دعا تقرير لمجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسة المائية، بمجلس النواب، إلى مراجعة الترسانة القانونية المؤطرة لموضوع الماء، بشكل مباشر، أو التي لها علاقة غير مباشرة بقطاع الماء.
وتضمن التقرير الذي نوقش، خلال الجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية بمجلس النواب المنعقدة، اليوم الثلاثاء، بحضور وزير التجهيز والماء، نزار بركة، مجموعة من التوصيات التي همت الجوانب القانونية والرقابية والحكاماتية، أو تلك المتعلقة بتعزيز الموارد المائية، والبعد الاستشرافي للسياسات العمومية والتقائيتها.
وعلى المستوى القانوني، دعا التقرير، على الخصوص، إلى إعداد وسن قانون حماية التربة، تماشيا مع الفصل 17 من القانون 11.03، وإعادة تفعيل مشروع القانون المتعلق بالمناطق القروية والجبلية الموصى به من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وإصدار قانون يتعلق بإعداد التراب الوطني، ومراجعة استثناء عدم التقيد بنظام الامتياز لمياه الاستخدام الزراعي للمناطق الزراعية، الذي طورته الدولة كليا أو جزئيا، لاسيما أحكام المادة 33 من القانون 36.15 المتعلق بالماء.
وعلى مستوى تعزيز آليات الضبط والمراقبة والتقنين، أوصى التقرير بتفعيل إجراءات إعلان مدارات المحافظة أو المنع في الفرشات الأكثر استغلالا، ومراجعة الحصص الحالية للموارد المائية المخصصة للفلاحة، وتطبيق معايير منصفة بين مختلف الاستعمالات والمستعملين، من أجل حفاظ أفضل على النظم الإيكولوجية المائية، ومراجعة قواعد تخصيص الحصص ما بين القطاعات وداخلها، بهدف تحقيق إنصاف يشمل الاستخدام والمستخدمين المختلفين للماء، ومن أجل حفاظ أفضل على المجال الطبيعي.
وفيما يتعلق بحكامة إعداد وتنزيل السياسة المائية، دعت الوثيقة إلى تسريع وضع النظام الوطني للمعلومات حول الماء المنصوص عليه في القانون 36.15 المتعلق بالماء، وتعزيز برامج تحسين النجاعة المائية على مستوى النقل والتوزيع، بهدف تقليص العجز المائي بخصوص حاجيات الزراعة في المناطق المحيطة بالمحطات المائية الكبرى والمتوسطة والصغرى التي تستعمل، أساسا، المياه السطحية، وفصل قطاع الماء عن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
أما بخصوص تعزيز الموارد والفرشة المائية، فحث التقرير على ضرورة إعادة النظر في تهيئة المساحات الخضراء، من خلال الأخذ بعين الاعتبار المناخ المحلي، وتأمين استعمال المياه المعالجة من أجل السقي، وتطوير منشآت الربط بين مصادر المياه المختلفة لتعزيز أمنها وفعاليتها، واتخاذ قرارات صارمة للحد من الزراعات المستنزفة للثروة المائية، بعيدا عن منطق التوازنات المالية للميزانية العامة.
وعن استحضار البعد الاستشرافي في بلورة السياسات العمومية وتشجيع البحث العلمي، فتم التأكيد على الحاجة إلى اعتماد التدبير المستدام للمياه الجوفية كأولوية وطنية للحفاظ على المخزون المائي الإستراتيجي، لمواجهة الصدمات المحتملة لعودة الجفاف والأضرار الناجمة عن التحولات المناخية، والانخراط في منهجية ترقبية من أجل استباق واستشراف التغيرات المستقبلية، والاهتمام أكثر بالبحث العلمي والتطوير في مجال الماء.
وفي معرض تفاعلها مع مضمون التقرير، أشادت الفرق والمجموعة النيابية بأوجه النجاعة والتراكمات التي حققتها الإستراتيجية الوطنية للماء وبرامج التزود بالماء، مبرزة أهمية السياسة المعتمدة في مجال ترشيد استعمال المياه في القطاع الفلاحي، وكذا مشاريع الربط بين الأحواض المائية، داعية إلى تطوير وتحديث هذه الإستراتيجية، وتجاوز العديد من النواقص التي تقف حجر عثرة أمام تدبير أكثر نجاعة للموارد المائية.
كما أكدت، في هذا السياق، على ضرورة تطوير الأداء الحكومي، من أجل ضمان التوجيه العادل للموارد المائية وتجنب الهدر المائي، داعية إلى الحد من الزراعات المستهلكة للماء في مناطق تعرف ندرة غير مسبوقة لهذه المادة الحيوية، والحد من الري التقليدي بعدد من المناطق، وتشجيع النجاعة المائية في بعض القطاعات؛ كالصناعة، والسياحة، والاستعمال المنزلي، وغيرها.
وأهابت بالحكومة ابتكار سياسة ناجعة في مجال التوعية والتحسيس بخطورة هدر المياه، تستحضر، بالدرجة الأولى، إشراك المواطن، باعتباره الحجر الأساس في ترشيد وعدم استنزاف المياه، بصورة جائرة، معتبرة أن الحملات "الموسمية" في وسائل الإعلام أبانت عن عجزها وعدم نجاعتها.
من جانبه، وفي معرض تفاعله مع الملاحظات والتوصيات الواردة في التقرير، أكد وزير التجهيز والنقل على وجاهة وأهمية هذه التوصيات لضمان الأمن المائي بالمملكة، مبرزا أنه قد تم أخذ معظمها بعين الاعتبار، سواء في مشروع المخطط الوطني للماء 2020-2050، والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، وفي مختلف البرامج التي تنجزها أو تشارك الوزارة في إنجازها، وفي النصوص التطبيقية للقانون 36.15 المتعلق بالماء.
وبخصوص التقائية السياسات العمومية، أشار بركة إلى أن الحكومة قامت بإحداث لجنة وطنية لتتبع البرامج، وإنجاز المشاريع المهيكلة، والإجراءات الاستعجالية التي توجد قيد الإنجاز، مضيفا أن الوزارة، وتنفيذا للتوجيهات الملكية، ستقوم بإعداد دراسة إستراتيجية حول كلفة الماء تهدف، بالأساس، إلى تحديد الكلفة الحقيقية للماء، انطلاقا من تعبئة المياه إلى جميع الاستعمالات، إضافة إلى اقتراح منظومة تعريفية جديدة تضمن تحسين مستوى تمويل مشاريع الماء، مع مراعاة الطبقات الاجتماعية الهشة.
وتابع المسؤول الحكومي أن تنمية الموارد المائية بالمملكة تواجه إكراهات عدة تواصل الحكومة إيجاد الحلول المناسبة لها، من خلال مواكبة إعداد عقود التدبير التشاركي للطبقات المائية الجوفية، وضبط عدد الآبار والأثقاب المائية وكميات المياه الجوفية المستغلة، لكي يتم تحيين الموازنة المائية لهذه الطبقات، وتهيئة الأحواض بعالية مواقع السدود، من أجل التخفيف من حدة انجراف التربة، ومن ظاهرة توحل السدود.