لشكر: كان هدفنا من ملتمس الرقابة إنعاش الحياة السياسية ومواجهة السكتة المؤسساتية

محمد فرنان

فصّل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في تقريره السياسي المقدم أمام المجلس الوطني للحزب، اليوم السبت، بالرباط، دوافع مبادرة الحزب لتقديم "ملتمس رقابة" ضد الحكومة، كاشفا في الوقت ذاته عن الأسباب التي أدت إلى "توقيف أي تنسيق" مع مكونات أخرى في المعارضة بهذا الخصوص.

وأرجع الكاتب الأول لحزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية هذا التعليق إلى ما وصفه بـ"عدم لمس الإرادة الحقيقية والصادقة" لدى البعض و"التعامل باستخفاف وانعدام الجدية مع الآليات الرقابية الدستورية".

وأوضح أن فكرة اللجوء إلى ملتمس الرقابة، المستند إلى الفصلين 105 و 106 من الدستور، طرحت "منذ نهاية سنة 2023" وتمت المصادقة عليها في المجلس الوطني بتاريخ 27 يناير 2024، وذلك "أمام كل هذه المعطيات المقلقة التي تؤكد فشل الحكومة في التعاطي مع الشأن العام وفي الوفاء بوعودها الانتخابية والتزاماتها الحكومية".

خصص إدريس لشكر حيزا من التقرير السياسي أمام برلمان الحزب لشرح ملابسات توقف التنسيق حول الملتمس، مشيرا إلى أنه "للأسف لم نلمس الإرادة الحقيقية والصادقة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود".

وعزا ذلك إلى أن "بعض مكونات المعارضة فضلت الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية".

وأضاف التقرير أنه "احتراما لأخلاقيات التنسيق والتداول المسؤول بين مكونات المعارضة، نأينا بأنفسنا عن أي خروج إعلامي بينما اعتمد البعض التشويش على المبادرة بالتسريبات الإعلامية التي تخدم أجندته وتعمد إلى تضليل الرأي العام".

أكد الكاتب الأول أن الاتحاد الاشتراكي كان واعيا بأن المعارضة قد لا تملك الأغلبية المطلقة لإسقاط الحكومة، مستشهدا بملتمسي 1964 و 1990، حيث "كانت دائما تقدم هذا الطلب وهي واعية أنها لا تملك إجبار الحكومة على تقديم استقالتها الجماعية".

 ولكن الهدف الأساسي، وفق التقرير، هو "دعوة الحكومة للدفاع عن نفسها وعن سياساتها العمومية، وإتاحة الفرصة للمعارضة للتعبير عن آرائها بكل حرية".

وجاءت مبادرة ملتمس الرقابة بعد فشل محاولة سابقة لتقديم طلب تشكيل "لجنة تقصي الحقائق حول دعم المواشي"، وهو ما أوضحه الكاتب الأول بالقول: "انخرطنا كفريق اشتراكي في التوقيع على الطلب على الرغم من معرفتنا بعدم تحقق هذه الآلية الرقابية على أرض الواقع، لكون المقتضى الدستوري ينص على تقديم الطلب من طرف ثلث أعضاء مجلس النواب، وهو الشرط العددي الذي لا تتوفر عليه المعارضة، مقارنة مع الخمس الذي يقره الدستور لتقديم ملتمس الرقابة والمتوفر للمعارضة"، وأمام هذا الفشل، "بادرنا مرة أخرى إلى طرح ملتمس الرقابة من خلال الانفتاح على أية مقترحات لمكونات المعارضة من أجل بلورة وصياغة الملتمس والشروع في جمع توقيعات النائبات والنواب".

يرى الاتحاد الاشتراكي أن مبادرته بطرح ملتمس الرقابة "استطاع أن يحرك مياه السياسة الراكدة في بلادنا حتى قبل تقديمه"، فالغاية بحسب إدريس لشكر تتجاوز الجوانب التقنية أو الحسابية، لتصل إلى "خدمة سياسية وطنية تستوجبها المرحلة"، وتهدف إلى "إعادة الاعتبار للثقافة السياسية" و"المأسسة للحوار حول ما تعرفه حياتنا السياسية، من قضايا حارقة تهدد بالسكتة المؤسساتية".

ويهدف الملتمس أيضا إلى "إسماع صوت المعارضة، ومن خلاله صوت شرائح واسعة من المغاربة من داخل المؤسسات التي يراد لها أن تخضع للحجر من طرف التغول، لتكسير حلقة الشروط المجحفة التي تمنع الصوت المعارض من التعبير عن نفسه، كما تقلل من شأنه في تمنيع الديموقراطية وتجويد آلياتها المنصوص عليها في الدستور، وتفعيل روح المرجعية الدستورية المتوافق عليها من طرف الأمة لأجل حياة سياسية أكثر تقدما وتفاعلا مع المتطلبات الآنية والمستقبلية للمغاربة".

وأبرز أن  "ملتمس الرقابة برهنة واضحة على الحاجة الملحة اليوم، لاستثمار كل الاحتياطي الإصلاحي الذي نص عليه الدستور، في أفق خلق مؤسسات قوية وممارسات فضلى"، ويهدف هذا الاستثمار إلى "إقامة الدليل أمام الرأي العام على ملحاحية مواصلة النهج الذي قامت عليه الإصلاحات الدستورية التاريخية، بما يفتح الأفق واسعا للإصلاحات السياسية والمؤسساتية لضمان توازن السلط واحترام الصلاحيات الدستورية، وتوطيد أسس الدولة الاجتماعية والمراجعة الشاملة للمنظومة الانتخابية وتحصين الممارسة الانتخابية واستكمال ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وإدماج مغاربة العالم في مجال المشاركة السياسية، وتحصين المجتمع من كافة تيارات التطرف ومختلف جماعات الضغط، ومحاربة كافة أشكال الفساد".