في سياق مواجهة غلاء اللحوم الحمراء بالأسواق المغربية، أصدرت الحكومة قرارا يخص استيراد ما يقارب 20 ألف طن من اللحوم الطازجة والمجمدة، بحلول نهاية السنة الجارية، بهدف تحقيق الاكتفاء، من جهة، وخفض الأسعار، التي عرفت ارتفاعا كبيرا، بسبب تضرر القطيع الوطني، من جهة أخرى.
وفي هذا الصدد، طالب هشام الجوادري، الكاتب الجهوي لتجار اللحوم الحمراء بالجملة بجهة البيضاء-سطات، بـ"عدم بيع الوهم للمغاربة"، فيما يخص أسعار البيع، معتبرا أن استيراد اللحوم الحمراء "ليس بالحل الجيد على المدى البعيد، بل هو حل مؤقت فقط".
وأوضح الجوادري، في تصريح لـ"تيلكيل عربي": "لن نشهد عودة أسعار اللحوم الحمراء السابقة، والتي كانت تتراوح ما بين 60 و70 درهما. وعملية الاستيراد ستساهم في استقرار الأسعار في حدود تتراوح ما بين 75 و90 درهما، بالنسبة للحوم الطرية".
وبخصوص الأسعار الحالية، فقال: "الغنمي داير ما بين 120 و125 درهم بالجملة في المجازر، وفي نقاط البيع، ثمنه ما بين 100 و150 درهم. أما البقري، فثمنه ما بين 90 و92 درهم في المجازر، وفي المحلات، راه كيتباع ما بين 90 و120 درهم".
وأضاف المتحدث نفسه أن "الهدف هو تخفيف الضغط على القطيع المحلي الذي انخفض عدده بشكل كبير، ريثما تصدر قرارات حكومية بخصوص منع ذبح إناث المواشي بشقيها، ونعود إلى تحقيق الاكتفاء، ونصبح غير محتاجين لعملية الاستيراد برمتها".
وأعرب الجوادري عن عدم رضاه عن الكميات المستوردة من اللحوم الحمراء، واصفا إياها بـ"الضئيلة جدا"؛ حيث أرجع السبب إلى "انتظار مجازر الدار البيضاء لموافقة عمدة المدينة، حتى تنخرط في العملية".
أما بالنسبة للحوم المجمدة أو المبردة، فسجل أنها "غير مخصصة للمستهلك المغربي كاللحوم الطرية. وبمعنى أدق، لن يتم توجيهها إلى المحلات التجارية لبيع اللحوم الحمراء بالتقسيط، داخل المدن، بل هي موجهة إلى جميع أنواع المطاعم الجماعية".
وبخصوص فرق الأسعار، أفاد الجوادري بأن "ثمن كيلو واحد من اللحوم المستوردة سيكون أقل بـ10 دراهم فقط من ثمن كيلو واحد من لحوم القطيع المحلي، وليس أكثر من ذلك، كما يظن البعض"، قبل أن يستدرك: "لكن، رغم ذلك، سيساعد هذا الفارق البسيط في تخفيف الضغط واستقرار السعر".
كما سجل أنه "لولا التدخلات التي قامت بها الحكومة، لشهد المغاربة، على المدى القريب جدا، ارتفاعا أكبر في الأسعار"، مطالبا وزارة الفلاحة بـ"فتح باب استيراد اللحوم الحمراء بشقيها، وتبسيط مساطره"؛ حيث قال: "حاليا، نتوفر في المغرب على مليون و300 ألف أو400 ألف رأس بقري، وإن بقي يرزح تحت الضغط، ولم يتم الاستيراد بكميات كبيرة، هاد العدد حتى هو غادي يطير".
