بخطوات ثابتة، تمكنت لمياء بومهدي من قيادة نادي تي بي مازيمبي الكونغولي إلى التتويج بلقب النسخة الرابعة من مسابقة دوري أبطال إفريقيا للسيدات "المغرب 2024"، لتصبح أول امرأة وإفريقية وعربية تُتوج بالكأس.
ابنة مدينة برشيد وعاشقة للساحرة المستديرة، صنعت الحدث في منافسات دوري أبطال إفريقيا للسيدات التي أقيمت في المغرب بين 9 و23 نونبر 2024.
وخلال أول مشاركة لنادي تي بي مازيمبي الكونغولي في المسابقة القارية، تمكنت المجموعة من حصد اللقب على حساب نادي الجيش الملكي، صاحب الخبرة القارية، والذي كان قد سجل حضوره في النسخ الأربع للمسابقة.
جمعت لمياء بومهدي بين العمل والإصرار وكثير من الصبر، فقصتها استثنائية كما روتها لـ"تيلكيل عربي"، حيث كانت البداية من لاعبة هاوية لكرة القدم، وصولًا إلى تجارب احترافية أبرزها في لبنان. إلا أن القدر كان له رأي آخر، حيث تعرضت لإصابة قوية في الركبة، ما أدى إلى توقف مسيرتها كلاعبة في سن الـ26.
الإصابة، كما تحدثت المدربة المغربية للمجلة، لم تكن سهلة، وتقبل فكرة انتهاء مشوارها كلاعبة كرة قدم كان صعبًا كما وصفت، إذ اضطرت للابتعاد عن عالم الساحرة المستديرة لحوالي ثلاث سنوات، قبل أن تكون العودة عبر بوابة التدريب.
طرقت باب التكوين، فكانت وجهتها إلى ألمانيا من أجل التحضير لعدد من الشهادات التدريبية، كما أشارت، قبل أن تعود إلى المغرب للتحضير بشكل تدريجي لعدد من الدبلومات وصولًا إلى "CAF A".
تم إسناد مهمة تدريب المنتخب المغربي للسيدات لأقل من 17 سنة ثم لأقل من 20 سنة إلى لمياء بومهدي، فكان التتويج ببرونزية دورة الألعاب الإفريقية من نصيبها.
كما قادت منتخب أقل من 20 سنة النسوي لتحقيق لقب دوري اتحاد شمال إفريقيا، واشتغلت لمدة تقارب الست سنوات بالإدارة التقنية الوطنية، مشرفة على عدد من المشاريع التي تهم تطوير كرة القدم النسوية.
وكانت تجربتها في قيادة فريق من خارج المغرب مع تي بي مازيمبي الكونغولي(مارس 2023)، حيث وصفت هذه الخطوة بالتحدي الجديد في مشوارها، وصولًا إلى تحقيق أول لقب لدوري أبطال إفريقيا من الأرض التي تنتمي إليها.
- كيف كانت تجربتك مدربة لنادي تي بي مازيمبي للسيدات؟
لم يكن من السهل في البداية تغيير الوجهة صوب الكونغو الديمقراطية، فكما يعرف الجميع، هناك فوارق كبيرة ليس فقط كرويا، وكانت بيئة جديدة علي، سواء تعلق الأمر بما هو كروي أو في الشق الذي يهم ثقافة المجتمع والاختلاف الكبير بينه وبين المغربي.
المغرب متقدم على عدد من الدول الإفريقية، لكن التجربة مع تي بي مازيمبي كانت بمثابة تحدي بالنسبة لي، ووضعت أهداف للوصول بالفريق للمنافسة على أعلى مستوى، وخير مثال مسابقة دوري أبطال إفريقيا للسيدات.
- ما هي التحديات التي واجهتها خلال هاته التجربة، الأولى من نوعها لك خارج المغرب؟
اختيار تدريب تي بي مازيمبي منذ البداية كان تحدياً، ثم جاءت بعدها عدد من التفاصيل تهم التأقلم مع المجموعة واللاعبات، ووضع وجهة مشتركة وموحدة للمستقبل.
