منتدى يربط الجسور بين ضفتي البحث العلمي والمجال الجمعوي

تيل كيل عربي

انطلقت، عشية أمس الجمعة بالرباط، أشغال المنتدى الوطني الثالث لجمعيات المجتمع المدني حول موضوع "البحث العلمي والمجال الجمعوي : نحو آفاق جديدة للتميز والابتكار"، وذلك بحضور أزيد من 500 مشارك من أكاديميين وخبراء، وفاعلين مؤسساتيين وطنيين وأجانب وفعاليات من المجتمع المدني.

ويروم هذا المنتدى، الذي تنظمه الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان على مدى يومين، بجهة الرباط - سلا - القنيطرة، فتح نقاش موسع بين جميع الفاعلين المعنيين لإبراز أهمية البحث العلمي المتخصص في المجال الجمعوي وبحث آفاق مساهمة الجامعات في فتح مسالك علمية عليا متخصصة لتعزيز الكفاءات والمهن الجمعوية.

كما تهدف هذه التظاهرة إلى تحديد مختلف مساهمات الجامعات من دراسات وأبحاث مراكز ومختبرات البحث العلمي في تطوير أداء جمعيات المجتمع المدني وإنتاج المعرفة ذات الصلة بالمجال الجمعوي واستثمار هذه المحصلات في مختلف التقارير المؤسساتية.

وفي كلمة بالمناسبة، أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، أن المنتدى الوطني الثالث للجمعيات يضم مجالين بارزين يشكلان دعامتين أساسيتين لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بالمملكة، ويتعلق الأمر" بالبحث العلمي بقيادة الجامعات"، و"المجال الجمعوي"، لتشكل الوزارة بهذا الحدث البارز جسرا قويا يربط ضفتي الجامعة والمجال الجمعوي.

وأشار الوزير، في هذا الصدد، إلى مساهمة جمعيات المجتمع المدني في جميع الأوراش الوطنية الكبرى، بما فيها ورش إصلاح منظومة التربية والتكوين بالمغرب، مبرزا أن تنظيم المنتدى الوطني الثالث للجمعيات في رحاب الجامعة يعكس طموح الوزارة القوي للنهوض بأدوار ومساهمات جمعيات المجتمع المدني.

وأوضح أن الوزارة تسعى لأن تشكل حلقة وصل بين الجامعة وجمعيات المجتمع المدني في إطار شراكة متميزة تروم استثمار مؤهلات وإمكانيات البحث العلمي التي تزخر بها الجامعات المغربية لنسج علاقات تعاون تتأسس على بلورة مشاريع طموحة ومبتكرة.

من جهته، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، في كلمة ألقاها نيابة عنه الكاتب العام للوزارة، محمد خلفاوي، أن انعقاد هذا المنتدى يندرج في سياق متميز تتسارع فيه وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة، وتتزايد فيه الحاجة إلى النهوض بالبحث العلمي والابتكار لمواجهة كافة التحديات المطروحة، والرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني وكسب رهانات التنمية والانفتاح.

وأبرز الوزير أن اختيار موضوع البحث العلمي في علاقته بخدمة المجتمع المدني يأتي في انسجام تام مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الداعية إلى تفعيل أدوار المجتمع المدني ودعم جهوده وتمكينه من الإسهام في خدمة قضايا الشأن العام وإنجاح الأوراش التحولية بالمملكة.

ومن جانبه، دعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضى الشامي، إلى ضرورة إيجاد صيغ دامجة لتعزيز التفاعل الخلاق وديناميات للتضافر بين البحث العلمي والمجتمع المدني، لتخطي العزلة القائمة بين الباحث الأكاديمي والفاعل الجمعوي، مذكرا، في ذات السياق، بأن المجلس اقترح مقاربة تقوم على البناء المشترك وتعبئة الذكاء الجماعي لإيجاد حلول عملية وفعالة.

وأشار الشامي، في هذا الصدد، إلى توصيات المجلس ضمن "نقطة يقظة" حول المجتمع المدني، التي تتضمن اتخاذ تدابير قانونية وهيكلية ومالية وضريبية لدعم العمل الجمعوي بشكل قوي وفعال، بما يعزز دوره في تنمية البلاد ويسهم في ظهور مجتمع مدني، من جيل جديد، منظم ومتنوع وقادر على مواجهة التحديات.

وفي كلمة مماثلة، قال رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، عثمان كاير، إن العلاقة بين الجامعة والمجتمع المدني متعددة الأوجه حيث يمكن النظر إلى "المجتمع المدني" كموضوع للدراسة الأكاديمية، وكأفق للتفكير النقدي والموضوعي.

وأضاف أن الجامعة تعد حليفا رئيسيا للمجتمع المدني، حيث تزوده بالكفاءات البشرية والأطر المفاهيمية والنظرية، وتدعم جهوده في الترافع من أجل التنمية والديمقراطية، مؤكدا، أنه يمكن اعتبار المجتمع المدني بمثابة "جامعة شعبية" أسهمت على مر السنين في تغذية مجالات المواطنة المتنوعة بأجيال من المتطوعين والفاعلين في عدد من الميادين.

وبالموازاة مع افتتاح المنتدى، أعطى الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، انطلاقة فضاء المعرض الذي يضم أروقة لجميع الشركاء لعرض التقارير والإنتاجات الفكرية والعلمية والعملية الخاصة بالمجال الجمعوي، بما من شأنه إبراز الأهمية والمكانة المحورية للعمل الجمعوي ضمن سياق حركية المجتمع وتطوره، وقيمته المضافة في المسار التنموي.

يشار إلى أن اليوم الثاني من المنتدى سيشهد تنظيم أربع ورشات حول: "دور البحث العلمي للمساهمة في إنتاج وتثمين المعطيات المتعلقة بالمجال الجمعوي والنهوض به"، و"إحداث مسالك عليا للتكوين في المجال الجمعوي بالجامعات ودوره في تعزيز كفاءات الجمعيات وتقوية العمل والدينامية الجمعوية بالمغرب" و"الشراكة بين الجامعات والجمعيات: الفرص المتاحة وآفاق تعزيزها" و"دور ومساهمة الجمعيات في إعداد وإغناء السياسات العمومية".

وستخصص هذه الورشات لعرض آراء وأفكار مختلف الفاعلين والشركاء، وفتح نقاش علمي وموضوعي للخروج باقتراحات وتوصيات عملية وقابلة للتنفيذ، والعمل على تفعيلها على أرض الواقع.