ما أشبه الأمس باليوم

تيل كيل عربي
ناجي العماري

 نفس الضحية، ونفس المجرم، ذات السياق، وذات البطل، وإن تغيرت الأسماء وملامح الوجوه، فهي لم تتغير معها لا مطامع المجرم ولا

بوصلة الثائر ، البوصلة مازالت تشير إلى أطول ثورة يشهدها التاريخ، تشير إلى أطول رحلة اوديسية…. تشير إلى فلسطين.

القضية الفلسطينية ومنذ سنين، لم تعد قضية شعب يتوق الى الحرية والاستقلال فقط، بل عنواناً لصراع القوى والحضارات، عنوانَ صراع وجودي بين جيوش الإستعباد والتنكيل في مواجهة بنادق التحرير، بين من يهوى القتل ومن يحب الحياة.

“لقد تمّ القضاء على يحيى السنوار … لقد تمّ القضاء على العقل المدبّر لعملية السابع من اكتوبر” هكذا أعلنها قائد جيش نازي، وهكذا عنونت معظم وسائل الاعلام.

نعم، استشهد السنوار، لكنه يحيى، مازال يحيا، وسيضل حياً يحيا كما كل الشهداء الدين سبقوه على درب الكفاح من أجل الاستقلال، لقد غادر درب الحياة مدافعا عن الحق في الحياة، استشهد في معركة مسلحة أطلقها بمعية رفاق دربه من كل فصائل المقاومة، هدفها اعلاء صوت السلام، معركة 7 أكتوبر.

هذه المعركة ليست وليدة المصادفة، ولا لقيطة بدون امتداد في المكان والزمان، لقد انطلقت شرارتها في جو إتسم بالخذلان العربي بعد عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني النازي والتحالف معه وصولا إلى الدفاع عن مصالحه، وهو نفس الجو الذي كان سائداً في العالم العربي بعد نكبة 1948 وهو الذي دفع مجموعة من الشباب حينها نحو انشاء أولى المجموعات الفدائية في قطاع غزة من طرف الشهيد خليل الوزير ابوجهاد والتي نفذت عملية خزان زوهر بتاريخ 25 فبراير 1955 كما وثقه في كتابه “البدايات” ؛ فما أشبه الأمس باليوم .

بالأمس عملية خزان زهور، واليوم عملية 7 أكتوبر، الاثنتان من غزة، والاثنتان في جو عربي يسوده الانبطاح والذل.

لقد تمّ اغتيال يحيى السنوار ابا ابراهيم، كما تمّ اغتيال خليل الوزير أبا جهاد، وياسر عرفات ابا عمار، عبد القادر الحسيني، فؤاد جمجوم، رائد الكرمي، كمال عدوان، ايمن جودة وثابت ثابت واللائحة طويلة، ولن تنتهي المسيرة برحيل القادة، أو كما قال الشهيد الخالد أبو عمار “فخرنا انه كلما سقط منا قائد تبعه آلاف من القادة الجدد”، لن تنتهي لائحة الشهداء من القادة والأطفال إلا برحيل الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية من البحر إلى النهر وعاصمتها القدس الشريف.

لقد رحل عنا اليوم يحيى السنوار، ولكن برحيله لن تنطفئ الثورة، بل ستستمر كما استمرت رغم رحيل كل من سبقوه في مسيرة الإلياذة الفلسطينية، وإذا جسد ياسر عرفات باستشهاده في المنفى أصول التراجيدية الإغريقية، فإن يحيى السنوار قد جسد اليوم أصول المعركة الترموبيلية، وكأن لسان حاله يقول: هنا فلسطين، هنا الأعجوبة التي لن تكف عن إنتاج البطولات جيلا وراء جيل، هنا ارض الرسالات السماوية إلى البشر وهنا ثورة حب الحياة .

نم قرير العين يا سنوار – أبا إبراهيم، لأن الثورة مازالت مستمرة.

مواضيع ذات صلة