أصدرت المحكمة الإبتدائية الزجرية بالدار البييضاء يوم الإثنين الماضي، (22 ماي)، أحكامها في ملف "تفكيك شبكة للتهريب الدولي للحشيش والكوكايين"، أثير فيها اسم برلماني، وعضو مجلس جهة، ومسؤول رياضي سابق.
وقضت المحكمة في حق المساعد (ف.ش) بخمس سنوات نافذة، وغرامة قدرها 50000 درهم، والبراءة من تهمة تصدير المخدرات، أما (ب.ع) المنسق، و(ن.ب) مسؤول رياضي سابق، و(م.أ) الصديق الأول، حكم عليهم بسبع سنوات نافذة، وغرامة قدرها 250000 درهما.
وقررت المحكمة إتلاف "المخدر المحجوز ومصادرة الهواتف للأملاك المخزنية ومصادرة المبلغ المالي للخزينة العامة وإرجاع السيارات المحجوزة لمن له الحق فيها".
التحقيقات
ويشار إلى أن تحقيقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء في ملف تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في ترويج كميات مهمة من مخدر الكوكايين، وذلك بعدما تم يوم الثلاثاء 24 يناير 2023، حجز 07 كيلوغرامات من مخدر الكوكايين، ومبلغ 10 ملايين سنتيم، وتوقيف شخصين في حالة تلبس، وهما المنسق (ب.ع)، والمساعد (ف.ش)، قادت اإلى الكشف عن قضية تهريب 10 طن من مخدر الشيرا.
الملف الذي يعود إلى 14 أبريل 2021، أثير فيه اسم برلماني، وعضو مجلس جهة، ورجل أعمال، ومقاول، ومهندس معلوميات، بعدما تم "الكشف عن وجود حاوية حديدية موجهة للتصدير تحتوي على كمية كبيرة من علب الصابون مدسوس بها كمية مهمة من المخدرات، والتي بعد استخراجها ووزنها تبين أنها تزن 09 أطنان و220 كلغ من مخدر الشيرا، ولم يتم التوصل في إبانها لهويات المتورطين فيها".
تفاصيل عملية إيقاف "العقل المدبر"
ذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، يوم 14 أبريل من العام الماضي، أنه جرى توقيف المشتبه فيه الأول على متن سيارة خفيفة بمدخل مدينة الدار البيضاء، وهو في حالة تلبس بحيازة كيلوغرامين من مخدر الكوكايين ومبلغ 10 ملايين سنتيم، قبل أن تقود عملية التفتيش المنجزة بمنزله بمنطقة الهرهورة بضواحي مدينة الرباط إلى حجز ثلاثة كيلوغرامات إضافية من مخدر الكوكايين ومبلغ مالي قدره ثمانية ملايين سنتيم.
وأشار المصدر ذاته إلى أن "مواصلة إجراءات البحث في هذه القضية، أسفرت عن توقيف المشتبه فيه الثاني بمنطقة عين السبع بمدينة الدار البيضاء، وبحوزته كيلوغرامين من الكوكايين، ليصل مجموع الكميات المحجوزة إلى سبع كيلوغرامات، فضلا عن مبلغ مالي إجمالي بلغ 18 مليون سنتيم، يشتبه في كونه من عائدات هذا النشاط الإجرامي".
من زوده بالكوكايين؟
وأثناء التحقيق مع المنسق (ب.ع)، أدلى بتصريحات متناقضة حول من زوده بمخدر الكوكايين التي حُجزت عنده، عبر القول إنه "تزود من صديق له قبل 15 يوما من توقيفه بما وزنه 10 كيلوغرامات، وسلم الموقوف برفقته 3 كيلوغرامات وقام ببيعها، وأن المبلغ المحجوز من عائدات الكوكايين، والسيارة تخص وكالة لكراء السيارات".
إلا أن هذه التصريحات تراجع عنها أثناء الاستماع إليه مرة ثانية، موضحا أن "كمية الكوكايين المحجوزة تزّود بها من شخص (إ.م) عضو مجلس جهة قبل 20 يوما من اعتقاله".
وأورد أثناء الاستماع إليه، أنه "تعرّف على عضو مجلس الجهة (إ.م) منذ ما يزيد عن سنتين، وذلك عن طريق شخص آخر يسمى (ح.ب)، وهو برلماني، وقد تعرفه عليه هذا الأخير بالرباط".
شحنة 10 أطنان
وحول موضوع اللقاء الذي جرى قبل سنتين في أحد مقاهي الرباط، أبرز أن "الحديث دار حول الترتيبات الأخيرة لتهريب كمية 10 أطنان من مخدر الشيرا انطلاقا من ميناء الدار البيضاء وذلك بدسها داخل علب مادة الصابون".
