شهدت منطقة الشرق الأوسط تصعيدا غير مسبوق ليل الجمعة – السبت، بعد أن نفذت إيران هجوما عسكريا واسع النطاق على أهداف داخل إسرائيل، في رد مباشر على الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل العمق الإيراني.
"الوعد الصادق 3"
وفي الساعات الأولى من فجر السبت، أطلقت إيران أكثر من 150 صاروخا باليستيا ونحو 100 طائرة مسيرة باتجاه مواقع استراتيجية في إسرائيل، ضمن ما سمّته بـ"عملية الوعد الصادق 3"، التي أعلن الحرس الثوري مسؤوليته عنها.
واستهدفت الضربات منشآت عسكرية، ومراكز قيادة، ومناطق مدنية، في كل من تل أبيب وريشون لتسيون ورامات جان، إلى جانب مواقع عسكرية في الجنوب.
ورغم نجاح منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية (حيتس والقبة الحديدية) في اعتراض جزء كبير من المقذوفات، أسفرت الضربات عن مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل وإصابة ما يزيد عن 80 آخرين، بينهم حالات حرجة. كما تسبب الهجوم في انهيار أجزاء من مبان سكنية وإشعال حرائق في مناطق متفرقة.
الرد الإسرائيلي
وعقب الهجوم الإيراني، شنّت إسرائيل غارات جوية مركزة استهدفت مواقع عسكرية إيرانية في طهران وأصفهان ونطنز وكرمنشاه، بما في ذلك منشآت يُعتقد أنها مرتبطة ببرامج الصواريخ الباليستية والنووية.
وأكدت مصادر إسرائيلية أن الضربات نُفذت بالتنسيق بين سلاح الجو ووحدات الاستخبارات، وتم توجيهها بدقة نحو قيادات ومرافق حيوية.
ووفقا لوسائل إعلام دولية، أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل نحو 78 شخصا، بينهم جنرالات رفيعو المستوى في الحرس الثوري، وعلماء نوويون، بالإضافة إلى عدد من المدنيين، بينهم أطفال. كما أظهرت صور الأقمار الصناعية دمارا واسعا في منشآت عسكرية جنوب تبريز وداخل مجمعات تحت الأرض قرب نطنز.
شلل مؤقت في الأجواء وتحذيرات دولية
وردا على التصعيد، أغلقت كل من الأردن ولبنان والعراق مجالاتها الجوية بشكل مؤقت؛ ما تسبب في اضطراب حركة الطيران في الشرق الأوسط، قبل أن يُعاد فتح الأجواء تدريجيا، صباح اليوم السبت. كما تأثرت شبكات تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر، وسط توقعات بتراجع في معدلات الضخ.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى وقف فوري للتصعيد، مشددا على ضرورة تفادي انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة، فيما أعربت الولايات المتحدة عن "قلق بالغ"، ودعت الطرفين إلى ضبط النفس، دون أن تدين صراحة أيّا من الجانبين.
تحوّل في قواعد الاشتباك
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد يمثل تحولا نوعيا في الصراع الإسرائيلي–الإيراني؛ حيث خرجت العمليات من دائرة الظل والاغتيالات السرية إلى ضربات مباشرة واسعة النطاق بين دولتين داخل حدودهما السيادية.
وشكّل التنسيق بين الطائرات دون طيار والصواريخ الباليستية من جهة إيران، والرد الجوي الإسرائيلي العميق، أول مواجهة عسكرية بهذا الحجم بين الطرفين منذ سنوات.
ويحذر خبراء عسكريون من أن تكرار هذه الضربات سيعيد رسم قواعد الاشتباك في المنطقة، ويضع المنطقة أمام احتمالات مفتوحة تشمل انخراط أطراف إقليمية أخرى، لاسيما إذا ما تم استهداف قواعد أمريكية أو منشآت نفطية في الخليج.