تعقد محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة جلسات استماع، اعتبارا من اليوم الاثنين، بشأن الآثار القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، منذ عام 1967، على أن تدلي 52 دولة بإفادتها بهذا الخصوص، وهو عدد قياسي.
ومن المقرر أن تتوجه دول، من بينها الولايات المتحدة وروسيا والصين، إلى القضاة، في جلسة تستمر أسبوعا، في قصر السلام في لاهاي، مقر المحكمة.
وأقر هذا القرار بتأييد 87 صوتا ومعارضة 26 وامتناع 53؛ إذ انقسمت الدول الغربية حول المسألة، في حين أيدت الدول العربية، بالإجماع، القرار.
وهذه الجلسات منفصلة تماما عن قضية أخرى رفعتها جنوب إفريقيا، تقول فيها إن إسرائيل ترتكب أعمال إبادة جماعية، خلال الهجوم الحالي على غزة.
وقضت محكمة العدل الدولية في هذه القضية، في 26 يناير، بأن على إسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنها لم تصل إلى حد الأمر بوقف إطلاق النار.
ورفضت المحكمة، يوم الجمعة المنصرم، طلب جنوب إفريقيا فرض إجراءات إضافية على إسرائيل، لكنها كررت التأكيد على ضرورة تنفيذ الحكم بالكامل.
وفي حين أن رأي المحكمة لن يكون ملزما، إلا أنه يأتي وسط ضغوط قانونية دولية متزايدة على إسرائيل بشأن الحرب في غزة، التي اندلعت في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته حركة "حماس"، في السابع من أكتوبر.
وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية النظر في مسألتين؛ حيث في المسألة الأولى، سيكون على المحكمة النظر في الآثار القانونية لما أسمته الأمم المتحدة "الانتهاك المستمر من جانب إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير".
ويتعلق ذلك بـ"احتلالها الطويل الأمد للأرض الفلسطينية، منذ عام 1967، واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها".
واحتلت إسرائيل هذه المناطق الممتدة على 70 ألف كيلومتر مربع. وأعلنت الأمم المتحدة، في وقت لاحق، أن احتلال الأراضي الفلسطينية غير قانوني. واستعادت القاهرة سيناء، في ما بعد، بموجب اتفاق السلام الذي أبرمته مع إسرائيل، في عام 1979.
كذلك، طلب من محكمة العدل الدولية النظر في تبعات ما وصفته بـ"اعتماد إسرائيل تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن".
وفي المسألة الثانية، سيكون على محكمة العدل الدولية أن تقدم "رأيا استشاريا" بشأن كيفية تأثير ممارسات إسرائيل "على الوضع القانوني للاحتلال"، وما هي التداعيات على الأمم المتحدة والدول الأخرى.
وستصدر المحكمة حكما "عاجلا " في القضية، ربما بحلول نهاية العام.
وتبت محكمة العدل الدولية في النزاعات بين الدول، وتعد أحكامها ملزمة، رغم أنها لا تملك سوى القليل من الوسائل لتنفيذها. ولكن في هذه القضية، لن يكون الرأي الذي تصدره ملزما.
وفي هذا الإطار، تقول المحكمة: "يبقى الجهاز أو الوكالة أو المنظمة (التي لجأت إليها) حرة في تنفيذ الرأي بأي وسيلة متاحة لديها، أو عدم القيام بذلك".
ولكن غالبية الآراء الصادرة عنها غالبا ما يبنى عليها.
وأصدرت محكمة العدل الدولية، في السابق، آراء استشارية بشأن شرعية إعلان استقلال كوسوفو عن صربيا، وحول احتلال جنوب إفريقيا، في ظل نظام الفصل العنصري، لناميبيا.
كذلك، أصدرت "رأيا استشاريا"، في عام 2004، أعلنت فيه أن أجزاء من الجدار الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية، ويجب هدمها.
ولن تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع، كما ردت بغضب على طلب الأمم المتحدة للعام 2022، ووصفه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه "مهين" و"مشين".
وفي الأسبوع الذي تلا قرار الأمم المتحدة، أعلنت إسرائيل سلسلة من العقوبات ضد السلطة الوطنية الفلسطينية، لجعلها "تدفع ثمن" سعيها إلى إصدار القرار.
وعارضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا القرار، فيما امتنعت فرنسا عن التصويت.