صادق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على توصيات، يهدف من ورائها إلى المساهمة في توضيح الرؤية، حول الإصلاح الجبائي الذي يتطلعه إليه المغرب، الذي يستعد لتنظيم مناظرة حول الجباية بين 3 و5 ماي المقبل. ويدعو المجلس إلى إدراج الإصلاح المشار إليه وفق منظور بعيد المدى وبناءً على منطق التدرج، حتى يتسنى إضفاء ما يلزم من الفعالية والنجاعة على النظام الضريبي وجعله يساهم في الدفع بعجلة الاقتصاد.
و يجب أن يسمح هذا الإصلاح، حسب رأي المجلس، بالخروج من سيادة منطق التوازنات بين المصالح القطاعية والفئوية، دون انسجام أو تكامل، والذي كان سببا في القصور المسجل، والعمل في المقابل على خلق إطار مواتٍ تلتقي فيه المصالح المشتركة ويعود نفعها على أكبر عدد ممكن من المستفيدين.
ورصد المجلس، الأربعاء الماضي، الحدود التي يعاني منها النظام الضريبي الحالي، حيث توقف عند الإكراهات التي تفضي إلى أوجه القصور والتي تتمثل في:
- هيمنة اقتصاد الريع واللجوء بكثرة إلى منح الامتيازات من أجل تنمية الأنشطة الاقتصادية، مما يؤدي إلى انعدام النجاعة وضعف القيمة المضافة ويساهم في استمرار التفاوتات الاجتماعية والمجالية؛
- التركيز القوي الذي يطبع الاقتصاد، ويتجلى ذلك في العدد المحدود للمقاولات، والتي تُولد ثروة وطنية تتسم بدورها بالمحدودية. ورغم تسجيل المغرب لمعدل استثمار يعتبر من بين أعلى المعدلات في العالم (أكثر من 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنويا) ورغم استمرار ضخ تلك الاستثمارات على مدة طويلة، إلا أن المملكة لاتزال مصنفة ضمن البلدان متوسط الدخل من الفئة الدنيا.
- استمرار التفاوتات، في سياق يُنظر فيه إلى السياسات العمومية والخدمات التي توفرها الدولة على أنها ضعيفة ولا تستجيب للحاجيات والانتظارات المشروعة للساكنة، ويتسم فيه معدل النشاط بالتراجع مع استمرار معدل البطالة في مستوى مرتفع. وهو سياق أضحى مطبوعا بالرفض المتزايد للمواطنات والمواطنين للتفاوتات الصارخة، إذ باتوا يوظفون التكنولوجيات المتوفرة ويغتنمون سهولة الولوج إلى وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي من أجل ابتكار أشكال جديدة للتنظيم والتعبير عن رفضهم.
- عدم استقرار النظام الضريبي، وذلك جراء إدراج العديد من المقتضيات الضريبية في قوانين المالية المتعاقبة، وهو ما يُفقد المنظومة الجبائية وضوحها وانسجامها. ومما يزيد من حدة هذه الظاهرة، اعتماد مقتضيات ضريبية نتيجة ضغوطات أو مفاوضات ناشئة عن رغبة في الدفاع عن مصالح فئوية و/أو قطاعية (وهي مصالح قد تكون مشروعة، غير أن مقاربتها لا تكون بالضرورة وفق منطق يرمي إلى تحقيق الالتقائية والانسجام مع مصالح باقي الفاعلين أو مع المصلحة العامة)؛
- غياب كبير لروح المواطنة الضريبية وعدم قبول أداء الضريبة : لما كان النظام الضريبي بالمغرب قائما أساسا على مبدأ الإقرار، فإن جزءاً مهما من الخاضعين للضريبة لا يزالون لا يقدمون إقراراتهم الضريبية بصفة تلقائية، كما أن العلاقة بين إدارة الضرائب والخاضعين للضريبة لا تزال في الغالب علاقة متوترة، وذلك رغم الجهود المهمة التي تم بذلها خلال السنوات الأخيرة من أجل تحسينها، لاسيما في ما يتعلق بنزع الطابع المادي عن الإجراءات الضريبية وتوضيحها وتبسيطها.
