أوضح مركز أوميغا للأبحاث الإقتصادية والجيوسياسية، أن "وزن الفلاحة قد خف في العقود الأخيرة في الإقتصاد الوطني لكن في المقابل ارتفع استهلاك الماء بشكل ملحوظ اليوم هذا القطاع يستقطب %80 من مجموع الموارد المائية".
وأضاف المركز في ورقته "أزمة الماء بالمغرب، كيف نحل الإشكالية دون خلق ستة مشاكل أخرى": "في المقابل لا يساهم سوى بـ 10.7% من الثروة الوطنية هذه إشكالية جدية في بلد يعرف فيه القسط الفردي السنوي من كمية الماء انخفاضا مستمرا أقل من 1000 متر/3)، في 60 سنة، انخفض هذا القسط أزيد من أربع مرات مما جعله يقترب من الحد الأدنى الذي يشكل النذرة 500 متر /3)".
وأبرز أنه "خلال السنوات الأخيرة تدنت أهمية الفلاحة وتأثيرها في الإقتصاد الوطني. ففي سنة 1977، كانت تشكل %14 من الناتج الداخلي الخام و40% من مناصب الشغل، لكن سنة 2014 انخفضت هذه النسب تواليا إلى 10,7% و39.4%".
ولفت إلى أنه "توجه يُساير تحولات الإقتصاديات ذات الدخل المتوسط، حيث مكن انتقال اليد العاملة الفلاحية إلى أنشطة غير فلاحية من تحقيق إنتاجية ومداخيل مرتفعة. لكن المغرب يواجه صعوبات الدول ذات الدخل المتوسط التي لا تحقق نموا اقتصاديا كافيا لتحقيق إنتاجية شاملة".
وأورد أن مركز السياسات للجنوب الجديد PCNS في ماي 2023 في وثيقته السياسية بعنوان "مع نذرة الماء والضرورة الملحة لتحقيق الأمن الغذائي: الإعتبارات السياسية اللازمة"، ذكر بأن المغرب يعتبر من أكثر الدول في العالم التي تشهد إجهادا مائيا والذي يُحدد بأقل من ألف متر مكعب لكل فرد في السنة والذي سيزداد تفاقما مع التغيرات المناخية في السنوات القادمة".
وأشار إلى أنه "بين 1960 و2020 تراجعت الحصة المائية لكل فرد بالمغرب من 2560 متر مكعب لحوالي 620 متر مكعب في السنة أي الحصة الفردية تقترب لمستوى النذرة المقدر ب 500 کمتر مكعب للفرد في السنة. في سنة 2022، انكمش الإقتصاد الوطني نتيجة للجفاف من جهة وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية في الأسواق العالمية من جهة أخرى وهي عوامل بصلة بالحرب في أكرانيا أثرت بشكل كبير على الإتحاد الأوروبي، أول زبون وممون للمغرب".
وأبرز أنه "حالياً تستهلك الفلاحة ما يقرب عن 80% من المياه الموجودة رغم وعد الحكومة بخلق عدة مراكز لتحلية ماء البحر ورفع عددها من تسعة إلى 20 في أفق سنة 2030. ستنقص لا محالة الموجودات المائية بينما سترتفع الحاجيات الإستهلاكية الحضرية والصناعية من 60% إلى 100% بالمدن الكبرى المغربية في وقت سترتفع فيه درجات الحرارة. السنوية بين %1.5 و3% في أفق 2050 وربما أزيد من 5% مع نهاية القرن. فمن اليوم إلى العام 2090 سترتفع الحرارة بـ %10 وينخفض معدل التساقطات بـ 20% في حين يصل هذا المعدل إلى ناقص %30 في منطقة الساحل".
وشدد المركز على أنه "بالإضافة إلى انخفاض الناتج الداخلي الخام الفلاحي يبقى القطاع الفلاحي معرضاً لتقلبات مقلقة في الإنتاج والأسعار والمداخيل المخطط الأخضر نجح نسبيا في مرافقة التنمية الوطنية الفلاحية وتحقيق الأمن الغذائي منذ العام 2008. لكن تداخل السياقات المختلطة داخلية وخارجية، أبانت عن ضرورة تطوير نموذج المخطط الأخضر حتى يستطيع أن يواجه الصدمات المحتملة أو المفاجأة. من جانب آخر، مازالت المنظومة الفلاحية غير متجانسة مع المنظومة الطبيعية وعاجزة عن تحقيق فائض قيمة إيجابي ومستدام بالنسبة للمزارعين، لذلك من الضروري بلورة نماذج اجتماعية ومستدامة وأكثر شمولية".
ونبه إلى أنه "بالمغرب، النموذج الفلاحي الذي يعتمد على الدعم المالي للدولة والموجه للتصدير شجع على الإستعمال المفرط للموارد المائية مما أدى لارتفاع مهول للمساحات السقوية. فكل سنة يسجل ارتفاع الإستهلاكي المائي بأزيد من 1.11 مليار متر مكعب وتزايد الضيعات الفلاحية المعتمدة على السقي بالتنقيط بحوالي 300 ألف هكتار. فالدعم السنوي المخصص للسقي من طرف صندوق التنمية الفلاحية تجاوز 1.6 مليار درهم".
وأكدت ورقة المركز أن "الفلاحة المغربية تواجه حتمية التميز والإنتقال قبلياً وبعدياً وتضطلع أساساً بمسؤولية الأمن الغذائي. ومن أجل إعادة تموقع الفلاحة من اللازم تركيز المجهود والموارد حول الإبتكار المرتبط بالماء والطاقة والتغيرات المناخية، والإشتغال كذلك على الحد من انعكاس تقليص التنوع البيولوجي على الفلاحة والطبيعة".