يعيشون حياةً يصارعون فيهَا الطبيعة والتهميش من أجل البقاءِ؛ معركتهم كل فصل شتاء مع الثلوج والبرد والعزلةِ، وسط جبالٍ تَكْتُمُ أصواتهم مَهْمَا صرخوا. إنهم سكان دَوَاوِير آيت بوكماز، التي تبعد عن أزيلال بأكثر من 70 كيلومتراً. زَارَهَا ''تيل كيل عربي''، وتقاسم فيها، على امتداد 3 أيام، تفاصيل الحياة اليومية مع أبناء المنطقة، لنقل جزء من معاناةِ تبدأ مع أولى تباشير موسم البرد.
الطريق إلى آيت بوكماز تمر عبر الطريق الجبلية الرابطة بين بني ملال وأزيلال، فأَفُورَارْ وسد ''بِينْ الْوِيدَانْ''. طريق كلها منعرجات، مُنْذِرةً بالاقتراب من عالم معزول تحاصره الجبال من جميع الجهات.
'هَادْ الطريق رَاهَا وَالُو قُدَّامْ الطريق لِّي كَتْدِّي من أزيلال لآيت بوكماز؛ الأخرى رَاهَا ضيقة، وفِيرَاجْ لَاصْقْ فْفِيرَاجْ''. بنبرة يكسوها التحسر، تحدث سائق سيارة الأجرة عن آيت بوكماز.
من أزيلال إلى الوجهة المقصودة؛ طريق طولها 78 كيلومترا، لم يُكَّسِر رتابة ضِيقِهَا ووُعُورَتِهَا، سوى المرور من وسط آيت امْحَمّْدْ؛ فِيلَاج صغير أبرز ما فيه مدرستين للتعليمين الابتدائي والإعدادي، وسوق أسبوعي يُعْقَدُ كل يوم سبت. وتُزَيِّنُ الفيلاج أطلال ثكنة عسكرية تعود إلى فترة الحماية الفرنسية، يَقْطُنُهَا عسكريون مغاربة متقاعدون اشتغلوا فيها، إلى جانب أسرهم.
''نَحْنُ مثل الحمير''
في صباح اليوم الموالي، انطلقت زيارة بيوت أُسَرٍ في الدوار؛ كانت البداية مع احْمَادْ، وهو مربي مواشي، يبلغ من العمر 30 سنة: ''نحن، هنا، مثل الحمير، تنقصنا فقط آذَانُهَا''، يقول احماد وهو يمنح العلف لماشيته، مضيفاً ''نْتُومَا فالمدينة عَايْشِينْ بِيخِيرْ؛ الأكل متوفر، وتَنَامُونَ في ظروف جيدة، أما أنا فأنام، أثناء رَعْيِي لماشيتي، فوق الأحجار في الجبال''.
نحن، هنا، مثل الحمير، تنقصنا فقط آذَانُهَا
احماد، الذي يعيشُ رفقة عائلته في بيت طِينِيٍّ، كان يذهب، ومَعَهُ ماشيته، في هذه الفترة من كل سنة، إلى الأماكن التي يوجد فيها العشب في مناطق بعيدة، لكنه لم يقم بذلك هذه السنة، لأن السماء شحت، والعشب لم ينم.
''في المدينة، كل شهر لديكم رَاتِبٌ، وْعَنْدْكُمْ الزِّينْ، والسيارات واللباس الجيِّدين''، يَبُوحُ احماد بما في خَاطِرِهِ وهو يكح بسبب الغبار الكثيف الموجود في إسطبلاته، كَاشِفاً تَحَسُّرَهُ بسبب عدم قدرته على ممارسة نشاط آخر غير نشاطه الحالي ''كل سنة أريد أن أُغَيِّرَ عملي، ولكنني أجد نفسي لا أتقن إلا تربية المواشي''.