وفي رد له على من يشككون في الجودة والقيمة الغذائية للحوم المستوردة، قال المتحدث نفسه: "المواطن دابا تبارك الله ولى كيعرف كلشي. كيوقف قدام المحل كتبانلو الجودة كيقضي الغرض، ما كتبانلوش كيحدر راسو وكيمشي. المستورد هنا هو الحلقة الأهم، آشنو باغي يجيب، ولي بغا يبيع راه كيجيب الجودة".
بالمقابل، اعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن استيراد اللحوم الحمراء "حل جيد، على المدى البعيد"، مضيفا: "الحرفيون، بالطبع، يعتبرون الاستيراد منافسا لهم. الأهداف تختلف، الحرفي يبحث عن الربح، أولا وأخيرا، في حين أن حماية المستهلك والسلطات المعنية هدفهما متمثل في حلول السلم الاجتماعي، من خلال توفر اللحوم في السوق المغربية بأثمنة منخفضة في متناول المستهلك المغربي. نحن في أزمة، والأزمة تتطلب حلولا آنية، والحل الآني في وضعنا هذا هو استيراد جميع أنواع اللحوم".
وتابع الخراطي: "لي مهم هو ملي المغربي يدخل للسوق ويشري لحيمات على قد جيبو، ماشي يشوف اللحم ويغلبو الثمن ديالو".
وأوضح المتحدث نفسه أن "عملية الاستيراد الأولى ستؤثر بـ11 في المائة على انخفاض سعر الكيلو الواحد من اللحوم الحمراء. بمعنى إلا كيدير الكيلو 100 درهم، غيبدا يتباع بـ90 درهم. لذلك، طالبنا بمضاعفة الكميات التي وافقت الحكومة على استيرادها. فإن تحققت الوفرة، سيتراوح ثمن الكيلو الواحد ما بين 60 و70 درهما".
وأضاف: "كما أننا نطالب بعدم توجيه الحيوانات المستوردة إلى الأسواق، بل دخولها من الضيعة إلى المجزرة مباشرة، ما يدخلوش فيها الشلاهبية د السمسارة".
وفيما يخص التشكيك في الجودة والقيمة الغدائية للحوم المستوردة، رد الخراطي: "كرئيس للجامعة المغربية لحقوق المستهلك، وطبيب بيطري ذو خبرة لمدة 30 سنة في مراقبة المنتجات من أصل حيواني في المجازر، أفضل شراء اللحم المستورد بدلا من لحم ما يتم ذبحه فيها. ولمن لا يعرف، ليست جميع المجازر في المغرب خاضعة لمراقبة المصالح البيطرية. شي مرات تيذبحوا بعض الحيوانات وتيخلصوا البلدية وتيخرجوا داكشي بدون خاتم المصالح البيطرية. واش نفضل لحم جاي مهيأ في ظروف سليمة جيدة وحلال، ولا نمشي نشري هاداك اللحم لي ما عرفتش أشمن مرض فيه يقدر يصيبني؟".
وبخصوص اللحوم المجمدة، سجل الخبير البيطري أنها "حل جيد بالنسبة للمطاعم الجماعية؛ مثل المستشفيات والثكنات العسكرية والأحياء الجامعية؛ بحيث يملكون وسائل التخزين والتهييء الخاصة بها، ما يخفف الضغط على السوق"، مسجلا أن "32 في المائة من اللحوم الحمراء تذهب إلى هذا النوع من المطاعم".
كما نبه إلى وضعية القطيع الوطني؛ قائلا: "كاين بعض المناطق بحال أزيلال نقص فيها القطيع بنسبة 80 في المائة، في السنوات ديال الجفاف. هادي راها كارثة! الحيوانات هي بنك الكساب، أما الآن، فهو كيبيع نعجة باش يقدر يوكل نعجة أخرى".
وختم الخراطي تصريحه بالإشارة إلى أنه، بالإضافة إلى توالي سنوات الجفاف، هناك عوامل أخرى لفقداننا للقطيع الوطني، بهذا العدد المهولة، على رأسها سوء تدبير قطاع المواشي، بصفة عامة".