وحسب مصدر مطلع على الملف تحدث لـ"تيلكيل عربي"، "إلتقى في نفس الفترة بشخصين آخرين مشاركين في عملية التهريب، وهما المقاول (أ.ب) قاطن بحي الرياض بالرباط، ومهندس معلوميات (ع.ح)، والحاصل على الجنسية الهولندية، ويقطن بدوره بحي الرياض بالرباط، وشارك المصرح (ب.ع) بكمية 300 كيلوغرام من مخدر الشيرا قام بتسليمها إلى الشاحنة المكلفة بالنقل لفائدة عضو مجلس جهة (إ.م) بمنطقة كتامة".
وأورد أن "البرلماني (ح.ب)، كان يرغب في تهريب 300 كيلوغرام من مخدر الشيرا لفائدته ضمن الكمية الإجمالية المقدرة في 10 طن من مخدر الشيرا، وقام بإنشاء شركة في اسم ابن اخته متخصصة في تصدير مادة الصابون إلى دولة بلجيكا، وبالضبط لشركة المقاول (أ.ب) المتواجدة في بلجيكا، إلا أنه تم إحباط هذه العملية بميناء الدار البيضاء".
عملية 2007
وأكد الشخص ذاته، حسب التحقيقات، معرفته بالبرلماني في الولاية الحالية قبل تاريخ 2021، عندما أشار إلى أنه "سبق التعامل سنة 2007 مع البرلماني (ح.ب) ورجل الأعمال (ي.خ) الحاصل على الجنسية البلجيكية، القاطن بالدار البيضاء، والمقاول (أ.ب) في مجال التهريب الدولي للمخدرات في اتجاه دولة بلجيكا".
ولفت إلى أنه "تم تهريب شحنتين من المخدرات، تزن كل واحدة منها كمية 5 طن من مخدر الشيرا، قبل أن يتم اكتشاف شحنة ثالثة بنفس الكمية، كانت مدسوسة داخل سلعة الورق ومهربة لدولة بلجيكا لفائدة شركة المقاول (أ. ب)، ولم يسبق له القيام بأية عملية تهريب مع (إ.م) عضو مجلس الجهة باستثناء عملية 10 طن".
المقاول
وأثناء الاستماع إليه، أكد المقاول (أ.ب) أنه تعرف على المصرح الرئيسي (ب.ع) منذ سنة 2021، عن طريق صديقه البرلماني (ح.ب) في أحد مطاعم الرباط، حيث تبادلا أرقام الهاتف، وبدأ يلتقيان بين الفينة والأخرى بأحد المقاهي، واستمرت علاقتهما قبل إيقاف المنسق (ب.ع) بثلاث أيام.
وأشار المقاول (أ.ب) إلى أن صهر (ب.ع) أخبره بعملية إيقافه من طرف العناصر الأمنية بالدار البيضاء، واليوم الذي يليه أعلمه أنه أقحم المسؤول الرياضي السابق، و(م.ع)، وبعض الشخصيات المعروفة، وظل يتصل به بين الفينة والأخرى، وأخبره أنه ذكر المقاول (أ.ب) ورجل الأعمال (ي.خ).
وذكر المقاول أن رجل الأعمال (ي.خ) أرسل له يوم 30 يناير 2023 صور من الإجراء المسطري الذي قدم بموجبه أمام النيابة العامة بدوره أرسله إلى مهندس المعلوميات (ع.ح) وعضو مجلس الجهة (إ.م).
وشدد على أنه تربطه علاقة صداقة مع المنسق (ب.ع) كما هو الشأن بالنسبة لعضو الجهة (إ.م) والبرلماني (ح.ب) ومهندس معلوميات (ع.ح)، مبرزا أنه لا تربطه أي علاقة بخصوص الاتجار الدولي ونفى هذه التصريحات جملة وتفصيلا.
رجل الأعمال
في نفس السياق، نفى رجل الأعمال (ي.خ) كل ما أدلى به (ب.ع) بكونه كان يتكلف بتقديم الرشاوى إلى عناصر الجمارك بميناء الدار البيضاء، وأنه التقى بوجمعة مرة واحدة قبل 17 سنة، ويعرف فقط البرلماني (ح.ب) أنه صديقه منذ مدة طويلة وأحمد البازي أعرفه منذ سنة 2008، ولا يعرف باقي الأشخاص المذكورين في الملف ولم يسبق التعامل معهما في ميدان الاتجار بالمخدرات.
وأكد أنه كان يتحوز الإجراء المسطري الخاص بـ (ب.ع)، وتسلمها من محامي بهيئة البيضاء، بعدما علم من المقاول (أ.ب) أن (ب.ع) ذكر أسماءهم، وعملية إيقافه كانت بعد خروجه من مكتب المحامي، وأفاد أنه ليس له أي علاقة بالقضية.
