اتهم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، روسيا، اليوم الأحد، بارتكاب "إبادة جماعية" في أوكرانيا؛ حيث اتهمت القوات الروسية بتنفيذ "مجزرة متعمدة" في بوتشا، غداة العثور على عشرات الجثث في المدينة الواقعة في شمال غرب كييف، بعد تحريرها من القوات الروسية؛ ما أثار تنديد مسؤولين غربيين.
ويسعى مسؤول كبير من الأمم المتحدة، اليوم الأحد، في موسكو، للتوصل إلى "وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية" في أوكرانيا، فيما سمعت سلسلة انفجارات في مدينة أوديسا الساحلية.
واتهم زيلينسكي في مقابلة ستبث في وقت لاحق، اليوم الأحد، في الولايات المتحدة، القوات الروسية بارتكاب "إبادة" في أوكرانيا.
وقال لقناة "سي بي إس" الأمريكية، بحسب مقتطفات من المقابلة: "هذه إبادة جماعية. إلغاء الأمة الكاملة والناس"، مضيفا: "نحن مواطنو أوكرانيا. لدينا أكثر من مئة جنسية. هذا يعني تدمير وإبادة كل هذه الجنسيات".
وأعلنت أوكرانيا أن القوات الروسية تنسحب من مدن أساسية في محيط العاصمة كييف، وتشيرنيهيف في الشمال، لإعادة الانتشار في الشرق والجنوب، بهدف "الحفاظ على السيطرة" على المناطق التي تحتلها هناك.
وبعد أكثر من شهر على بدء الهجوم الروسي، أعلنت مساعدة وزير الدفاع الأوكراني، غانا ماليار، أمس السبت، "تحرير إيربين، وبوتشا، وغوستوميل، ومنطقة كييف بكاملها من الغزاة".
لكن زيلينسكي أفاد على "فيسبوك" أن الروس بانسحابهم، سواء "من تلقاء أنفسهم"، أو بعد معارك، يتركون خلفهم "خرابا كاملا والكثير من المخاطر". كما حذر من "تواصل القصف"، متهما العسكريين الروس بـ"تلغيم الأراضي التي ينسحبون منها ومنازل وذخائر وحتى الجثث".
وعبرت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، اليوم الأحد، عن صدمة إزاء ظهور أدلة جديدة على قتل مدنيين في أوكرانيا، وحذرا من أن تراجع القوات الروسية من محيط كييف قد لا يكون إشارة إلى انسحاب تام، أو إنهاء للعنف في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، اليوم الأحد، لقناة "سي إن إن": "لا يسعك إلا التعامل مع هذه الصور، بوصفها ضربة مؤلمة"، مضيفا: "هذا هو واقع ما يحصل كل يوم، ما دامت وحشية روسيا ضد أوكرانيا مستمرة".
وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، اليوم الأحد، أنه "ليس متفائلا جدا" بشأن ما تقوله روسيا عن سحب قواتها من محيط العاصمة الأوكرانية كييف.
وقال لقناة "سي إن إن": "ما نراه ليس تراجعا، بل نرى أن روسيا تعيد تمركز قواتها"، مضيفا: "ينبغي ألا نكون مفرطين في التفاؤل لأن الهجمات ستتواصل ونحن قلقون أيضا بشأن احتمال تزايدها".
وقال المستشار الألماني، أولاف شولتس، في تصريح مقتضب نقله مكتبه الاعلامي: "علينا تسليط الضوء في شكل كامل على هذه الجرائم التي ارتكبها الجيش الروسي"، مشددا على "وجوب محاسبة مرتبكي هذه الجرائم ومن خطط لها"، ومطالبا خصوصا بإفساح المجال أمام منظمات دولية لدخول المنطقة، "لتوثيق هذه الفظائع".
واستنكر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الأحد، الصور "التي لا تحتمل" من بوتشا الأوكرانية، مطالبا بمحاسبة "السلطات الروسية".
ودعت وزيرة الخارجية البريطانية، ليزتراس، اليوم الأحد، إلى التحقيق في الهجمات الروسية على مدنيين أوكرانيين، باعتبارها "جرائم حرب"، مع تزايد الأدلة على ارتكاب "أعمال مروعة" في مدينتي إيربين وبوتشا.
وأعرب رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، اليوم الأحد، على "تويتر"، عن "صدمته حيال الصور المخيفة للفظاعات التي ارتكبها الجيش الروسي في منطقة كييف المحررة"، مضيفا أن "الاتحاد الأوروبي يساعد أوكرانيا والمنظمات غير الحكومية في جمع الأدلة الضرورية لملاحقات أمام المحاكم الدولية"، في إشارة إلى تحضير المزيد من العقوبات الأوروبية والدعم.
من جهته، قال أناتولي فيدوروك، رئيس بلدية بوتشا التي استعادها الأوكرانيون من القوات الروسية، إن "كل هؤلاء الأشخاص أعدموا، قتلوا برصاصة في مؤخر الرأس"، مشيرا إلى دفن نحو 300 شخص "في مقابر جماعية".
وأضاف: "في بعض الشوارع، نرى 15 إلى 20 جثة على الأرض. لكن لا يسعني أن أقول كم من الجثث لا تزال في أفنية المنازل وخلف الأسوار"، موضحا أنه عثر على عدد من القتلى مكبلي الأيدي بواسطة شريط قماش أبيض يستخدم للإشارة إلى أنهم غير مسلحين.
وشهدت بوتشا ومدينة إيربين المجاورة بعض أعنف المعارك منذ بدء الغزو في 24 فبراير، فيما كانت القوات الروسية تحاول تطويق كييف، وتعرضتا لقصف مركز تسبب بدمار كامل.
ومن المنتظر أن يزور مسؤول في الأمم المتحدة موسكو، اليوم الأحد، سعيا للتوصل إلى "وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية"، في وقت أسفرت الحرب حتى الآن عن سقوط آلاف القتلى وشردت أكثر من 4,1 ملايين أوكراني.
وكانت روسيا حتى الآن، ترفض أي زيارة لمسؤول كبير في الأمم المتحدة يكون موضوعها الرئيسي أوكرانيا.
من جهة أخرى، أكد كبير المفاوضين الأوكرانيين في مفاوضات السلام مع روسيا، ديفيد أراخاميا، أمس السبت، أن موسكو وافقت "شفهيا" على المقترحات الأوكرانية الرئيسية، باستثناء مسألة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا العام 2014، مضيفا أن كييف تنتظر تأكيدا خطيا.
غير أن روسيا هددت الجمعة بتشديد موقفها في المفاوضات، بعد ضربة على أراضيها اتهمت أوكرانيا بشنها بواسطة مروحيات.
وبعدما تعذر تنظيم عمليات إجلاء سكان على مدى أسابيع، بدأ إجلاء أعداد محدودة، وأعلنت نائبة رئيس الوزراء، إيرينا فيريشوك، مساء أمس السبت، على "تلغرام"، أن حوالى "1263 شخصا" انتقلوا من ماريوبول وبيرديانسك إلى زابوريجيا بوسائلهم الخاصة، فيما انطلقت قافلة من عشر حافلات تقل 300 من سكان ماريوبول. كما جرت عمليات إجلاء أخرى في شرق البلاد.
على صعيد آخر، لا تزال القوات الروسية "تحاصر جزئيا مدينة خاركيف" ثاني أكبر مدن أوكرانيا في الشرق، حيث تتعرض المناطق الصناعية والسكنية على السواء لقصف مدفعي، وفق هيئة أركان القوات الأوكرانية التي تشير رغم ذلك إلى تراجع في حدة القصف.