دعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الأربعاء، بالرباط، إلى تعزيز مكانة قطاع المعادن، ولاسيما المعادن الإستراتيجية والحرجة، وذلك بالنظر إلى الأهمية الحاسمة، التي تضطلع بها في تعزيز السيادة الصناعية للمغرب.
وأبرز الشامي، خلال لقاء تواصلي خصص لتقديم خلاصات رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول موضوع "المعادن الإستراتيجية والحرجة.. قطاع في خدمة السيادة الصناعية للمغرب"، أن تناول هذا الموضوع يأتي في سياق دولي مطبوع بارتفاع الطلب على هذه المعادن، التي لا غنى عنها للتصنيع، وتسريع الانتقال الطاقي والرقمي، وكذا توطيد أسس السيادة الغذائية والعسكرية.
وتابع أن مجموعة من هذه المعادن تتسم بندرتها وهشاشة سلسلة توريدها، لاسيما بفعل الديناميات الجيو-إستراتيجية والسياسية، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية.
وبالنسبة للمغرب، قال الشامي إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يقارب هذه المسألة، وفق رؤية استشرافية لمنظومة هذه الفئة من المعادن وتأثيرها على التصنيع والتنمية بالمملكة، مشيرا إلى أن التسريع المبرمج لإزالة الكربون عن الاقتصاد الوطني يتطلب تثمين هذه الموارد المعدنية، والتي يتوفر عليها المغرب جزئيا، وفق مقاربة مندمجة ومستدامة.
كما سلط، في هذا السياق، الضوء، على المؤهلات، التي يزخر بها المغرب، في هذا المجال، بفضل قطاع منجمي مرن يساهم في الصادرات الوطنية بنسبة 26 في المائة من حيث القيمة، وفي الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 10 في المائة، فضلا عن توفير حوالي 49 ألف و500 منصب شغل مباشر، مسجلا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اقترح لائحة أولية ذات طبيعة استكشافية تضم 24 معدنا إستراتيجيا وحرجا بالنسبة للمغرب، بما فيها 7 معادن يتم استغلالها بالمملكة، وذلك مع معالجة قضايا تأمين الولوج إلى هذه الأنواع من المعادن، وكذا طريقة تدبير هذه الموارد.
ولفت إلى أن المجلس توقف أيضا، عند أهمية تثمين الإنتاج الوطني، والتموقع، بشكل ملائم، في سلاسل القيمة الوطنية والعالمية، وتعزيز الطابع المسؤول والمستدام لاستغلال وتثمين هذه الموارد.
وفي المقابل، تطرق الشامي إلى نقاط الضعف البنيوية، ونموذج موجه أساسا لتصدير المواد الخام أو المركزة (باستثناء الفوسفاط والكوبالت أساسا)، وهو ما يعيق تطوير منظومة المعادن الإستراتيجية والحرجة بالمغرب.
وبحسب الشامي، فإن المغرب لا يتوفر على إنتاج أو تثمين محليين، لا أولي ولا ثانوي عبر إعادة التدوير، وبذلك يظل التموين عبر الاستيراد البديل الوحيد، إلى جانب خطر عدم الاستقرار السياسي لبعض البلدان المنتجة الرئيسية للعديد من المعادن، التي تعتبر حرجة بالنسبة للمغرب.
وفي ما يتعلق بالعقبات ذات الصبغة العرضانية، التي تعترض مجمل قطاع المعادن، استحضر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي محدودية عدد المناجم ووحدات المعالجة في هذا القطاع، وغياب التحفيزات الجبائية الخاصة بالأنشطة المنجمية، وبطء وتعقيد المساطر المتعلقة بتدبير المخزون المعدني، وكذا الصعوبات المرتبطة بالولوج إلى التمويل الملائم، لاسيما بالنسبة للمقاولات المنجمية الصغيرة؛ مما يجبر الفاعلين على تولي مسؤولية أنشطة الابتكار بأنفسهم.
ولمواجهة هذا التحدي، وانسجاما مع الطموحات المسطرة ضمن النموذج التنموي الجديد، قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من التوصيات، التي من شأنها تمكين قطاع المعادن الإستراتيجية والحرجة من الاضطلاع بدورها كاملا، كمساهم مسؤول في التنمية والسيادة الصناعية للبلاد.
وتتعلق هذه التوصيات بستة مجالات ذات أولوية من شأنها تحسين أداء قطاع المعادن من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لاسيما من خلال تشجيع الاستثمار في الاستكشاف المنجمي، وتأمين وتنويع مصادر توريد المعادن الإستراتيجية والحرجة، فضلا عن توفير مخزون إستراتيجي وطني للأمن المعدني.
كما يتعلق الأمر بوضع تدابير دعم خاصة لتشجيع بروز صناعة لإعادة تدوير المعادن والنفايات الصناعية، وكذا تعزيز الطابع الشمولي والمستدام لقطاع المعادن.