- الطابع المعقد للنظام الضريبي وضعف فعالية بعض الضرائب والاقتطاعات. وتتجاور الترسانة الضريبية الوطنية مع نظام للجبايات المحلية ينطوي بدوره على إشكاليات أكثر حدة، وذلك بسبب طابعه المعقد، وعدم انسجام مكوناته وقلة نجاعته وكذا ضعف حكامته.
ويقترح المجلس إرساء نظام جبائي جديد منسجم كل الانسجام مع السياسات العمومية الأخرى، وذلك من أجل خلق القيمة المضافة الوطنية وتوفير فرص الشغل اللائق وضمان الإدماج الاجتماعي وإضفاء الوضوح على المنظومة ككل. وبذلك، سيشكل هذا النظام الضريبي المنشود رافعة أساسية لبناء النموذج التنموي الجديد، والذي ينبغي أن يسمح بالأساس بما يلي :
- ضمان شفافية وفعلية تطبيق القواعد على الجميع، في إطار من الإنصاف والمساواة؛
- إعادة توجيه منظومة خلق القيمة المضافة نحو الاقتصاد المنتج؛
- تشجيع الابتكار والصعود في سلسلة القيمة؛
- تقليص التفاوتات الاجتماعية والمجالية؛
- تكثيف النسيج الاقتصادي وتحرير الطاقات الكامنة وتشجيع بروز جيل جديد من الفاعلين السوسيواقتصاديين.
و يقترح المجلس، من أجل رفع تلك التحديات، إرساء نظام ضريبي شامل يتمحور حول جملة من الأبعاد الرئيسية والمتلازمة. وهي أبعاد تنبني على منطق من التكامل والانسجام القوي، يُيَسِّرُ تفعيل النظام المقترح وفق مقاربة إرادية وعقلانية. إن هذا الإصلاح الموصى به، يرمي إلى خلق الالتقائية بين المصالح المشتركة لأكبر عدد ممكن من الفاعلين. ومن شأنه المساهمة بقوة في إرساء تنمية أكثر اطراداً وأكثر إدماجا وإنصافا، ترتكز على مبادئ الدستورية وعلى الإعمال الفعلي لدولة الحق والقانون. وهو ما يدفعه إلى رفع توصيات ترمي إلى
- وضع نظام ضريبي مندمج يتناول الاقتطاعات الضريبية والاقتطاعات الاجتماعية في شموليتها ويراعي مستلزماتهما المتعلقة بإعادة التوزيع والتضامن. ولتحقيق هذا الهداف، ينبغي تعزيز الإصلاح الضريبي بإصلاح عميق يهم أيضا منظومة الحماية الاجتماعية، بما يمكن من ضمان تغطية اجتماعية جيدة يستفيد منها جميع المواطنات والمواطنين طيلة حياتهم، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي ومسارهم أو وضعيتهم المهنية. إذ لا يمكن الاستمرار في ربط الحماية الاجتماعية فقط بالاقتطاع عن العمل. ولا شك أن هذا الأخير سيظل يشكل مصدرا لتمويل نظام التغطية الاجتماعية، لكنه لا ينبغي أن يظل المصدر الوحيد. وفي هذا الصدد، يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتخصيص ما بين 2 إلى 4 نقاط من الضريبة على القيمة المضافة، لضخها في صندوق للتضامن الاجتماعي يمكن استخدام موارده بشكل خاص لتمويل المساعدات والتغطية الاجتماعية. وينبغي أن يراعى خلال وضع كيفيات برمجة تخصيص هذه الاعتمادات تطور الوعاء الضريبي ومدى تقدم واستقرار نظام الحياد التام للضريبة على القيمة المضافة.
