مبدع "ليغينيول" لـ"تيل كيل": ليست الديكتاتوريات وحدها من تكمم أفواه الصحافيين والفكاهيين

تيل كيل عربي

يجلس الكوميدي الفرنسي والمؤلف السابق لحلقات "الغينيول" الشهيرة برونو كاسيو على كرسي استنطاق "تيل كيل"، وهو يمزج بين روح الدعابة والتذاكي الجميل، والصراحة الصادمة، خاصة في ما يتعلق بحرية التعبير ورفض تدخل رأس المال في وسائل الإعلام.

سميت الباك؟

كارلو

سمية أمك:؟

جان

رقم بطاقتك؟

لا أعرف رقم جواز سفري، وأعلن منذ الآن، استعدادي إلى التعرض لكل أشكال التعذيب، إن تطلب الأمر ذلك.

يبدو أنك تأخذ الأمور بجدية أكثر من اللازم، فلنكن إذن لينين معك. بداية شهر ماي قمت بتنشيط ندوة حول الفكاهة في زمن العولمة، وذلك على هامش دوري كولف نظم بالجهة الشرقية، وتحديدا في مدينة السعيدية. إذن ما هذا الخليط كولف وعولمة وفكاهة؟

أجد في هذا الخليط أمرا مثيرا للغاية، فإلى جانب أني أعرف نجم الريكبي عبدالطيف بنعزي، وهو مؤسس جمعية نور منظمة دوري الكولف، فقد وجه لي الدعوة إلى الحضور في هذا الحدث الرياضي. وبما أن المركز الثقافي الفرنسي في مدينة وجدة يشارك في تنشيط هذا الحدث، فقد وافقت على تنشيط هذه الندوة، وهكذا كان، ولا أرى أي تعقيد في الأمر.

حتى 2007، كنت من بين أهم كتاب ومؤلفي حلقات "ليغينيول دو لانفو" أو "الدمى السياسية" الشهيرة، أفلا ترى أنه بعد انسحابك من العمل، بدأت هذه السلسلة في الخفوت؟

منذ أن غادرت عملي، لم أشاهد ولو حلقة واحدة من "ليغينيول دو لانفو"، وتعمدت مقاطعتها حتى لا أجد نفسي مجبرا على الإجابة عن مثل هذا الأسئلة. (ضاحكا).

هل تستمتع بلعب دور المتذاكي؟
لا أبدا، لكن لا يمكنني أن أعلق على برنامج تلفزي لا أشاهده. ثم إن هناك مسألة في غاية التعقيد، وهي أن تحكم على عمل فريق كنت من بين مكونيه، ثم اشتغلت وتعاونت معه لمدة سنوات.
لن اسمح لنفسي بأن أعلق أو أقيم عمل زملائي السابقين، خاصة عبر وسائل الإعلام، هل لك أن تتخيلين ردود فعلهم، وهم يقرؤون انتقادات هنا وهناك؟..

هل توثر على نفسك حتى لا ترد؟ أم أنها قمة التواضع والتضحية من أجل الآخرين؟

لا، بل احتراما لكل الأشخاص الذين يشتغلون اليوم على البرنامج.

لكن وسائل الإعلام تقول إنك مستهدف من طرف مالك القناة فينسنت بولوري، فرغم انسحابك من كتابة حلقات الدمى السياسية، بقيت في قناة "كنال بلوس"، حتى الفراق المفاجئ الخريف الماضي؟

غادرت كنال بلوس في دجنبر 2017، وكما الباقين، اكتشفت عن طريق مقال في جريدة "لو كنار أونشيني" ورود اسمي ضمن قائمة سوداء وشعتها القناة من أجل التخلص منها، واليوم فإن جميع الأسماء الواردة في القائمة غادرت القناة، وأعتقد أن الأمور واضحة هنا.

