شهدت جلسة المصادقة على مشروع قانون المفوضين القضائيين بمجلس المستشارين، مساء الثلاثاء 6 ماي 2025، لحظة توتر، عقب تدخل المستشارة فاطمة زكاغ، عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي أثارت مسألة رفض إدارة المجلس الاعتراف بمحضر أنجزه مفوض قضائي داخل المؤسسة، معتبرة ذلك مؤشرا مقلقا على عدم انسجام بعض الممارسات الإدارية مع روح النص التشريعي الجديد.
زكاغ، عبرت عن دعمها لمضامين مشروع القانون، لكنها نبهت إلى ما وصفته بـ"ممارسة مخالفة" تمثلت في منع مفوض قضائي من أداء مهامه داخل المجلس، معتبرة أن هذه الواقعة تضرب في العمق أحد أسس القانون الذي يفترض أنه جاء لتعزيز سيادة القانون وضمان الحياد.
غير أن هذه الإشارة لم تلق تجاوبا من رئاسة الجلسة، بل دفعت بعض أعضاء المكتب، وعلى رأسهم المستشار لحسن حداد، إلى التدخل لتوقيف مداخلتها، ما دفعها لرفع نقطة نظام تطالب فيها بحقها في إتمام كلمتها طبقا للنظام الداخلي.
في هذا الصدد، أوضحت المستشارة زكاغ، في رد أن تدخلها جاء في سياق تقوية مضامين المشروع والدعوة إلى تفعيلها، وليس بهدف إثارة الجدل، مشددة على أن الواقعة التي استحضرتها خلال المداخلة تكشف خللا بنيويا في التنزيل الإداري للقوانين.
المستشار الكونفدرالي خليهن الكرش، من جانبه، لم يتأخر في الرد، وكتب في تدوينة على صفحته الرسمية: "منع زميلتنا من الحديث خلال جلسة دستورية هو تعد صريح على الحق في التعبير تحت قبة البرلمان… ما وقع ليس فقط إسكاتا لصوت زكاغ، بل محاولة لتكميم الأفواه داخل مؤسسة يفترض أن تكون فضاء للنقاش الحر".
وأضاف في تدوينة أخرى: “كفى من تحقير النساء البرلمانيات، وكفى من التسلط الإداري داخل مؤسسة تشريعية… ما وقع كان صادما ومرفوضا، والرد عليه لن يكون بالتنازل".
ردود الفعل هذه تفاعلت معها العديد من الأصوات النقابية والحقوقية، التي اعتبرت أن ما وقع هو بمثابة مؤشر على هشاشة التوازن داخل المؤسسة التشريعية، خصوصا في ظل تصرفات تمس بحرية التعبير والاحترام المتبادل بين مكونات المجلس.
ويرى متابعون أن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي دأبت على التعبير عن مواقف صريحة ونقدية، تجد نفسها أحيانا أمام ممانعة داخلية، لا تقتصر على الخلاف في وجهات النظر، بل تمتد إلى التضييق على الصوت المختلف، وهو ما يطرح، من جديد، تساؤلات حول حدود صلاحيات رئاسة المجلس، ومدى التزامها بحيادها الدستوري.
وفي ظل غياب موقف رسمي من ادارة المجلس، تبقى الواقعة مفتوحة على أكثر من تأويل، بينما تنتظر الأوساط السياسية والنقابية توضيحات من رئاسة المجلس، في ما بات يعرف إعلاميا ب”حادث المفوض القضائي”، والذي شكل لحظة كاشفة عن طبيعة العلاقة بين من يدافع عن القانون… ومن يديره.