اقرأ أيضاً: عجوز تستغيث بالملك من وسط ثلوج الأطلس: أريد فقط مرحاضاً وأبوابا تسترني (فيديو)
مُوَاجهة الفقر بالنسيج والسخرة
تزوَّجت وعُمُرُهَا 14 سنةً، وبِدُونِ عقدِ زواجٍ حينهَا، وأنجبت طفلاً وطفلةً قبلَ أن تُبْرِمَ عقدها. عدد أبنائُهَا 5؛ 4 ذُكُور وبنتٌ واحدةٌ. تعمل حليمة، من زاوية أولمزي في نَسْجِ الزرابِي، وعندما ياني الصيف تشتغل في جَنْيِ المحاصيل، مقَابل بَعْضِ القمح أوالشعير .
''زوجي يشتغلُ لدى سكَّان المنطقة في أنشطة جَنْيِ البطاطس، وجني التُّفَّاحِ وَتَقْلِيمِهِ (زَبْرِهِ)، فضلا عَن أعمال البناء، وتنظيف الإسطبلات من رَوْثِ البهائمِ، وأخذِهِ إلى الأراضي الفلاحية (الْبْحَايْرْ)''. تنسج حليمة كُلَّ شهرٍ على نسجِ زَرْبِيَّةٍ واحدة، تبيعها لأصحابِ ''الْبَازَارَات'' في مراكش، بثمن بخس بتراوحُ ، حسب حجم الزربية بين 300 و600 درهمٍ.
فَرْوُ الغنم يعد المصدر الوحيد للمواد الخام التي تَنْسُجُ بها حليمة زرابيها. وهُناك، من سكَّان الدُّوَّار، من يمنحها إِيَّاهُ مجانا، وأحيانا أخرى تشتريه من آخرين، بمقابلٍ مالي يتراوح ما بين 4 و5 دراهم للكيلوغرامِ الواحدِ.
أحتاجُ إلى دفع تسبيق قدرهُ 1500 درهمٍ للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء، لكي يُزَوِّدَنِي بالكهرباء
فَامَّة، سيدة متزوجة، وأم لـ 5 أطفال، أصلها من دوار آيت أوهام، بينما تَقْطُنُ في دوار إيغيرين ''زَوجي لا يَعْمَلُ، لأنه مريض، وأُعِيلُ أسرتي من خلال نسج الزرابي، تساعدني في ذلك ابنتي المطلقة ''. الكهرباء الذي يضيء بين فامة منحة من الجيران ''سأحتاجُ إلى دفع تسبيق قدرهُ 1500 درهمٍ للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء، لكي يُزَوِّدَنِي بهذا الأخير. كما يجبُ عَلَيَّ أن أدفع 50 درهماً كل شهر، ولمدة سَبْعِ سنواتٍ، للمكتب نفسهِ، حتَّى أتِمَّ دفع المبلغ المالي الذي يجب عليَّ أن أُسَدِّدَهُ لهُ''، تفيد فامَّة، التي كشفت أنه حينمَا تتساقط الثلوجُ، ينقطع التيار الكهربائي، مما يَضْطَرُّهَا إلى استعمال الشموعِ.
أمَّا عن الماء، فهو متوفِّرٌ في منزل الاثنتين؛ حليمة يصلها إلى غاية باب بيتها، إلى جانب جميع ساكنة زاوية أولمزي، أنبوب مُرَكَّبٌ في مقدمته صنبورٌ، يصلها عَبْرَهُ الماء من عين إِيتْخْشِي الواقعة في دُوَّارِهَا؛ وهذه مبادرة نَفَذَّتْهَا جمعية محلية بشراكة مع السكان، بحيث دَفَعَ هؤلاء 500 درهم للمنزل الواحد، أمَّا فامَّة فقد تكلَّفت جمعية في دوَّار إيغيرين، الذي تقطنُ فيه، بِتَوْصِيلِ جميع منازل الدوَّار بخطوط الماءِ.