- إرساء ميثاق ضريبي قوامه الثقة يشجع على الانخراط في المنظومة الضريبية المنشودة ويرسخ وضوحها وسهولة الولوج إليه وقبولها من لدن الجميع. وتروم هذه المقاربة تيسير ضبط النظام الضريبي في شموليته، وضمان معالجته الآلية على نطاق واسع، والحد من هوامش التأويل والتقدير المخولة للإدارة، وإضفاء الطابع القانوني على المعايير والأسس الضريبية وتعزيز المراقبة الضريبية سواء على مستوى معايير الاستهداف أو كيفيات التنفيذ. ويقتضي إعمال الميثاق العمل على :
- توسيع الوعاء الضريبي، من خلال تفعيل المبدأ الدستوري الذي ينص على مساهمة جميع الأشخاص الذاتيين والاعتباريين في تحمل التكاليف العمومية، كل على قدر استطاعته. ومن شأن بلوغ هذا الهدف أن يحفز على الانخراط في دينامية الإصلاح المنشود، والتي ينبغي تعزيزها بجهود التكفل بالفئات ذات الدخل المحدود. وبغية تعزيز هذا الإصلاح بضبطٍ أفضل للوعاء الضريبي، يتعين مواصلة تعزيز وتقوية آليات الولوج والتدقيق المتبادل للمعطيات الجبائية؛
- تطبيق ضريبة منخفضة وجزافية على الأنشطة ذات الدخل المحدود، من أجل تخفيف العبء على هذه الفئة من الخاضعين للضريبة وتبسيط المنظومة الضريبية بالنسبة إليها (يمكن على سبيل المثال فرض ضريبة سنوية تتراوح بين 1.500 و4500 درهم). وهكذا، يمكن أن تخضع هذه الفئة، بشكل اختياري، لهذه الضريبة الجزافية، مع فتح المجال أمامها للانخراط في منظومة التغطية الاجتماعية وإعفائها من جميع الضرائب والأعباء الأخرى. ويقترح دعم هذه الفئة ذات الدخل المحدود لتمكينها من هيكلة أنشطتها وحمايتها من جميع المصاعب التي قد تواجهها بل وحتى من مظاهر التعسف التي قد تتعرض لها.
- العمل على تطوير صفة المقاول الذاتي، بحيث تأخذ في الاعتبار الواقع الاقتصادي، مع دراسة إمكانية إدماج بعض مناصب الشغل (بين 2 و3 أشخاص) إلى جانب المقاول الذاتي؛ وإدماج الحرفيين، وضمان الاستفادة من خدمات الدعم والمواكبة، بما يكفل هيكلة أكثر متانة؛
- دعم القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة، من خلال سن ضريبة للأُسَر تكون أكثر ملاءمة وتأخذ بعين الاعتبار وجود أشخاص معالين، على أن يتم تعزيزها بتعويضات عائلية أكثر ملاءمة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر، بما في ذلك تلك التعويضات المتعلقة بتمدرس الأطفال.
- مأسسة تقاسم "ثمار توسيع الوعاء الضريبي"، وفق "قاعدة الثلث". وفي هذا الصدد، يُقترح توزيع كل ارتفاع لحجم المداخيل الضريبية الذي يتجاوز نسبة 3 في المائة، التي تعتبر نسبة ضرورية للحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية وتمويل السياسات العمومية، على النحو التالي:
- تخصيص 1/3 (ثلث)، كمبلغ إضافي، لتعزيز ميزانية التمويل العام للسياسات العمومية؛
- تخصيص 1/3 (ثلث) لضخه في الصندوق الاجتماعي، بما يعزز قدرات التمويل التي تتيحها أنظمة التغطية والمساعدات الاجتماعية؛
- تخصيص 1/3 (ثلث) لتخفيض نسب الضريبة المعتمدة في سن الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات.
- التحفيز على الخروج من هيمنة اقتصاد الريع وتوجيه الامتيازات والتحفيزات الضريبية نحو ما يلي:
- ربط مستوى الحماية بمستوى فرض الضريبة، ينبغي أن تكون مساهمة القطاعات والأنشطة التي تستفيد، بحكم طبيعتها، من الحماية أكبر مقارنة بالقطاعات والأنشطة التي لا تتمتع بالحماية- يتعين أن تراعي الضريبية التصاعدية على الشركات هذا البعد.
- دعم الابتكار والبحث والتطوير، لاسيما عبر وضع نظام لمَنْحِ مساعدات وتحفيزات ضريبية عن أعمال البحث والتطوير، إلى جانب اعتماد آليات أخرى لدعم الأنشطة المبتكَرة وذات القيمة المضافة العالية.