بعد سنة ونصف تقريباً من تولي مهمة تدريب هذا الفريق، يمكن القول أننا قطفنا ثمار العمل الكبير للمجموعة ككل، فبعد الألقاب المحلية، استطاع تي بي مازيمبي من رفع كأس أبرز مسابقة قارية للأندية، على مستوى فرع السيدات.
- كسبت رهان التتويج بلقب النسخة الرابعة من دوري أبطال إفريقيا للسيدات"المغرب 2024" في أول مشاركة للنادي بالمسابقة، هل وضعت هذا اللقب ضمن مخططاتك قبل انطلاق المنافسات؟
لكي أكون صريحة، لقد اشتغلت مع فريقي لقرابة السنة، من أجل تحقيق هذا الإنجاز، فعندما وصلت إلى الكونغو بأشهر خُضنا مرحلة التصفيات، لكن فشلنا في تحقيق التأهل إلى النسخة السابقة من المُسابقة.
وبالرغم من أنني لم أتمكن من قيادة تي بي مازيمبي للمشاركة في دوري أبطال إفريقيا للسيدات لسنة 2023، تواصل معي بشكل مباشر رئيس النادي، مويس كاتومبي، وجدد ثقته بي، وأخبرني بأن المجموعة ستنجح السنة المقبلة في العبور إلى البطولة، ولما لا تحقيق اللقب القاري.
ما دار بيننا حينها والثقة التي وضعها في شخصي للاستمرار على رأس الطاقم الفني لنادي تي بي مازيمبي الكونغولي، كان حافزا للعمل مع المجموعة لمُدة سنة، ووضعنا هدف المنافسة على اللقب، وهو ما تأتى للاعبات نظير العمل الطويل والشاق وصولا لهذا الإنجاز، الذي يعني لي ولهن الكثير.
- حمل الكأس من المغرب، ماذا يمثل لك هذا الإنجاز؟
أكيد أنا سعيدة لتحقيق لقب دوري أبطال إفريقيا للسيدات في بلدي المغرب، لكن للأسف تحقق الأمر أمام فريق مغربي وهو الجيش الملكي، الذي يمثل الكرة النسوية أحسن تمثيل في المحطات القارية، ويضم ثلة من اللاعبات اللواتي اشتغلت معهن في مشروع"دراسة ورياضة" تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
سأقولها بكل صراحة:" كانت الفرحة نوعا ما ناقصة" بالنسبة لي، لأن تحقيق اللقب كان ضد فريق من بلدي.
- هل مررت بأوقات عصيبة خلال البطولة القارية، رفقة تي بي مازيمبي؟
في البداية، أود أن أؤكد بأن الأندية المشاركة في دوري أبطال إفريقيا للسيدات، قوية وحضرت بشكل جيدة للنسخة الرابعة التي أقيمت في المغرب.
والملاحظة الأساسية، هو أن المسابقة دورة بعد الأخرى تٌصبح أصعب وأقوى، فالتنافس خلال نسخة 2024، ليس بالشكل نفسه خلال النسخة الأولى والثانية لـ"تشامبينز ليغ" على سبيل المثال.
هاته النسخة ضمت بالتأكيد فرق قوية، كنادي الجيش الملكي وصان داونز رغم مغادرته المسابقة من مرحلة المجموعات، وإيدو كوينز، دون إغفال نادي مسار من مصر الذي حقق برونزية البطولة.
أكثر الأوقات الصعبة بالنسبة لي كمدربة، كانت الهزيمة أمام الجيش الملكي بثلاثة أهداف مقابل واحد، بالجولة الثانية من مرحلة المجموعات.
كان لدي تخوف كبير من اللاعبات، لأنهن يضعن فرص كثيرة للتسجيل، وهو ما قد يعرضنا للإقصاء رغم تقديم أداء كبير وخلق فرص.
نبهت اللاعب في مرات عديدة لهذا المُعطى، خصوصا وأن الفريق يفتقد للاعبة القناصة.
- ما هو رأيك بخصوص تطور كرة القدم النسوية في القارة السمراء؟
هناك بعض الدول في القارة السمراء، أصبحت تولي اهتماما كبيرا لكرة القدم للسيدات، خصوصا منها الدول الناطقة بالإنجليزية، بدؤوا عملية التأسيس والبناء للكرة النسوية، مثل نيجيريا وأوغندا..
