انصرف سكان تريب وضواحيها من الكاثوليك والمسلمين وغير المؤمنين الى الصلاة الأحد، بعد يومين من الهجمات الإرهابية التي صدمت هذه القرية الواقعة في جنوب فرنسا ومدينة كاركاسون المجاورة.
وفيما كان المسيحيون الكاثوليك يحتفلون بأحد الشعانين الذي يسبق أحد الفصح، تدفق المئات الاحد الى كنيسة تريب الكاثوليكية، وشقوا طريقهم حاملين اغصان الزيتون او الغار بين عشرات الصحافيين. وكان عناصر من الدرك المدججون بالسلاح يؤمنون الحراسة امام الكنيسة.
في أحد متاجر هذه القرية الهادئة، أقدم شاب متطرف قال انه ينتمي الى تنظيم الدولة الاسلامية على اطلاق النار الجمعة وتسبب بمقتل اربعة اشخاص.
وقال الكاهن فيليب غيتار ان "الناس يشعرون بالحزن، هم متضامنون مع الذين يتألمون، وصدمهم هذا العنف. كانوا يظنون انهم يتمتعون بالحماية" في هذه المدينة الصغيرة التي يناهز عدد سكانها 6000 نسمة.
وقد دخل ذوو ضحايا يرتدون نظارات شمسية الكنيسة، يعزي بعضهم البعض الاخر.
وحرص مندوبون يمثلون المسلمين على المشاركة في تكريم الضحايا. وخلال القداس، قال لهم اسقف كاركاسون المونسنيور آلان بلاني، ان "حضوركم يثبت لنا ان دعاة الكراهية لن يربحوا ابدا".
وشدد إمام مسجد فيغييه دو كاركاسون، محمد بلمينوب، لدى خروجه من الكنيسة على ان "المسلمين طعنوا، الإسلام نفسه طعنه اشخاص يستخدمون رموزا عزيزة على قلوبنا. (عبارة) +الله اكبر+ رمز لعبادة الله، هذا يعني أن الله هو اكبر من الكراهية".
واضاف الإمام "لا نجد الكلمات، نشعر بالاضطراب"، مؤكدا انه جاء للدفاع عن "فرنسا المتعددة المشارب والطوائف. يجب ان يضع الجميع هذه الفكرة في رؤوسهم. نحن محكومون بالعيش معا والتصدي لهذه الخراف الضالة".
من جهتها، اعتبرت ربيعة المسلمة إحدى سكان كاركاسون ان "الله للجميع، نحن جميعا بشر وبيته مفتوح للجميع".
وقد ايدت صولانج (81 عاما) هذه الرسالة الدينية. وقالت "نحتاج الى ايمان عميق حتى نقبل كل ذلك، هذا الخلاف بين الاديان. الله نفسه هو الذي نعبده سوء كنا مسلمين او مسيحيين او يهودا".
تحت سماء ملبدة بالغيوم وعلى رغم البرد، شارك عشرات الاشخاص في فناء الكنيسة في مراسم الصلاة التي بثتها مكبرات الصوت، فيما كانت الكنيسة التي تتسع ل350 شخصا، تغص بالحاضرين.
ولم يكن في وسع ليليال دال ماس، احدى سكان قرية كابيندو المجاورة، ان تأتي لحضور القداس في الوقت المحدد، لكنها قررت ان تأتي ولو متأخرة للاعراب عن "تضامنها". وقالت "هذا امر خطير، ويا للاسف، لم تنته بعد" هذه الافعال.
وقال اميل أكو الرسام المتقاعد ان "فرنسا بكاملها حزينة" وليس تريب فقط. وتعليقا على موجة الاعتداءات التي اسفرت عن 245 قتيلا في كل انحاء البلاد منذ 2015، قال "نحتاج الى ان يتوقف ذلك".
"لقد سقط بطلا"، كما قال الرئيس ايمانويل ماكرون عن الليفتنانت-كولونيل ارنو بلترام الذي تبرع بالحلول محل رهينة احتجزها رضوان لقديم في متجر تريب، وقد احتل مكانة خاصة في تكريم الضحايا.
وقال المونسنيور بلاني "في مستهل هذا الاسبوع المقدس وفي وقت ننظر الى المسيح يأخذ مكاننا ليخلصنا من الموت، تأخذ حركته معنى بالغ الخصوصية. انا على ثقة بانه لم يكن يجهل ذلك عندما قام بهذه الخطوة".
واضاف الامام بلمينوب "سيبقى ابديا. ثمة اشخاص يعرفون كيف يموتون واشخص سيبقون جبناء الى الابد، أحياء كانوا ام امواتا".
أ.ف.ب