؛ منها ردع الجريمة وحماية المجتمع وإصلاح المجرم بطريقة أكثر إنسانية.
ومن جهة أخرى، أثار بعض النواب إشكاليات ملاءمة مشروع هذا القانون مع العديد من النصوص الخاصة، مشيرين إلى أن العقوبات البديلة لا تتعلق فقط بالجرائم الواردة في القانون الجنائي، بل تنطبق أيضا على الأنظمة الجنائية الخاصة.
وبعد أن لفت النواب إلى الآثار الإيجابية لمشروع القانون، والمتمثلة أساسا في المردودية الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والآثار النفسية الإيجابية لدى مرتكبي المخالفات البسيطة، دعوا إلى الإسراع في تنزيله، وتوفير شروط نجاحه، من خلال توفير الموارد البشرية واللوجستيكية.
واعتبروا أن مشروع القانون يتماشى مع الأدبيات الأممية التي تؤكد على أن الغاية الأساسية من العقوبات البديلة هي مكافحة حالة العود، وتقليص نسبة الساكنة السجنية، وينسجم مع تطور المنظومة القانونية والحقوقية بالمغرب، داعين في الوقت ذاته إلى مراجعة النصوص القانونية المتعلقة ببدائل الاعتقال الاحتياطي.
يشار إلى أن مشروع القانون المذكور أقر عقوبات بديلة حددت في العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وفرض تدابير تأهيلية أو علاجية؛ كالخضوع لعلاج نفسي، أو العلاج من الإدمان على الكحول والمخدرات والمؤثرات العقلية، وأخرى تقييدية؛ كعدم الاقتراب من الضحية، والخضوع للمراقبة لدى مصالح الشرطة والدرك الملكي، والخضوع لتكوين أو تدريب وغيرها، كما تم في إطار إقرار العدالة التصالحية، إضافة عقوبة إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.
وتضمن مشروع القانون أيضا، توسيع دائرة الاستفادة من العقوبات البديلة، لتشمل الجنح الصادر بشأنها عقوبة لا تزيد عن خمس سنوات حبسا، مع استثناء بعض الجنح الخطيرة؛ كجرائم الفساد المالي، وجرائم أمن الدولة والإرهاب، والجرائم العسكرية، والاتجار الدولي في المخدرات، والاتجار في المؤثرات العقلية، والاتجار في الأعضاء البشرية، وكذا الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة، مع التنصيص على عدم جواز الاستفادة من العقوبات البديلة في حالة العود، تحقيقا للردع المطلوب.