وبخصوص الامتيازات والتحفيزات، خاصة الضريبية، يتعين العمل على احترام القواعد الأساسية التالية:
- يجب أن تكون الاستفادة من الامتيازات مشروطة بخلق القيمة ومناصب الشغل، وفق توقعات محددة وبناء على منجزات قابلة للقياس (كل سنة على حدة)؛
- تجنب منح امتيازات لفائدة أنشطة قد يترتب عنها انعكاسات سلبية تؤدي إلى الإضرار بقطاعات أخرى، ومن ثم تحول دون إرساء دينامية حقيقية للتنمية؛
- تنقيح الامتيازات والنفقات الضريبية المعتمدة حاليا، والوقوف على مدى مطابقتها للقواعد السالفة الذكر، لكي يتم الإبقاء فقط على التدابير التي تستجيب لهذه المعايير الجديدة.
- استكمال الترسانة القانونية المنظِّمة للمجال الضريبي بسن إطار للضريبة على الذمة المالية (الثروة) يكون أكثر عدلاً وإنصافاً. وفي هذا الصدد، يُقترح التركيز بشكل خاص على فرض الضريبة على الثروة، من خلال:
- فرض الضريبة على الثروة غير المنتجة (الأراضي غير المبنية والممتلكات العقارية غير المأهولة)، وهو ما سيمكن فضلا عن ضخ موارد إضافية من التحفيز على إدماج الممتلكات المعنية ضمن دورة الإنتاج؛
- إجراء إحصاء لجميع العقارات المشمولة بكل عملية من عمليات توسيع المدار الحضري وتحديد زائد القيمة الكامن الناتج عن إدماج تلك العقارات في المدار الحضري. وعلى هذا الأساس، يتم اعتبار 50 في المائة من زائد القيمة المشار إليه المذكورة حقاً للدولة على العقار المعني. وعند استخلاص هذا الرسم، عند بيع العقار، تحوَّل نسبة 30 في المائة من المبلغ المحصل، لفائدة الجماعة المعنية بعملية توسيع المجال الحضري و30 في المائة لفائدة الجهة التي تنتمي إليها تلك الجماعة.
- توسيع نطاق الضريبة على الذمة المالية (الثروة)، لتشمل بعض السلع الفاخرة، التي تعدُّ سماتٍ ظاهرة على الثراء (اليخوت أو الطائرات الخاصة أو السيارات الفاخرة أو خيول السباق...)؛
- سن ضريبة على التركة، لضمان أداء الضريبة على رأس كل جيل.
وبخصوص الضريبة على الإرث دائماً، يوصى بالعودة بدءا من قانون المالية لسنة 2020 إلى تطبيق المقتضيات الضريبية نفسها على الإرث وعلى الهبة، بما يسمح بشكل خاص باحتساب زائد القيمة في حالة بيع عقار مكتسب عن طريق الإرث، على أساس سعر التكلفة الأولي، وليس على أساس القيمة عند تاريخ الوفاة.
- ترسيخ غايات وأدوار كل نوع من أنواع الضرائب، وفق منهجية الوضوح والتجانس العام والاندماج بين عناصر النظام الضريبي. وفي هذا الإطار، ينبغي العمل على ضمان الحياد التام للضريبة على القيمة المضافة، التي يتعين تبسيطها وفق نسب تطبق بناء على قواعد لا تدع المجال أمام أي لبس أو استثناء (0 في المائة و 10 في المائة و 20 في المائة، بالإضافة إلى نسبة إضافية تتراوح بين 10 و20 في المائة تطبق على السلع الفاخرة). كما ينبغي تطبيق الضريبة على الدخل بطريقة منصفة بين جميع أنواع الدخل وفي تناسب تام مع قدرات الخاضعين للضريبة على المساهمة. ويتعين الحرص على تطبيق تصاعدي للضريبة على الشركات بناءً على النتائج الاقتصادية المحققة، مع العمل بشكل مسبق على تجنب أي انعكاسات ضريبية سلبية على الاستثمارات. كما ينبغي العمل على تطبيق الضريبة الداخلية على الاستهلاك بشكل موضوعي ومعقلن، بما يتوافق مع الغاية التي كانت وراء إحداثها، بحيث يتم تطبيقها على المنتجات الت لها تأثير على الصحة والبيئة.
وفضلاً عن ذلك، يتعين الحفاظ على وضوح المنظومة الجبائية بموجب نص قانوني. وفي هذا الصدد، فإن إحداث أي ضريبة أو رسم جديد يجب بالضرورة أن يكون مطابقا لتوجهات ومبادئ الإصلاح المُقتَرَح، ويجب أن يخضع لمسلسل للمصادقة، وفق مسطرة رسمية ومُمَأْسَسَة.
