أكد هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، اليوم الأربعاء، في الندوة العلمية التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بشراكة مع جامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، حول موضوع "التربية الإعلامية: آفاق وتطلعات"، أن "النيابة العامة تضطلع بأدوار متعددة من أجل حماية المجال الإعلامي، من خلال التصدي للأفعال الماسة بالحقوق والحريات الفردية أو المخلة بالأخلاقيات، التي تتم عبر وسائط الاتصال، ومحاربة التحريض على العنف والكراهية، وغيرها".
وتابع بلاوي أنه، "استحضارا منها لخطورة بعض المحتويات الرقمية التي يتم تداولها في بعض الوسائط الإعلامية، والتي تمس بسمعة الأشخاص وحياتهم الخاصة، أصدرت رئاسة النيابة العامة عدة مناشير ودوريات في هذا المجال تصب في اتجاه حماية حرمة الحياة الخاصة".
كما "قامت النيابة العامة، أيضا، في إطار تصديها للأخبار الزائفة والمضللة التي يتم الترويج لها في بعض وسائط التواصل الرقمي، بتوجيه دوريات في هذا الشأن، بهدف الحد من هذه الظواهر التي تؤثر على أمن وطمأنينة المجتمع"، يضيف الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة.
كما اعتبر بلاوي أن "الفرد لم يعد، اليوم، في معزل عن ثقافة وعادات وقيم الآخر، بل أصبح معه في بوتقة واحدة، بسبب ما تتيحه وسائل الاتصال الحديثة من إمكانيات هائلة في هذا المجال، وما تبثه من مواد إعلامية محملة بمجموعة من القيم والمبادئ المتعددة؛ وهو ما يستوجب ضرورة البحث والتقصي في تأثيراتها لبناء آلية للتربية الإعلامية، خاصة وأن عوامل الانجذاب لها في تزايد مضطرد؛ حيث أصبح الفرد فاعلا أساسيا فيها، من خلال مشاركته في صناعة المحتويات الإعلامية".
وسجل المسؤول القضائي أنه "في ظل الإقبال المتزايد والمفرط، في العديد من الأحيان، على الوسائل الرقمية في الحياة اليومية، طفت إلى السطح إشكاليات ذات أبعاد نفسية واجتماعية وقيمية تمثل تحديات حقيقية للتربية الإعلامية حول مدى قدرتها على مواكبة كل هذه التغييرات، وقدرتها على تطوير آلياتها، بسبب بروز عوائق متعددة لم تكن مطروحة من قبل، بشكل قوي؛ وهو ما يحتم التعامل معها في إطار التوظيف الذكي لآليات التربية الإعلامية التي تمكننا من اكتساب مهارات التعامل مع مختلف الوسائط الإعلامية، بشكل معقلن".
كما أبرز أنه "وعيا من رئاسة النيابة العامة بكون التواصل المؤسساتي يعد من بين الآليات المساعدة التي من شأنها أن تساهم في إذكاء العملية التربوية، التي يمكن أن تقوم بها المؤسسات، في إطار محاربة الأخبار الزائفة، وتمكين عموم المواطنين من المعلومة الصحيحة، وسعيا منها لتنزيل الإستراتيجية التي اعتمدتها في مجال التواصل، بادرت إلى إطلاق برنامج طموح لتكوين القضاة الناطقين باسم النيابات العامة، بشراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال، وفي نفس السياق، وجهت منشورا للمسؤولين القضائيين تحت عدد 9 س ر ن ع، بتاريخ 13 فبراير 2019، تحتهم فيه على ضرورة التواصل مع الرأي العام، وذلك تكريسا للمبدأ الدستوري المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومة، وكذا تنوير الرأي العام حول ما يتم تداوله من أخبار في وسائط الإعلام أو الوسائط الاجتماعية، ذلك تفاديا لانتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة، أو التدخل لتصحيح بعض المعطيات، أو تقديم توضيحات بشأن ما يتم تداوله أو نشره"، مضيفا أن "رئاسة النيابة العامة ستواصل إستراتيجيتها التواصلية في هذا المجال".
وخلص بلاوي إلى أن "التحديات التي يطرحها الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا الرقمية بات يطرح، اليوم، على العملية التربوية وعلى القائمين عليها، ضرورة مضاعفة الجهود، في إطار من الالتقائية، لتطوير مفاهيم وآليات الفعل التربوي، في زمن زحف الرقمنة، وذلك بالانتقال من مفهوم الدفاع المتمثل في حماية المتلقي أو المستعمل من المخاطر السلبية لهذا الاستعمال إلى مفهوم التمكين الإيجابي الذي يهدف إلى تمكين المجتمع من فهم الثقافة الإعلامية المحيطة بهم، وحسن انتقائها، والتفاعل معها في الاتجاه الإيجابي، وهي مسؤولية يتقاسمها الجميع، أفرادا وأسرا ومجتمعا ومؤسسات".