أطلّقت مؤسستان دستوريتان، هما المجلس الأعلى للتربية والتكوين والتعليم والبحث العلمي والمجلس الأعلى للحسابات، استطلاعا من أجل تقييم "التعليم عن بعد" في التعليم العالي.
المجلس الأعلى للتربية والتكوين والتعليم والبحث العلمي، أوضح في مقدمة استطلاعه أن المبادرة تهدفُ إلى "رصد آراء الطلبة حول نمط التعلم عن بعد الذي وضعته الجامعات المغربية لضمان استمرارية التعلمات خلال فترة الحجر الصحي وبعدها".
ولفتت إلى أن "الاستطلاع يهدف بالأساس إلى تحديد الإنجازات والصعوبات الرئيسية من أجل تحسين جودة هذا النمط من التدريس".
بدوره، أعلن المجلس الأعلى للحسابات عن "إنجاز مهمة تقييم التعليم العالي عن بعد، تهدف إلى تقييم الإجراءات التي اتخذها القطاع الوزاري المكلف بالتعليم العالي والجامعات في إطار التعليم العالي عن بعد، قبل وأثناء جائحة كورونا".
وأضاف المجلس ذاته، أن "التقييم يسعى إلى الاطلاع على آفاق تطوير هذا النمط من التعليم الذي أخذ حيزا من الإصلاحات الجارية، والذي يعتبر حسب القوانين المنظمة للقطاع كمكمل للتعليم الحضوري".
رقابة الأداء
في هذا الصدد، قال محمد معاش، الباحث في العلوم الإدارية والمالية في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، إن "تقييم المجلس الأعلى للحسابات لعملية التعليم عن بعد تندرج ضمن رقابة التسيير، والتي هي اختصاص مخول للمجلس بمقتضى المادة 75 وما بعدها من القانون رقم 62.99 بمثابة مدونة المحاكم المالية".
وأضاف المتحدث ذاته، أن "التوجه الذي أصبح ينهجه المجلس الأعلى للحسابات ينصب حول رقابة الأداء عوض عن الاكتفاء برقابة المشروع وهو توجه يقتدي فيه بالنماذج الأنجلوساكسونية في الرقابة العليا على المال العام، وقيامه بعملية الاستطلاع الموجهة لطلبة حول تقييم عملية التعليم عن بعد تندرج في هذا السياق وتهدف إلى تقييم مبني على مدى تحقيق الأهداف ونجاعة العملية".
وأوضح أن "المجلس سبق له القيام بعملية مماثلة بمناسبة تقييمه استراتيجية المغرب الرقمي 2013، حيث قام بإجراء استطلاع في صفوف الطلبة حول جودة الخدمات المقدمة في إطار برنامج "إنجاز" والذي نشره في فبراير 2014".
لا تعارض لكن يعكس انعدام التعاون
أما في ما يتعلق بمسألة ما إذا كان هناك تعارض بين المجلسين، أبرز محمد معاش أنه "لا نجد من جهتنا أن هناك أي تعارض، حيث أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين يقوم بعملية التقييم انطلاقا مما أتاحه له الفصل 168 من الدستور باعتباره هيئة استشارية لها أن تبدي الآراء في كل السياسات العمومية المرتبطة بالتعليم والتكوين والبحث العلمي".
وتابع: "غير أن إقدام مؤسستين دستوريتين بنفس المهمة يعكس انعدام التعاون والتنسيق بين المؤسسات المتدخلة من جهة، كما أنه يساهم في تقديم وجهات نظر تقويمية مختلفة نظرا لخصوصية تركيبة كل هيئة، ومن جهة هذا الشيء يصبُ في مصلحة البرلمان حيث يساعده ذلك على رقابة السياسات الحكومية، كما يساعد الحكومة ذاتها على تجويد سياساتها وتجاوز العثرات شريطة أن يؤخذ بهذه التقارير بجدية، وأن لا تترك على الرفوف".
الفصل 168
المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، "هيئة استشارية مستقلة أحدثت بموجب الفصل 168 من الدستور؛ مهمتها إبداء الرأي في كل السياسات العمومية، والقضايا ذات الطابع الوطني، التي تهم ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي"، وفق ما أورده الموقع الرسمي للمجلس.
وينص الفصل 168 من دستور 2011 على أنه "يحدث مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، المجلس هيأة استشارية، مهمتها إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي، وكذا حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بهذه الميادين وسيرها. كما يساهم في تقييم السياسات والبرامج العمومية في هذا المجال".
الباب العاشر من الدستور
أورد الفصل 147 من الدستور، أن "المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة، ويضمن الدستور استقلاله، يمارس المجلس الأعلى للحسابات مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة،بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية".
وحسب نفس الفصل، "يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية، ويتحقق من سلامة العمليات، المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ، عند الاقتضاء، عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة".
وتُناط إلى المجلس الأعلى للحسابات "مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات، وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية،وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية".
وأشار الفصـل148 من الدستور إلى أن "المجلس الأعلى للحسابات يقدم مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة؛ ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة".
ووفق نفس الفصل، يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للهيئات القضائية، وللحكومة، في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون، وينشر المجلس الأعلى للحسابات جميع أعماله، بما فيها التقارير الخاصة والمقررات القضائية، ويرفع المجلس الأعلى للحسابات للملك تقريرا سنويا، يتضمن بيانا عن جميع أعماله، ويوجهه أيضا إلى رئيس الحكومة، وإلى رئيسي مجلسي البرلمان، وينشر بالجريدة الرسمية للمملكة، ويُقدم الرئيس الأول للمجلس عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان، ويكون متبوعا بمناقشة.
وأكد الفصـل 149 أن "المجالس الجهوية للحسابات تتولى مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها، وكيفية قيامها بتدبير شؤونها، وتعاقب عند الاقتضاء،عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة، أما الفصـل150 فيه "يحدد القانون اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات، وقواعد تنظيمها، وكيفيات تسييرها".