اتهم المبعوث الأممي الخاص للهجرة في منطقة المتوسط فنسنت كوشتيل، الاتحاد الأوروبي بـ"التعامي" عن محنة اللاجئين والمهاجرين في ليبيا، ودعا إلى إعادة النظر في سياسة إعادة اللاجئين الذين يتم اعتراضهم قبالة الشواطىء الليبية بعد مقتل 44 شخصا، وإصابة آخرين منهم مهاجرون مغاربة، في ضربة جوية على مركز احتجاز لهم على مشارف طرابلس.
وصف كوشتيل الحادث بـ"المأساوي" وقال انه كان يمكن تجنبه لأن الأمم المتحدة قدمت لجميع أطراف النزاع في ليبيا إحداثيات المواقع الجغرافية لجميع مراكز احتجاز اللاجئين.
وأضاف "إن مركز الاحتجاز هو مركز عسكري سابق. ومن غير المناسب وضع أشخاص في احتجاز تعسفي. ونحن نعلم بوجود مخاطر التعرض لهجمات ما وحدوث أضرار جانبية سواء كانت متعمدة أم لا. ولذلك دعونا إلى إغلاق المركز، ولكن لم يستمع إلينا أحد".
وأكد أن هناك "تعاميا" من قبل الدول الأوروبية بشأن وضع اللاجئين في ليبيا "الذي يتدهور منذ أشهر".
وقال إن الأعمال القتالية الأخيرة تسببت في تدهور الوضع "ولا يمكن الاستمرار في التعاون بشأن إعادة اللاجئين إلى ليبيا". وأضاف "لقد قلنا مرارا أنه يجب عدم إعادة اللاجئين إلى ليبيا لأن الناس يختفون بين نقاط نزولهم ومراكز الاعتقال".
وأوضح "بعض الأشخاص يتم اقتيادهم إلى مراكز الاحتجاز حيث يتعرضون لسوء المعاملة ويحتجزون تعسفيا، بينما ينتهي الأمر بآخرين بتأجيرهم أو بيعهم لأصحاب الأعمال".
وأشار إلى أنه بسبب ازدياد صعوبة تهريب البشر من ليبيا بالقوارب منذ منتصف الصيف الماضي، يحاول المهربون تحصيل "استثماراتهم" بطرق أخرى.
وقال "لقد سمعنا روايات من مهاجرين قالوا ان عائلاتهم في أوطانهم دفعوا فديات ثلاث مرات لإخراجهم من مراكز الاحتجاز".
وأضاف "والآن يتعرض اللاجئون والمهاجرون المحتجزون في تلك المراكز للموت لأنهم أصبحوا رهائن للوضع السياسي والعسكري الذي لا يستطيعون السيطرة عليه".
وقال المبعوث الأممي الخاص أنه وجد في زيارته الأخيرة لتلك المراكز حالات لسوء التغذية الحاد لدى البالغين، فبعض الأشخاص "يعانون من الهزال الشديد" مثلما كان يحدث في معسكرات احتجاز في البوسنة أو في ظل حكم الخمير الحمر.
وأضاف "السلطات الليبية تقول انها لا تملك المال لإطعامهم في مراكز الاحتجاز. والمنظمات الإنسانية تقول 'هذه ليست مسؤوليتنا' لأن هؤلاء اشخاص محتجزون اعتباطيا ويجب أن لا نشجع هذا النظام من خلال إطعام الناس".
وتابع "نرى بعض الطعام يصل إلى المراكز. وهناك سيناريوهان: إما أن أصحاب الأعمال يأتون للبحث عن مهاجرين للعمل مجانا ويحضرون بعض الطعام للمحتجزين مقابل ذلك، وإما أن المحتجزين يدفعون المال مقابل الطعام مثلما يقول بعض المهاجرين في مراكز الاحتجاز".
وقال إنه في مراكز الاحتجاز التي تديرها السلطات أو "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر شرقا، هناك حالات من اساءة المعاملة والضرب والإصابات.
وأشار إلى أن هذا يكون أحيانا شكلا من أشكال "العقاب" أو "لابتزاز الأموال"، وأحيانا لا يكون الحراس هم من يرتكبون أعمال العنف أو التعذيب بل إنهم يطلبون من بعض المحتجزين تنفيذ ذلك بحق محتجزين آخرين وخاصة فيما يتعلق بـ"التعذيب الجنسي".
وقال إن أسوأ أنواع التعذيب تحدث في مراكز الاحتجاز السرية "فقد أبلغنا الأشخاص الذين فروا من بني وليد، مركز المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى الساحل، عن وجود عشرة عنابر يحتجز فيها المهاجرون أو اللاجئون".
وأضاف أن نحو 500 شخص يحتجزون في كل عنبر، ولذلك فإن عددهم الإجمالي يبلغ نحو خمسة آلاف مهاجر.
وأضاف "مهربو البشر يطلبون من جمعية دينية محلية نقل الجثث من المركز، حيث يتم نقل خمس جثث أسبوعيا بحسب تعداد جرى مؤخرا. الوضع فظيع".
وأكد كوشتيل أن على فريق القيادة الأوروبية الجديد الضغط مجددا على السلطات الليبية وجميع أطراف النزاع لطرح بديل لنظام الاحتجاز التعسفي.
وقال إن الأمم المتحدة "يمكن أن تساعد السلطات الليبية في إدارة نظام بديل لا يرقى إلى الاحتجاز التعسفي".
وأضاف "نحتاج إلى نظام واضح وسريع لإنزال الأشخاص الذين يتم انقاذهم من البحر، ولمحاسبة المسؤولين على طريقة معاملتهم".
وتابع "فور إنزال المهاجرين يجب اعادة الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى حماية دولية إلى بلدانهم فورا بعد توفير الدعم اللازم لهم".
وأضاف "أما الأشخاص الذين هم بحاجة الى حماية دولية، فيجب وضع آلية توزيع أكثر فعالية من المتبعة حاليا في الاتحاد الأوروبي والقائمة على وصول قارب تلو الآخر".
وقال انه رغم أن إيطاليا وفرنسا وغيرها من الدول قامت بجهود لتعزيز قدرات خفر السواحل الليبيين، إلا أن ذلك لم يتم من خلال الأعراف المعتادة بما في ذلك التأكيد من الموارد المستخدمة وكيفية تصرف حرس السواحل وغير ذلك.
وأضاف أن "معظم عناصر حرس السواحل الليبيين هم بحارة يقومون بعمل جيد، ولكن هناك عددا من العناصر الإجرامية المشاركة في العملية ويتصرفون بحصانة تامة".
وقال إنه بالرغم أنه يتفهم مصالح أوروبا الاستراتيجية، إلا أن علينا أن نتحرك لحل المشكلة.
وتساءل "هل تم حل المشاكل التي تدفع الناس إلى التوجه إلى ليبيا؟ هناك حاليا 19 نزاعا في القارة الأفريقية. ونحن نرى الوضع في بوركينا فاسو ومالي يتدهور، كما أن الوضع في السودان غير مستقر بتاتا".
واختتم بالقول "لدينا بالفعل أزمات كبيرة تتكشف في جميع المناطق المحيطة بليبيا وتتسبب في انتقال الناس. علينا أن نعالج المشاكل الأساسية".