مُواجهةُ ''أَصْمِّيدْ''
''في فترةِ البردِ، أستعمل ''إِيفْسِّي''، وهو نباتٌ ينمو في الجبال، من أجل التدفئة؛ وأَسْتَأْصِلُهُ من جُذُورِهِ، لأن هذه الأخيرة تُبْقِي النار مشتعلةً لفترة طويلةٍ''، إنهُ أسلوبُ حليمة في محاربة بَرْدِ (أصميد بالأمازيغية) جبالِ الأطلس الكبير، أما فامَّة فَتستعمل مخلفات تَقْلِيمِ أشجار التُّفَّاحِ، في حين تشتري خشب التدفئة إذا توفَّرت لديها الأموال، موضحة ''وإذا لم يَكُن لدينا مالٌ من أجل شرائه، فإنَّنا نَصْبِرُ حتَّى تَمُرَّ موجةُ البرد''.
ويظل الحصول على حطب التدفئة من الأشجار المتناثرة على أطراف الجبال وقممها، مصدر سكان المنطقة الرئيسي لضمان قضاء شتاء دون الموت برداً.
يسافرون من أجل الماء
تَقْطَعُ، يوميا بعد منتصف النهار، 3 كِيلُومِتْرَاتٍ للوصول إلى عَيْنِ "آغْبَالُو نَايتْ أوهام''، الواقعة في دوار آيت أوهام، قادمة من دوار إيكلوان، من أجل تعبئة قَنَانِي ''بِيدُوَّاتْ'' بالماء، تُحَمِّلُهَا على ظهر حمارها. رقية، عجوزٌ لا تعلم كم تبلغ من العمر، وهي واحدة من بين كثيرات يقطعن، يوميا، هذه المسافة، قَاصِدَاتٍ هذه العين للحصول على الماء.
''هذا الماء لا يكفيني إلا في الشرب وأشغال المطبخ''، تقول رقية التي كانت تَحْمِلُ بين قَنَانِيهَا قنينتين، حجم كل واحدة منها 5 لترات، طلب منها أستاذ في مدرسة إيكلوان، يسكن بجوار منزلها، أن تُعَبِّئَهُمَا له، مضيفة ''عندما تتساقط الثلوج في المنطقة، نعاني كثيرا لكي نحصل على الماء من العين؛ الطريق إليها تُسَدُّ بالثلوج، ورغم ذلك نقاوم ونأتي إليها، مستعينين بالحمير في تحميل القناني''.
ماشية رقية تشرب، في فترة البرد والتساقطات الثلجية، من مياه الضَّايَاتِ التي تتشكل بعد ذوبان الثلوج، في حين تشرب، في الأيام العادية، من سَاقِيَةِ عين آغبالو نايت أوهام التي تصل إلى غاية منزلها، لكنها تفيد أن الماء الذي يصلها عبرها يكون متسخا.
تحمل القناني الممتلئة بالمياه فوق ظهرها، وَتَقْطَعُ بها 6 كيلومترات ذهابا وإيابا مرتين في اليوم الواحد
تفاصيل حكاية أخرى، مع جلب الماء، تنقلها فاطمة، شابة تبلغ من العمر 26 سنة، تزوجت في سن الـ 18، وفامة، امرأة متزوجة وأم لـ 8 أطفال، لا تَعْلَمُ متى تزوجت وكم عُمُرَهَا، ولكنها تقول إنها لم تتعدى الأربعين بعد. التقاهما ''تيل كيل عربي''، بعد منتصف النهار، في عين آغبالو نايت أوهامتُعَبِّئَانِ قَنَانِياً بالماء. ''نعاني في الطريق ذهابا وإيابا، بسبب الوحل، والثلج، والبرد. كما نترك أبناءنا الصغار يبكون لوحدهم في المنازل''.
فاطمة التي درست إلى حدود السنة السادسة ابتدائي، تستعين، لنقل المياه إلى المنزل بحمار، أما فامة، التي لم تدرس قط، فتحمل القناني الممتلئة بالمياه فوق ظهرها، وَتَقْطَعُ بها 6 كيلومترات ذهابا وإيابا مرتين في اليوم الواحد؛ صباحا وبعد الزوال.