قبل أن يغادر فينسنت بولوري قمرة قيادة القناة، يقال إنه قام بكل شيء حتى لا يستمر الخط التحريري كما كان في السابق، لدرجة أنه حول حياة الصحافيين الكبار إلى جحيم. ألا تظن أن مثل هذه التصرفات تتنافى مع قيم بلد كفرنسا يتشدق ليل نهار بحرية التعبير وحرية الصحافة؟

فيما يتعلق بحالتي، فبمجرد ما غادرت عملي في القناة، فإن أول ما قمت به، كان سحب انخراطي فيها، إذ عندما قمت بإجراء حساب بسيط لتكلفة انخراطي في القناة، خاصة بعد هيكلتها الجديدة، تبين لي بأن المضمون لم يعد يثيرني ولا يهمني. فلماذا سأدفع انخراطا شهريا لقناة لم ولن أشاهد برامجها.

تعطي الانطباع بأنك تتحدث بالمرموز، هل لك أن توضح أكثر؟

حسنا، في ما يخص سؤالك، فمن البديهي أن تتغير هيكلة أي قناة مع قدوم إدارة جديدة، إدارة لا تريد أن تتعامل وفق القواعد السابقة، ولا تريد أن تتعاون مع الأسماء السابقة التي صنعت اسم القناة. في زمننا هذا، لم تعد البلدان الديكتاتورية وحدها التي تكمم أفواه الصحافة، في فرنسا أغلب المؤسسات الصحافية يحكمها مساهمون أقوياء، وهذا ما يقلب الأوضاع رأسا على عقب.
إذ يجد الصحافيون والفكاهيون ووسائل الإعلام عامة، أنفسهم خاضعين لضغط المال والسلطة، وأمام هذا الوضع لا تجد الفرنسيين يحركون ساكنا، وكأنهم أصيبوا بدورهم بكسل السياسيين.

هل تدعو الشعب الفرنسي إلى التمرد؟

(ضاحكا)، كل ما في الأمر أني أتجرأ على تمني أن يستطيع الفرنسيون التحرك إزاء هذا الوضع المتطلب.
إننا نعيش وضعا تسوده اللامبالاة المطلقة، في وقت تتعاقب فيه الحكومات، سواء كانت من اليمين أو اليسار، دون أن تنجح في تغيير الوضع.
أعتقد أننا اليوم مجبرون على ضرورة إعادة التفكير وإعادة تعريف أنظمتنا السياسية والاقتصادية، وهو ما نحاول القيام به من خلال حزب "هبة جديدة" الذي شاركت في تأسيسه سنة 2013.

لنعد إلى الفكاهة، هل يحق لنا أن نضحك ونسخر من أي شيء وكل شيء؟

إنه سؤال يطرح بقوة وأكثر ما مرة في هذه الآونة الأخيرة، أما فيما يخص وجهة نظري، فأنا مع مبدأ الضحك والسخرية على كل شيء، وأن الحدود الفاصلة أو الخطوط الحمراء يجب أن تكون موكلة للفطرة السليمة أو النية الحسنة، وأيضا إلى بديهة الفكاهي.
صحيح أنه لا يمكننا أن نضحك على حادثة سير قاتلة لحافلة مدرسية، وإلا سنكون في قمة الحقارة والنذالة، لكن أن نتهكم على مدراء الشركات والسياسيين فهو أمر حيوي، وفي هذا الباب كل شيء مباح.

وماذا عن نكت "شارلي" هل تمتعك وتضحكك؟

لقد توقفت عن قراءة الأسبوعية الساخرة "شارلي إيبدو" منذ 1990، وتحديدا عندما تغيرت هيئة التحرير وغيرت معها اسم الأسبوعية.
ولا أريد الخوض كثيرا في هذا الموضوع، فقد كنت صهر جورج بيرنيي الشهير بالبروفسور شورون، مؤسس ومدير نشر "هاري كيري" ثم بعدها "شارلي إيبدو".

ألم يخطر ببالك أن تطلق نسخة مغربية من "ليغينويل"، فأنت بارع في رصد وإبداع الحماقات؟

هناك اصلا نسخ روسية وإسبانية وإيطالية للدمى السياسية أو "غينيول"، فإذا كانت جريدتكم مهتمة وقادرة على الحصول على التمويل الكافي لإخراج هذا التصور إلى حيز الوجود، فأنا على أتم الاستعداد.

حاورته : كوثر الودغيري