استعرض مسؤولون وخبراء بعدد من البلدان العربية والأوروبية، اليوم الخميس، بطنجة، تجارب بلدانهم في مجال رقمنة العدالة، مبرزين أهمية تسهيل ولوج المواطنين إلى مرفق القضاء، وتيسير عمل المشتغلين في هذا المجال.
وأكد المشاركون في ندوة حول موضوع: "خدمات العدالة الرقمية متمركزة حول المرتفق"، انعقدت ضمن أشغال المؤتمر الدولي حول: "التحول الرقمي لمنظومة العدالة.. رافعة لعدالة ناجعة وشمولية"، الذي تنظمه وزارة العدل، بتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يومي 8 و9 فبراير الجاري، الدور الهام للرقمنة في تعزيز العدالة المرتكزة على الإنسان، وضرورة استغلالها كوسيلة تتيح العديد من الفرص الفريدة لتعزيز كفاءة المرفق القضائي وتسهيل الولوج إلى العدالة.
وفي هذا الصدد، استعرضت مديرة التحديث ونظم المعلومات بوزارة العدل، سامية شكري، حصيلة مشاريع التحول الرقمي المنجزة على مستوى الوزارة، مبرزة مجموعة من الخدمات الموجهة للمرتفقين من مواطنين ومقاولات؛ أبرزها بوابة "محاكم" وتطبيقها الذكي، وبوابة وتطبيق طلب استخراج السجل العدلي الإلكتروني، وبوابة تقديم طلبات العفو والإفراج المقيد والأمر بالإفراج، وخدمة الحصول على الجنسية المغربية عن بعد، والمرافعة عن بعد وغيرها من الخدمات.
كما سلطت الضوء على مشاريع أخرى قيد الإنجاز؛ من بينها رقمنة السجل الإلكتروني للتعاونيات، ومنصة تتبع تنفيذ الأحكام في حق أشخاص القانون العام، ورقمنة السجلات المرتبطة بقضاء الأسرة، والمنصة الرقمية للوثائق العدلية، وجملة أخرى من الخدمات التي تساهم في ضمان السرعة والفاعلية والشفافية وتحسين الولوجية إلى المرافق القضائية.
من جهته، أبرز الوكيل المساعد للتطوير والأداء بوزارة العدل السعودية، فهد عبد الرحمن الشريم، تجربة بلاده في مجال التحول الرقمي لمنظومة القضاء، مشيرا إلى أن الوزارة عملت، منذ الإعلان عن رؤية 2030، التي أسفرت عن مجموعة من البرامج والمشاريع، على عدة مبادرات نوعية؛ أبرزها خدمة التقاضي الإلكتروني التي تتيح جميع إمكانيات التقاضي للمرتفقين، من خلال بوابة "ناجز" الإلكترونية، دون الحاجة لزيارة المرافق القضائية.
وأوضح الشريم أن بوابة "ناجز" توفر جميع الخدمات العدلية في ما يتعلق بقطاع القضاء والتوثيق والتنفيذ بطريقة رقمية، من خلال أكثر من 150 خدمة عدلية إلكترونية، يستفيد منها أزيد من 11 مليون شخص من المواطنين والمقيمين والزوار، مشيرا إلى توفر تطبيق هاتفي لهذه الخدمة يتيح الاستفادة من 19 خدمة قضائية؛ من بينها إمكانية متابعة المستفيدين للجلسات القضائية عن طريق الهاتف الجوال، وكذا الاستعلام عن ملفات القضايا التي تخصهم والتكاليف القضائية والأحكام وتقديم طلبات الاعتراض وغيرها من الإجراءات، بشكل إلكتروني.
من جانبه، أوضح نائب كاتب الدولة لشؤون العدل بوزارة العدل البرتغالية، بيدرو فيانا، أن بلاده قطعت شوطا كبيرا في القضاء الإلكتروني وتقريب خدمات القطاع من المواطنين، عبر توفير مجموعة واسعة من الخدمات القضائية بطريقة رقمية لفائدة المواطنين والمؤسسات والشركات، وذلك من خلال رقمنة القضايا في جميع مراحل التقاضي؛ ما ساهم في تعزيز فاعلية المرفق والتخفيف من الأعباء والتعقيدات التي قد تعيق أداء وإنتاجية العديد من المؤسسات والكيانات، لاسيما الاقتصادية منها.
وأشار إلى أن رقمنة الخدمات القضائية أسفرت، ما بين عامي 2018 و2022، عن إنجاز 1,5 مليون عملية أداء رقمي، بقيمة 575 مليون دولار، ومتابعة 8 ملايين قضية في المحاكم، بشكل إلكتروني، وإصدار 220 ألف شهادة قضائية إلكترونيا، مضيفا أن أزيد من 1500 قاعة محكمة تم تزويدها بالتكنولوجيات المساعدة على التقاضي عن بعد، فضلا عن الشروع، مؤخرا، في توظيف الذكاء الاصطناعي لتيسير مهام العاملين بالحقل القضائي.
بدورها، أكدت الأمينة التنفيذية باللجنة الأوروبية لفعالية ونجاعة العدالة، ميريال ديكو، أن الرقمنة أصبحت عنصرا أساسيا في مسار إصلاح منظومات العدالة والرقي بها، بما يخدم المرتفقين ويضمن حقوقهم، لافتة إلى أن الرقمنة ليست غاية في حد ذاتها ولا أداة مضمونة النتائج والفاعلية، بل مجرد وسيلة يجب أن تراعى فيها مجموعة من المبادئ لضمان أداء فعال للمؤسسات القضائية.
وأبرزت دور الرقمنة في تسريع وتيسير الإجراءات القضائية دون التأثير على جودة عمل القضاة والمدعين والمحامين، مشيرة إلى أن اللجنة الأوروبية لفعالية ونجاعة العدالة وضعت رهن إشارة الدول الأعضاء مجموعة من المبادئ التوجيهية الخاصة بالانتقال نحو العدالة الرقمية واستخدام الذكاء الاصطناعي في منظومات العدالة ورقمنة الملفات وغيرها.
يشار إلى أن هذا المؤتمر الدولي يهدف إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال العدالة الرقمية، وإنشاء إطار لمشاركة أفضل الممارسات، وتعميق الحوار حول الفرص التي يوفرها التحول الرقمي في هذا المجال.
ويشهد هذا الحدث مشاركة حوالي 200 من صناع القرار والخبراء رفيعي المستوى من 40 بلدا، يتدارسون خلاله مواضيع؛ من قبيل "تحديات وفرص التحول الرقمي للعدالة"، و"الإطار القانوني والتنظيمي للعدالة الرقمية"، و"منظومة العدالة الرقمية المتكاملة.. تحديات التبادل والتشغيل البيني"، وكذا "العدالة الرقمية المبنية على البيانات".