اقرأ أيضاً: شهادات.. الثلوج تقطع الطرق وتضاعف معاناة سكان المرتفعات (صور/فيديو)
33 دُوَّاراً وطبيبةٌ واحدةٌ
في منطقة آيت بوكماز، هناكَ مستشفى واحد، يقع في دُوَّارِ تابانت، الذي يبعدُ عن دوار زاوية أولمزي بـ 18 كيلُومتراً.
المستشفى، الذي تُعَالَجُ فيه ساكنة 33 دواراً في منطقة آيت بوكماز، أشارت عَقَارِبُ الساعة إلى منتصف النهار ولم تَحْضُرِ الطبيبة الوحيدة التي تشتغلُ فيه. وقبل أن تَأْتِيَ رافقَ سعيد، وهو ممرضٌ في المستشفى المذكور، ''تيل كيل عربي'' في جولةٍ داخل فضاءاتِ هذا الأخير، الذي يتكونُ من 3 غُرَفٍ؛ الأولى تضم مكتبين؛ واحد خاصٌّ بصحة الأم والطفل، والثانِي بمرضَى السكري و''الْمِلْحِ'' والضغطِ، إلى جانب غرفةٍ خاصة بالعلاجِ، تُمْنَحُ فيها الحُقَنُ، وتُرَكَّبُ فيها الضَّمَادَاتُ للجرحى والمرضى، إضافة إلى غرفة ثَالِثَةٍ تُعَالَجُ فيها الحالات المستعجلةُ، وهي مجهزة بالأوكسجين وبجهازٍ خاصٍّ بمرضى "الضِّيقَةِ".
أشارت عَقَارِبُ الساعة إلى منتصف النهار ولم تَحْضُرِ الطبيبة الوحيدة التي تشتغلُ فيه
هُنَاكَ أيضاً مكتبُ الطبيبةِ، وأمَامَهُ قاعةُ انتظارٍ يجلسُ فيهَا المرضَى منتظِرينَ أدوارهم. الطبيبة تتحدث مع سكان المنطقة بالداجة، يقول لحسن، وهو ثَلَاثِينِيٌّ من دُوَّارِ زاوية أولمزي، قَدِمَ رفقةَ زوجته إلى المستشفَى، حَامِلَانِ مَعَهُمَا ابنَهُما البالغ من العُمُرِ 20 يوماً لِتَلْقِيحِهِ، بينما هُم لا يفهمونهَا، مضيفاً أن العاملين في المستشفى "لَا يتعاملون معهم جَيِّداً".
''عدَدُ المرضَى والراغبين في خدماتٍ طبِّية يكونُ كثيراً، بينما تتكلَّفُ طبيبةٌ واحدةٌ بِالْكَشْفِ عليْهم''، يقولُ لحسن، الذي يشتغِلُ في مجالِ الْجَبِصِ، كَاشِفاً أن الممرضين يمنحونهم دواءً قليلاً لا يكفيهم.
المستشفى شُيِّدَ سنة 1963، ويشتغلُ فيهِ 5 ممرضين؛ ممرِّضَيْنِ و3 ممرضات، يتكلف واحِدٌ منهم، كُلَّ أسبوعٍ، بالسَّهَرِ ليلاً، للكشفِ على الحالات التي تزورُ مصلحة المستعجلات، وإرسالِ الحالات المستعصية إلى مستشفى أزيلال. كما يضم المستشفى 3 ممرضاتٍ أُخْرَيَاتٍ متخصصات في ''الْقِبَالَةِ''.
''استيقظنَا في السادسة صباحاً، ووصلنَا إلى هنا في السابعةِ والنصفِ، ولَا نعلمُ متى سنغادرُ''، يقولُ زايد، وهو رجل يبلغُ من العمرِ، حسبَ التَّقدير 60 سنةً، ويقطن في دوَّارِ تاغوليت، وَجاءَ رفقة زوجة ابنهِ وحفيدهِ، ذُو الـ 20 يوماً، لِيُلَقِّحَاهُ، مضيفاً إن العاملينَ في المستشفَى يعاملُونهُ جيِّداً.