منهم من اعتمد الاستراتيجية المغربية في هذا الصدد مرجعاً، للسير عليه.
- وماذا عن المغرب؟
بالنسبة لتطوير كرة القدم في المغرب، فبلدنا سبق القارة السمراء بمراحل لأن العمل على هذا الجانب انطلق منذ سنوات.
كما أن المغرب سجل نهضة كروية، وأولى اهتماما كبيرا للكرة النسوية في جميع الفئات وأيضا على مستوى الأندية، بعد أن ألزمت الجامعة جميع الأندية، التوفر على فرع خاص بالإناث.
وحسب ما اطلعت عليه، فإن هاته الاستراتيجية التي تسير بها جامعة الكرة لتطوير كرة القدم النسوية ومنحها اهتماما ودعما كبيرا، أصبح يعطى بها المثال في إفريقيا، وهنالك عدد من الاتحادات أخذته قدوة، باعتبار أن المملكة كانت السباقة لذلك.
- إصابة بليغة أنهت مشوارك كلاعبة كرة القدم مبكرا، كيف اخترت تغيير البوصلة صوب عالم التدريب؟
بعد تلك الإصابة القوية، اخترت الابتعاد عن المجال لقرابة الثلاث سنوات، لأن الأمر لم يكن من السهل تقبله، وابتعدت عن ميدان كرة القدم لمدة طويلة.
مررت بمرحلة عصيبة جدا في حياتي، لأنني كنت أعتبر كرة القدم كل شيء بالنسبة لي، فجأة توقفت عن ممارستها اضطراراً بسبب الإصابة وعدم نجاح العملية الجراحية التي خضعت إليها على مستوى الركبة.
في تلك الفترة لم يكن الباب مفتوحا أمام التكوين وتحضير الدبلومات خصوصا بالنسبة لإمرأة عكس ما تعيشه حاليا الكرة النسوية من نهضة وتطور وأيها إهتمام.
خلال مرحلة ما بعد الإصابة، وجدت السند من عائلتي التي طرحت علي فكرة العودة عبر بوابة التدريب، وأكدوا التزامهم بدعمي للتحضير للشهادات التدريبية خارج المغرب، ومن هنا قررت أن أبقى قريبة من عالم الساحرة المستديرة، مدربة هاته المرة وليس كلاعبة.
- كيف وجدت الأجواء والتنافس وأنت تمرين من لاعبة إلى مدربة؟
في تلك المرحلة، كان الأمر صعبا على فتاة أن تجد مكاناً لها وسط الذكور، لقد عشت تحديات عديدة من أجل إثبات إسمي في كرة القدم النسوية خلال البدايات.
وكنت أقول دائما، إن كان على المدربين الرجاء العمل مرة، فأنا علي أن أشتغل 10 مرات، لأجد لي مكانا وسطهم بدون فوارق.
في تلك المرحلة لم تكن هنالك مُدربات لأندية السيدات، والبدايات دائما ما تكون صعبة، لكنها تتطلب في نفس الوقت الكثير من العمل، والصبر وأيضاً عدم الاستسلام.
- بعد أن قدت الفريق إلى تحقيق 4 ألقاب، آخرها كان دوري أبطال إفريقيا للسيدات، هل مشوارك مستمر مع نادي تي بي مازيمبي؟
حالياً، أنا وفريقي مازلنا في فترة فرحة بتحقيق اللقب القاري، وما زلت مُدربة للمجموعة
ما سيحدث مستقبلاً يبقى أمرا غير معروف لحدود الساعة، لكن أنا منفتحة على أي تحديات جديدة لأنني شخص يعشقها:" مازلت مع فريقي بشكل رسمي من هنا القدام معرفتش ايلا جا تحدي جديد علاش لا لأنني محبة للتحديات".
- هل العودة للاشتغال في المغرب مشروع مطروح؟
من المغرب كانت بدايتي لاعبة لكرة القدم، ثم مؤطرة ومُدربة، لقد ساعدتني جامعة الكرة المغربية بشكل كبير على مستوى التكوين ومنحي الثقة لإغناء تجربتي.
وفي أي وقت احتاجني بلدي فلا يمكنني القول لا، فمن هنا كانت بدايتي وصولا لخوض التجربة مع نادي تي بي مازيمبي للسيدات.