احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، أمس الاثنين، حفل افتتاح معرض مشترك مغربي-أمريكي، وذلك تخليدا للذكرى الـ80 للإنزال الأمريكي المعروف بـ"عملية المشعل".
وتنظم هذا المعرض، المفتوح أمام العموم، ما بين 15 و20 نونبر الجاري، القوات المسلحة الملكية، تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، وذلك بشراكة مع البعثة الدبلوماسية الأمريكية بالرباط، والحرس الوطني لولاية يوتاه الأمريكية، والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية.
وفي كلمة خلال حفل الافتتاح، قال الكولونيل ماجور، سعد كايزي، رئيس مديرية التاريخ العسكري للقوات المسلحة الملكية، إن هذا المعرض يتوخى إطلاع الزوار على معالم عملية الإنزال الأمريكي على السواحل المغربية، سنة 1942، والذي كان "حدثا بارزا إبان الحرب العالمية الثانية؛ بحيث مكّن الحلفاء، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، من التفوق على جيش ألمانيا النازية".
وأوضح الكولونيل ماجور أن المعرض يسلط الضوء أيضا على "الموقف الواضح والثابت"، الذي اتخذه السلطان سيدي محمد بن يوسف، بالتنسيق الوثيق، مع القوى السياسية الحية للأمة، من خلال الوقوف إلى جانب الحلفاء، مشيرا إلى أن السلطان رفض أي مقاومة للإنزال الأمريكي، ورفض نداء المقيم الفرنسي الجنرال نوكيس، الذي حثه على مغادرة الرباط، تحسبا لعمليات عسكرية ضد القوات الأمريكية، مؤكدا أن واجبه الأول بصفته ملكا للمغرب هو "تلافي إراقة الدماء".
وأبرز رئيس مديرية التاريخ العسكري للقوات المسلحة الملكية أنه "من خلال مجموعة من الوثائق التاريخية، يظهر المعرض أن موقف السلطان سيدي محمد بن يوسف لم يكن نتيجة صدفة، بل نبع من ثقته في عمق وصلابة علاقات الصداقة التاريخية التي تربط المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية؛ وهي العلاقات التي عمل السلاطين العلويون والرؤساء الأمريكيون المتعاقبون على توطيدها".
من جانبه، قال اللواء مايكل تورلي، قائد الحرس الوطني لولاية يوتا الأمريكية: "سعدت بالعودة إلى المغرب للاحتفال بالذكرى الثمانين لعملية الشعلة، والتي تبرز مدى توطد العلاقات الودية التي تجمع، منذ أزيد من 200 سنة، المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية".
وبخصوص التعاون الثنائي في المجال العسكري، شدد اللواء تورلي على أن المغرب والولايات المتحدة "صديقان عظيمان يمكنهما تعلم أشياء هامة من بعضهما"، مسلطا الضوء على أهمية الشراكة القائمة بين الحرس الوطني لولاية يوتاه والقوات المسلحة الملكية، معربا عن الرغبة في تعزيز هذه الشراكة، لاسيما في إطار التمرين السنوي المشترك "الأسد الإفريقي".
وفي تصريح مماثل، قال مدير المكتبة الوطنية المغربية، محمد الفران، إنه من خلال استضافة هذا المعرض، لمدة أسبوع، والذي يعيد النظر في حلقة مهمة من تاريخ العلاقات المغربية-الأمريكية، فإن المكتبة الوطنية تروم تسليط الضوء على جانب أساسي من هذه العلاقات العريقة، ألا وهو ذاك المرتبط بالثقافة والذاكرة المشتركة.
وسجل الفران أن الهدف من هذا المعرض يتمثل في توثيق هذا الجانب التاريخي والثقافي للعلاقات بين الأمتين العظيمتين واستكشافه بشكل أفضل، مذكرا بأن المغرب كان أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة، سنة 1777، وبأن البلدين تجمعهما بعض من أقدم المعاهدات والاتفاقيات في المنطقة والعالم أجمع.
ويبرز هذا المعرض، الذي يرتكز حول خمسة محاور (المغرب والولايات المتحدة: علاقات متجذرة؛ عملية الشعلة: نقطة تحول مسار الحرب؛ الدار البيضاء: خيار استراتيجي؛ المجهود الحربي للمغرب؛ العلاقات المغربية الأمريكية بعد الاستقلال)، مواد ووثائق تاريخية، بالاضافة إلى صور فوتوغرافية وخرائط ورسومات وأزياء رسمية، بعضها معار من المتحف العسكري للحرس الوطني في ولاية يوتاه بالولايات المتحدة، وأخرى أتاحتها المكتبة الوطنية، وعرضت لأول مرة، في إطار هذا الحدث، معززة بشهادات لقادة البلدين.
وكانت المفوضية الأمريكية بطنجة قد استضافت، يوم الثلاثاء المنصرم، حفل تدشين معرض دائم، تخليدا للذكرى الثمانين لـ"عملية الشعلة"، بحضور شخصيات مدنية وعسكرية مغربية وأمريكية.
وانطلقت "عملية الشعلة"، التي أعدها الحلفاء لفترة طويلة، قصد مساعدة البريطانيين خلال عملياتهم العسكرية في ليبيا ومصر، بإنزال 30 ألف جندي من قوات الحلفاء في شمال إفريقيا، بما في ذلك المغرب، في 8 نونبر 1942.
وتمّ اختيار ثلاث نقاط إنزال حينها، تتمثل في القنيطرة وفضالة (المحمدية حاليا) وآسفي.