منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، توالى فرض العقوبات الأوروبية والأمريكية بحق موسكو، في انتظار ما إذا كان الغرب سيتجرأ على إشهار السلاح "الأكثر فتكا" في وجهها، وهو استبعاد بنوك روسيا من نظام "سويفت" البنكي العالمي.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن إخراج روسيا من منظومة "سويفت" للتعاملات المالية المصرفية، لا يزال "خيارا" قائما. لكن القرار لا يحظى حتى الآن، بالقبول بين الأوروبيين، معتبرا أن "حزمة العقوبات الأخرى التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا، سيكون لها التأثير نفسه".
وبينما أعلنت فرنسا تأييدها لاستبعاد روسيا من نظام التحويلات المالية، وهو الأمر الذي تشاركه معها دول؛ مثل أوكرانيا، وتشيكيا، وبريطانيا، قالت ألمانيا إنها لا تعارض مثل هذه الخطوة، و"لكنها تفكر في عواقبها".
سر الانقسام
صحيح أن إزالة روسيا من نظام "سويفت" سيجعل من المستحيل تقريبا على المؤسسات المالية إرسال الأموال داخل أو خارج البلاد؛ مما يؤدي إلى صدمة مفاجئة للشركات الروسية وعملائها الأجانب، وخاصة مشتري صادرات النفط، والغاز، المقومة بالدولار الأمريكي. إلا أن هذه العقوبة لن تضر بمصالح روسيا لوحدها فقط، بل وبمصالح الدول الغربية أيضا؛ نظرا لوجود بعض الشركات في روسيا، أو لديها مشاريع مشتركة مع شركات روسية. لذلك، نجد أن بعض الدول الأوروبية لا توافق على هذه العقوبة.
الخيارات والبدائل أمام روسيا
من يظن أن روسيا بقيت مكتوفة الأيدي في السنوات الأخيرة واهم؛ إذ أنها اعتبرت من العقوبات الغربية عام 2014، بعد ضمها لشبه جزيرة القرم، واتخذت خطوات لتخفيف الصدمة إذا ما تمت إزالتها من نظام "سويفت".
وأنشأت موسكو نظام دفع خاص بها اسمه "SPFS"، والذي يستخدمه حاليا، 400 شخص، مع حجم رسائل وعمليات محدود، بساعات أيام الأسبوع، وفقا للبنك المركزي الروسي.
وقد يوفر نظام الدفع والسداد بين البنوك في الصين، بديلا آخر لنظام "سويفت". كما قد تضطر موسكو إلى اللجوء إلى استخدام العملات المشفرة. لكن هذه البدائل ليست جذابة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها إزالة بلد من نظام "سويفت" البنكي؛ حيث سبق أن تم فصل البنوك الإيرانية عنه، في عام 2012، بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليها، بسبب البرنامج النووي للبلاد.
وقُدرت خسارة إيران حينها، بما يقرب من نصف عائدات تصدير النفط، و30 في المائة من التجارة الخارجية.
يشار إلى أن البنك المركزي الأوروبي سبق وحذّر المقرضين الذين لديهم تعامل كبير مع روسيا، من أجل الاستعداد لعقوبات ضد موسكو، وفقا لصحيفة "فاينانشيال تايمز".
ما هو نظام "سويفت"؟
كلمة "سويفت SWIFT" هي اختصار لـ"جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك". وقد أنشئ هذا النظام عام 1973، ومركز هذه الجمعية هو بلجيكا.
يربط نظام "سويفت" 11 ألف بنك ومؤسسة، في أكثر من 200 دولة. ويرسل أكثر من 40 مليون رسالة يومية؛ إذ يتم تداول تريليونات الدولارات بين الشركات والحكومات.
أنشىء نظام "سويفت" من قبل بنوك أمريكية وأوروبية، كانت ترغب في ألا تسيطر مؤسسة واحدة على النظام المالي وتطبق الاحتكار. والشبكة الآن، مملوكة بشكل مشترك، لأكثر من 2000 بنك ومؤسسة مالية. ويشرف عليها البنك الوطني البلجيكي، بالشراكة مع البنوك المركزية الكبرى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبنك إنجلترا.
يساعد نظام "سويفت" في جعل التجارة الدولية الآمنة ممكنة لأعضائها، وليس من المفترض أن تنحاز إلى أي طرف في النزاعات. ومع ذلك، انحازت ضد إيران كما سبق ذكره.
وبخصوص الحظر، تقول "سويفت" إنها لا تملك أي تأثير على العقوبات، وإن أي قرار بفرضها يقع على عاتق الحكومات.