لم يقتصر احتجاج نساء فكيك على "خوصصة الماء" بمدينتهم فقط بـ"الحايك" الذي أصبح الحديث الخاص والعام، بل حلّ هذا اللباس التقليدي بقاعة نادي المحامين بالرباط، في ندوة صحفية، عشية اليوم الخميس، عقدها الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان والتنسيقية المحلية للترافع عن قضايا واحة فجيج.
وفي كلمة باسم نساء حراك فجيج، قالت كريمة دبشي، الناشطة الحقوقية، إن "تواجدي في هذه الندوة الصحفية هو تعبير عن صوت المرأة الفجيجية التي خرجت عن بكرة أبيها إلى الشارع بلباسها التقليدي الناصع البياض الذي يحمل عدة دلالات رمزية إلى نساء ورجال العالم، وما مسيرة فاتح دجنبر إلا عربون عن وعيها بمطالبها المشروعة التي تناضل من أجل تحقيقها".
وتابعت: "لماذا تواجد النساء الفجيجيات بهذا الزخم في هذا الحراك الاجتماعي - الذي أبهر وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الوطنية والدولية، وبهذه المناسبة أشكر كل من ساند حراك الماء سواء من قريب أو بعيد لعدة أسباب".
وأوردت المتحدثة ذاتها، أن "المرأة الفجيجية منذ أربعينات القرن الماضي تناضل كمقاومة في إطار الحركة الوطنية، كمربية للأجيال في إطار التعليم، ومتواجدة منذ نعومة أظفارها في مقاعد الدراسة دون تمييز مع الرجل، وتكافح اجتماعيا من خلال أدوارها التقليدية (الإنجاب والرعاية الاجتماعية)، واقتصاديا من خلال مساهمتها في إنتاج الجلاليب والسلاهيم (الدور الإنتاجي )".
ولفتت إلى أنه "لماذا حضور النساء بكثافة لسبب بسيط، لأن البنية السكانية لفجيج تعرف خللا، أي أن نسبة النساء بفجيج يصل إلى حوالي 60 بالمائة بسبب الهجرة التي تعاني منها ساكنة فجيج في غياب البنيات التحتية (معامل، شركات) لتثبيت الشباب والرجال في واحة فجيج، دون أن ننسى تقزيم المجال الحيوي للأراضي الفلاحية بسبب اتفاقية 1972 مع جارتنا الجزائر من ثلاثة جهات الذي يساهم بشكل كبير في التهجير القسري لساكنة الواحة".
وأوضحت أن "المرأة هي أكثر استعمالا للمادة الحيوية على المستوى العالمي، وهي التي تدبر المياه بشكل عقلاني منذ القدم، خاصة في واحتنا، كانت تجلبها على ظهرها من عيوننا المائية هي التي تحافظ على الماء بإعادة استعماله دون تبذير أو استنزاف للفرشة المائية، هي التي تراهن عليها هيأة الأمم المتحدة في برامجها ضد الاستهلاك المفرط من أجل مشاركة أمثل للتدبير المستدام للموارد المائية".
وشدّدت على أن مشاركة نساء فجيج في "الحراك الاجتماعي المائي ما هي إلا واحد من النضالات السابقة التي كانت فيها المرأة الفجيجية العمود الفقري لحراك العرجة، حراك تعديل تصميم التهيئة، حراك الصحة، لكل المطالب الاجتماعية، دون أن ننسى ما آل إليه حراكنا اليوم من اعتقال الصديقة حليمة زايد والصديق محمد الإبراهيمي "موفو" من أجل إسكات صوت المرأة الشريفة العفيفة، وتكسير شوكة الحراك عبر اعتقال أحد رجالاته على حد قول أن القمع لا يرهبنا والقتل لا يفنينا مياه فجيج تذكي النضال فينا".
وأبرزت أن "استمرار الحراك المائي يأتي من أجل مطالبة المكتب المسير للجماعة الترابية بالانسحاب من مجموعة الجماعات الشرق للتوزيع، ومن أجل مراعاة خصوصية المنظومة الواحية في قانون 83.21 التي تعتمد على الزراعة المعيشية وعلى الاكتفاء الذاتي والتي تصنف من ضمن الأنظمة البيئية الهشة عالميا، واختلال نظامها سيؤثر على الإنسان الواحي بتهجيره قسرا بسبب القضاء على قوت يومه وعلى مورفولوجيا الواحة من خلال تجفيف عيونها التي تعتبر فجيج هبتها".