رسمت المندوبية السامية للتخطيط، صورة غير متفائلة، لتطور الاقتصادي المغربي في العام الحالي والعام المقبل، حيث لن يخرج عن تأثيرات التساقطات المطرية، ويبقى نمو رهينا بالطلب الداخلي، خاصة الطلب المعبر عنه من قبل الأسر.
وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط، في الندوة الصحفية، التي نظمت أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، تراجع النمو الاقتصادي إلى 2.7 في المائة في العام الحالي، مقابل 3 في المائة في العام الماضي، بينما ينتظر أن يرتفع إلى 3.4 في المائة في العام المقبل.
وكانت الحكومة راهنت عبر قانون المالية، على معدل نمو اقتصادي في العام الحالي، في حدود 3,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، غير أن تراجع محصول الحبوب، دفع المندوبية السامية للتخطيط والبنك المركزي إلى مراجعة توقعات الحكومة نحو الانخفاض.
ذلك النمو الاقتصادي الهش، يدفع المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، إلى التأكيد على ضرورة إعادة النظر في النموذج الاقتصادي المغرب، عبر التركيز على قطاعات محلية ذات قيمة مضافة مرتفعة، والسعي إلى نوع من التخطيط الاستراتيجي، الذي يوضح الرؤية لما يجب أن يكون عليه الاقتصاد.
ويتأثر نمو الاقتصاد الوطني بالمغرب في العام بظرفية دولية صعبة، حيث سيستقر معدل النمو في البلدان المتقدمة في حدود 1,7 في المائة في 2019 و1.5 في المائة في العام المقبل، عوض 2,1 في المائة في العام الماضي.
وسيتجلى التراجع أكثر في منطقة الأورو، الشريك الرئيسي للمملكة، من 1,8 في المائة في العام الماضي إلى 1,2في المائة في العام الحالي و1.4 في المائة في العام المقبل.
ولاحظت المندوبية، أن آفاق تطور الاقتصاد العالمي غير الملائمة ستؤثر على المبادلات التجارية بين الاقتصاد الوطني وأهم شركائه التجاريين، خاصة دول الاتحاد الاوروبي، حيث ستستقر وتيرة نمو الطلب العالمي الموجه نحو المغرب في حدود 3,5في المائة كمتوسط وطني بين 2019 و2020، عوض 3,3 في المائة في العام الماضي و5.5 في المائة في 2017.
وتأثر النمو الاقتصادي في العام الحالي، بمحصول الحبوب الذي استقر في حدود 61 مليون قنطار، حسب وزارة الفلاحة والصيد البحري، متراجعا بنسبة 40 في المائة، مقارنة بالعام الذي قبله، غير أن المندوبية السامية، بنت توقعاتها للعام المقبل، على محصول حبوب متوسط، مادام يتأثر بالتساقطات المطرية.
وسينحصر نمو القطاع الصناعي في حدود 3,5 في المائة في العام الحالي، مقابل 3 في المائة في العام الماضي، بينما سينتقل نمو قطاع التجارة والخدمات من 2,7 في المائة إلى 3 في المائة، ما سينقل نمو الأنشطة غير الفلاحية من 2,8 في المائة في 2018 إلى 3,2 في المائة في العام الحالي.
وسيساهم الطلب الداخلي ب3,2 نقطة في النمو الاقتصادي في العام الحالي، مقابل 3,9 في المائة في العام الماضي، حيث يظل محركا للنمو، وإن سجل تباطؤا في نموه من 3,9 في المائة إلى 2,8 في المائة.
ويرتقب أن ينمو استهلاك الأسر بـ 3,5 في المائة، مقابل 3,3 في المائة في العام الماضي، بينما سينمو استهلاك الإدارات من 2,5 في المائة إلى 2,9 في المائة.
وسيتراجع نمو الاستثمار في العام المقبل إلى 1,7 في المائة، مقابل 5,9 في المائة في العام الماضي، حسب المندوبية السامية للتخطيط،
ورغم نمو الصادرات بنسبة 7,8 في المائة في العام الحالي، مقابل 5,8 في المائة في العام المائة، فإن الطلب الخارجي، ستكون مساهمته في النمو سالبة بناقص 0,4 في المائة، في ظل عدم التحكم في نمو الواردات التي تمثل ضعف مشتريات المغرب من الخارج.
ويشير عياش خلاف، الكاتب العام للمندوبية السامية للتخطيط، إلى أنه بالنظر لنمو اقتصادي أقل من نمو الاستهلاك، فإن الفارق ستتم تغطيته عبر الاستيراد، ما ينتج عنه حاجيات تمويل للاقتصاد جد مرتفعة.
ولاحظت المندوبية، أن الادخار الوطني سيتراجع إلى 27,3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مقابل 27,6 في المائة في العام الماضي.
وترى أنه بالنظر لتباطؤ الاستثمار إلى 32,6 في المائة من الناتج الداخلي الخام في العام الحالي بعد33,6 في المائة في العام الماضي، فإن حاجيات تمويل الاقتصاد ستتقل من 5,5 إلى 5,3 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وتذهب إلى أن عجز الموازني سيحصر في 3,6 في المائة في العام الحالي، في ظل إيرادات الخوصصة، التي بدونها سيرتفع ذلك العجز إلى 4,5 في المائة بسبب صعوبة الضغط على بعض النفقات العمومية مثل تلك التي تهم الأجور، مقابل 3,7 في المائة في العام الماضي.
وتتوقع المندوبية، بسبب مستوى العجز الموازني، تفاقم المديونية، حيث ينتظر أن ترتفع مديونية الخزينة من 64,9 في المائة إلى 65,3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بينما ستستقر المديونية العمومية في حدود 81,3 في المائة.
وتترقب المندوبية حصر معدل التضخم في حدود 0,8 في المائة، بينما ينتظر أن ينتقل معدل البطلة من 9,8 في المائة إلى 10 في المائة.
لا تؤدي توقعات المندوبية لوضعية الاقتصاد الوطني في العام المقبل، إلى ترقب تطور، حيث يبقى مرتهنا للتساقطات المطرية، والطلب الداخلي في ظل المساهمة السالبة للطلب الخارجي، فيما ينتظر أن يستقر العجز الموازني في حدود 3,5 في المائة وانخفاض المديونية.