مهندس معلوميات
ولفت مهندس معلوميات (ع.ح)، أن لا علاقة له بهذه العملية، وأن التصريحات التي أدلى بها المتهم الرئيسي لا أساس لها من الصحة، وأن عضو مجلس جهة، (إ.م) سبق أن التقى به قبل سنتين رفقة البرلماني (ح.ب)، بأحد مقاهي حي الرياض بالرباط، وعلاقته به جد محدودة، وجل لقاءاته به تكون صدفة بمحج الرياض دون موعد.
وأضاف أنه لا يعرف رجل الأعمال (ي.خ)، ولم يسبق أن التقى به، أما المقاول (أ.ب)، فقد تعرف عليه أول مرة في بروكسيل بإحدى محلات إخوته المتخصصة في بيع الأثواب، وكان يلتقيه بين الفينه والأخرى بإحدى مقاهي حي الرياض من أجل تسجيل ابنه بمؤسسته الخصوصية المتواجدة بالرباط.
وأورد أن تصريحات (ب.ع) الغرض منها هو "ابتزازه وتسليمه مبلغ مالي، لما كان يعيشه من أزمة مالية جراء إدمانه على القمار".
أسماء أخرى "عمل معها"
وصرح (ب.ع) أثناء الاستماع إليه، أنه سلم الصديق الأول (م.أ) 290 كلغ من مخدر الشيرا، وذلك من أجل تهريبها إلى السواحل الإسبانية انطلاقا من المسالك البحرية لمدينة الجديدة، وكان ذلك في غضون 2021، وكان الاتفاق على أساس تهريب هذه الكمية وتقاسم أرباحها في ما بينهما مناصفة، وهذا الإسم هو الذي ذكر أنه سلمه الكوكايين المحجوز قبل التراجع عن تصريحاته حول مزوديه.
ونبه إلى أنه سلم (ن.ب) المسؤول الرياضي السابق كمية من مخدر الشيرا تزن 210 كلغ من أجل أن يقوم هذا الأخير بتهريبها لفائدته إلى الدول الأوروبية انطلاقا من سواحل مدينتي طنجة أو الجديدة، وكان ذلك في غضون شهر أكتوبر من سنة 2020.
وأوضح أن "الاتفاق بينهما كان على أساس تهريب هذه الكمية وتقاسم أرباحها فيما بينهم مناصفة، وذكر أنه بالفعل قاما بتهريبها إلى أوروبا، ولم يقوما بتسليمه أي مقابل مالي ودون تقديم أي تبرير".
وهنا ذكر العقل المدبر، أنه "سلم الصديق الأول (م.ا) 200 كلغ من الشيرا لتهريبها عن طريق ميناء بني نصار بالناظور، ومرة أعطا إلى الصديق الأول (م.ا) مبلغ مالي قدره 160 مليون سنتيم، وذلك من أجل تغطية مصاريف شحن وتهريب كمية المخدرات لفائدته إلى أوروبا".
خلاصة البحث
وخلُصت التحقيقات، استنادا إلى "اعترفاتهم التلقائية والصريحة وحالة التلبس التي ضبظوا عليها، فإن الأمر يتعلق بشبكة إجرامية مزدوجة الإختصاص تنشط في تهريب مخدر الشيرا على الصعيد الدولي، وجلب كميات مهمة من مخدر الكوكايين من شمال المغرب، وترويجها بمدن الدار البيضاء والرباط، وذلك عن طريق التنسيق المحكم بين المزودين المتمركزين في شمال المغرب وبين الشبكات الإجرامية التي تنشط بداخل المغرب، والتي يؤمن التنسيق معها الماثل أمامكم (ب.ع)، ويساعده في ذلك (ف.ش)".
وأشار البحث أن "(ب.ع) يلعبُ دور المزود بمخدر الشيرا، إنطلاقا من أماكن زراعته وإنتاجه بشمال المغرب حيث يقوم بتزويد كل من الصديق الأول (م.أ)، والمسؤول الرياضي سابقا (ن.ب)، من أجل أم يقوما بتهريبها إلى أوروبا عبر ميناء بني نصار بالناظور".
فضلا عن ذلك، فقد اعترف أنه "قد شارك كل من مهندس المعلوميات (ع.ح) وعضو مجلس جهة (إ.م)، والمقاول (أ.ب)، والبرلماني (ح.ب)، ورجل الأعمال (ي.خ) في عملية تهريب كمية 10 أطنان إنطلاقا من ميناء الدار البيضاء كانت مدسوسة داخل سلعة الصابون، والتي تم إحباطها شهر أبريل من سنة 2022".
وصرح (ب.ع)، أنه "سبق له التعامل في غضون سنة 2007 مع البرلماني (ح.ب)، ورجل الأعمال (ي.خ)، والمقاول (أ.ب)، وبالتالي فإن "الجرائم المسطرة ثابثة في حق الماثلين أمامكم وفي حق جميع الأشخاص الذين لا زالوا في حالة فرار".