''جَايِّينْ يْضَحْكُو عْلِينَا''
''جايين يضحكو علينا؛ دُوكْ لْحْوَايْجْ لِّي عطاوني أنا شَعّْلْتْ فِيهُمْ الْعَافِيَة''، كان هذا كلام مُحَمَّادْ، وهو شابٌّ من دوار آيت أوهام، متحدثا عن ملابس مستعملة وزَّعتها عليه، إلى جانب سكان آخرين من المنطقة، جمعية قدمت من سلا إلى الدوار يوم السبت 13 يناير الجاري.
جايين يضحكو علينا؛ دُوكْ لْحْوَايْجْ لِّي عطاوني أنا شَعّْلْتْ فِيهُمْ الْعَافِيَة
الجمعية، التي تحدث ''تيل كيل عربي'' إلى كاتبها العام، وعَايَنَ الأنشطة التي قامت بها في الدُّوَار، نظمت بعد وصولها إلى آيت أوهام في السابعة من صباح اليوم نفسه، 3 أنشطة؛ كشوفات طبية لصالح مرضى المنطقة، تكلَّف بها أطباء أتوا رفقة الجمعية، وَهَمَّت أمراض القلب والمعدة والسُّكري والضغط وغيرها، إلى جانب توزيع أدوية عليهم.
فامة، سيدة متزوجة، وأم لـ 5 أطفال؛ 4 أبناء وبنت واحدة، تقطن في دوار إيغيرين، ولكنها استفادت من المساعدات التي وزعتها الجمعية في مدرسة دوار آيت أوهام، لأن أَخَاهَا، الذي يشتغل في هذه الأخيرة، دَعَاهَا للقدوم من أجل الحصول على نصيبها مما وُزِّعَ.
أنشطة الجمعية، نُفِّذَت بمساعدة جمعية محلية في دوار آيت أوهام؛ بحيث استقبلت القادمين من سلا، ووفرت لهم المبيت والأكل، إلى جانب إتاحة مقرها لإجراء كشوفات طبية للساكنة فيه.
المرض "محرم" هنا
سكان المنطقة الذين يرجُون لقاء الطبيبة الوحيدة الموفرة لهم، وقد لا يرونها، "محرم" عليهم المرض، حسب شهادات من التقاهم "تيل كيل عربي"، وتجد الحالات المستعصية صعوبة في الانتقال إلى المستشفى، خاصة خلال فصل الشتاء، وإن طلب منهم نقل حالاتهم المستعصية إلى مستشفى أزيلال تصبح المعاناة مضاعفة.
سيارة الإسعاف لا ترابط دائما بدواويرهم، وفرصة الاستفادة من خدماتها فصل الشتاء تكاد تكون منعدمة
يقول جل من التقاهم الموقع هنا، إن سيارة الإسعاف لا ترابط دائما بدواويرهم، وفرصة الاستفادة من خدماتها فصل الشتاء تكاد تكون منعدمة، في هذه الحالة، يلجؤون لمساعدة ذوي القربى أو وسائل نقل خاصة يؤدون ثمنها من جيوبهم، ليجدوا أنفسهم حين وصولهم إلى المستشفى بأزيلال أمام لعنة الانتظار مرة أخرى للحصول على الخدمة والرعاية الصحية.
يوميات هؤلاء تكاد تتشابه، وتختلف في جزئيات بسيطة، أبرزها، من استطاعوا توفير المقابل المادي للحصول على خدمة الكهرباء وآخرون لا يزالون يعيشون في عصر الشموع. زادهم ما تجود به الأرض، ومنهم من ينتظر قدوم المساعدات كي يسد جوع أسبوع وأكثر. أما تدفئة أجسادهم التي ينخرها الفقر، فحكاية صعود ونزول مستمرة كل ما حل موسم البرد، للعثور على حطب يصلح لإيقاد النيران التي يجب ضمان استمرار وهجها كي لا ينطفئ وهج حياتهم في غفلة منهم.