- جعل الإصلاح محركاً للدفع بدينامية الجهوية المتقدمة
ينبغي أن تضطلع الجهة بـدور محـوري في بلورة الإصلاح الجبائي وتنفيذه، باعتبارهـا مصـدراً لدينامية التنمية وأداة لتنزيلها الترابـي. كما يُتوخى من هذا الإصلاح تـدارك أوجـه القصـور المسـجلة فـي مجـال التنميـة داخل المجالات الترابية، مـن خـلال اسـتثمار مؤهـلات كل جهـة وخصوصيـاتها.
ويتعين ربـط تحويل المداخيل الجبائية لفائدة الجماعات المحلية بإنتـاج الثـروة داخـل المجـالات الترابـية، بما يحفز هذه الجماعات على الاجتهاد في تحقيق التنمية داخل مجالها الترابي.
ويوصى بربط هذه التحويلات المتأتية من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل بمناصب الشغل والأنشطة المحدثة داخل المجال الترابي المعني.
وفضلا عن ذلك، يوصي المجلس بإجراء إصلاح عميق للجبايات المحلية، وضمان التقائيتها التامة مع المنظومة الضريبية الوطنية، والتوجه نحو سن ضريبتين محليتين أساسيتين، أولاهما تشمل الرسوم المتعلقة بالسكن، والثانية تَهُمُّ النشاط الاقتصادي. كما ينبغي العمل على تبسيط أسس احتساب الضرائب وتوحيدها.
وأخيراً، يتعين العمل على أن تكون المنظومة الضريبية آلية لدعم الطموح المتمثل في جعل المغرب بمثابة "مصنع أخضر على الصعيد الإقليمي"، من خلال اعتماد جملة من التدابير، منها استحضار البعد المتعلق "بسَنِّ ضرائب خضراء"، أثنـاء تهيئـة مناطـق الأنشطة، عبر تزويدهـا بالمواصفـات البيئيــة الأكثــر تطــورا، التي تتيح ترشـيد التكاليف، وتيسير المساطر المتعلقة بالاستثمار، فضلا عن تحسين جاذبية المغرب لإطلاق مشاريع اقتصادية جديدة على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية.
وعلاوة على ذلك، يجدر بالمنظومة الضريبية المنشودة أن تشمل أيضاً دينامية العمل الجمعوي بوصفها بعداً أساسياً من شأن مراعاته أن تمكن النسيج الجمعوي من الاضطلاع بدوره على النحو الأكمل في تأطير المجتمع والمساهمة في خدمة الصالح العام.
- إرساء حكامـة واضحـة المعالـم ومسـؤولة، عبر مأسسة الإطارات والفاعلين وأدوارهم، مع تحديد واضح ومضبوط للمسؤوليات. ومن شأن ذلك أن يمكن من التقليص من تداعيات عدم نجاعة النظام الضريبي التي تعزى بالأساس إلى تشتت المتدخلين وتعددهم، سواء بالنسبة للضرائب الوطنية أو المحلية.
وكيفما كانت إجراءات التبسيط التي سيتم اعتمادها، فلن يكون بمقدور النظام الضريبي تحقيق النجاعة والشفافية المنشودتين، إلا بمواصلة عملية نزع الطابع المادي وتعميمها على جميع المعاملات الضريبية.
- إضفاء الطابع القانوني على إصلاح المنظومة الضريبية، عبر اعتماد قانون برمجة ضريبية، يضع أهدافا محددة ومدققة، ومرتبة حسب الأولويات، ومُخَطَّطٍ لها على المدى القصير والمتوسط والطويل. وينبغي أن يسري هذا القانوني على مدة تتراوح ما بين 10 و 12 سنة، مقسمة إلى مراحل واستحقاقات رئيسية من ثلاث سنوات. وعلى المستوى العملي، ينبغي أن ينص القانون الإطار للبرمجة الضريبية على الوفاء بالالتزامات في الآجال ووفق الشروط المحددة، وعلى ألا يتم إدراج أي مقتضى ضريبي بموجب قانون المالية، إلا إذا كان منسجما ومطابقا لمبادئ القانون الإطار، ومن شأنه المساهمة في الإعمال الفعلي للإصلاح الضريبي المنشود.