مندوبية السجون.. الحالة الوبائية وخطة رفع الحجر

أحمد مدياني

أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في بلاغ لها، أنه "تمهيدا لعودة السير العادي للعمل بالمؤسسات السجنية، وأخذا بعين الاعتبار الوضعية الوبائية في  وطبيعة وحجم وموقع كل مؤسسة سجنية"، فقد قررت وقف العمل بنظام الحجر الصحي للموظفين بتاريخ 27 ماي 2020 بالنسبة لـ41 مؤسسة سجنية، وبتاريخ 10 يونيو 2020 بالنسبة لـ35 مؤسسة سجنية، مع استثناء المؤسسات السجنية التي لازالت تعرف حالات إصابة مؤكدة بالفيروس". ويأتي ذلك في إطار خطة للمندوبية يتضمنها تقرير شامل للمندوبية، فما مضامينه؟

;أين وصلت مستجدات الحالة الوبائية داخل المؤسسات السجنية؟ وماذا أعدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لمكافحة تفشي "كورونا" المستجد في أوساط ساكنة السجون وموظفيها؟ وكيف سيتم تنزيل إجراءات رفع الحجر الصحي؟ ومتى سوف تنطلق العملية؟ أسئلة قدم لها تقرير مفصل للمندوبية عناصر الجواب.

كانت المندوبية قد اعتمدت نظام الحجر الصحي للموظفين في يوم 25 مارس الماضي، لتحصين الساكنة السجنية والموظفين، وتعزيز حماية أفراد أسرهم من العدوى.

وقد خضع لهذا التدبير 8860 موظفا من بينهم 691 موظفة. وقد سجلت أول إصابة مؤكدة في صفوف الموظفين بتاريخ 12 أبريل 2020 بالسجن المحلي القصر الكبير.

وبعد تسجيل حالات إيجابية في صفوف الموظفين، تقرر تعزيز إجراءات المراقبة الطبية من خلال إجراء التحاليل المخبرية لجميع الموظفين قبل استئناف عملهم بالمؤسسة، وقد تبين إصابة 14 منهم تم استبعادهم عن العمل مما مكن 8 مؤسسات سجنية من تجنب انتقال العدوى إليها.

حماية ساكنة السجون

في ما يخص التدابير والإجراءات الأمنية، الموجهة لحماية نزلاء المؤسسات السجنية، أورد تقرير المندوبية أنها حرصت، منذ أوائل شهر فبراير 2020، وقبل اكتشاف أول حالة مؤكدة للإصابة بفيروس "كورونا" المستجد بالمغرب، على اتخاذ إجراءات فورية واحتياطات أمنية ملائمة.

وبعد تسجيل حالات إصابة في صفوف عدد من السجناء، خصوصا الوافدين الجدد، تقرر التوقيف المؤقت لإخراج السجناء، ابتداء من تاريخ 27 أبريل 2020 إلى مختلف محاكم المملكة والتنسيق مع السلطات القضائية المختصة بخصوص عقد الجلسات عن بعد.

كما قررت المندوبية، حصـر عمليات الترحيل الإداري والاقتصار على الترحيلات لأسباب أمنية ووقائية أو بهدف التخفيف من الاكتظاظ (حيث انخفض العدد من 4894 قرارا خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2020 إلى 18 مارس 2020 ليبلغ فقط 575 حالة خلال الفترة الممتدة من 18 مارس إلى 15 ماي 2020)؛ بالإضافة إلى عملية تفريغ السجن المحلي بوجدة من جميع السجناء، والبالغ عددهم 1100 سجينا وإعادة توزيعهم لظروف استثنائية ووقائية مرتبطة بتهالك بنيته التحتية.

وقررت المندوبية أيضاً، "التقليل بشكل كبير من عمليات الإخراج إلى المستشفيات إلا في الحالات الاستعجالية الضرورية، وإسناد مهمة خفر السجناء أثناء الإخراج إلى المستشفيات في الحالات الاستعجالية أو الترحيلات الإدارية لموظفين يتم تعيينهم لهذا الغرض مع عدم السماح لهم بولوج المؤسسة".

في السياق ذاته، تقرر التوقيف التدريجي والمؤقت للزيارة، قبل توقيف الزيارة بصفة نهائية ابتداء من تاريخ 19 مارس 2020.

بالموازاة مع هذه القرارات، سمحت المندوبية بالرفع من وتيرة اتصال السجناء هاتفيا بذويهم طيلة أيام الأسبوع، فضلا عن الرفع من سقف شراءات السجناء من مقتصديات المؤسسات السجنية.

كما تقرر التوقيف المؤقت للتخابر المباشر مع المحامين وتيسير تخابر المعتقلين مع دفاعهم عبر الاتصال الهاتفي، تفاديا لأي احتمال لنقل العدوى إلى السجناء.

الوضعية الوبائية بالمؤسسات السجنية

بخصوص المعطيات والأرقام حول الوضعية الوبائية بالمؤسسات السجنية إلى غاية 15 ماي الجاري، أعلنت المندوبية أنه تمت تعبئة 778 طبيبا وممرضا. كما تم عزل 1118 من السجناء الوافدين الجدد المشتبه إصابتهم بفيروس "كورونا" المستجد بغرف انفرادية لمدة 14 يوم وإخضاعهم للمراقبة الطبية.

وأخضعت المندوبية، حسب تقريرها، جميع السجناء الذين استفادوا من العفو الملكي لفحوصات طبية وتمكين المرضى منهم من الأدوية، ومن جميع الوثائق الطبية اللازمة من أجل استكمال العلاج بعد الإفراج.

وذكرت المندوبية في تقريرها، أنه إلى غاية يوم 15 ماي الجاري، تم تسجيل إصابة 340 سجينا بفيروس "كورونا" المستجد منذ يوم 14 أبريل 2020، 94 في المائة من هذه الإصابات، تم تسجيلها فقط بالسجن المحلي بورززات والسجن المحلي طنجة1.

وأضافت أنه تم تسجيل تعافي 233 سجينا بصفة نهائية، من مجموع السجناء المصابين؛ أي بنسبة 68,5 في المائة.

 كما أوردت المندوبية أن98,28  في المائة من حالات التعافي، تم تسجيلها فقط في صفوف السجناء بالسجن المحلي بورززات.

وكشفت أن 99 مصابا مازال رهن الاعتقال بالمؤسسات السجنية يخضع للعلاج، و13 متعاف تم الإفراج عنهم، إما لإنهاء العقوبة أو للمتابعة في حالة سراح.

وتم تسجيل حالتي وفاة، أي بنسبة 0,6 في المائة من مجموع حالات الإصابة.

الأمن الغذائي للسجون

وتطرقت المندوبية في تقريرها لتأمين مخزون كاف من المواد الغذائية، وأوضحت في، هذا الصدد، أنها عملت على توفير مخزون احتياطي لمدة لا تقل عن شهرين من مواد التغذية وأيضا من مواد النظافة ولوازم التعقيم والتطهير.

كما قررت إحداث آلية للمراقبة اليومية لوضعية سير العمل بالمطابخ للتدخل العاجل والآني لتصحيح الوضع، إن اقتضى الأمر، عبر استمارة تقييمية من أجل تتبع المخزون المتعلق، سواء بالمواد الغذائية أو بوتيرة النظافة، ووتيرة استحمام السجناء العاملين ضمن كلفة المطبخ، ومستوى نظافة مرافق المطبخ، والحركية من وإلى المطبخ وتوفير مخزون احتياطي من أواني الأكل الفردية (jetable) تحسبا لأية إصابة وغير ذلك...

مصادر التمويل لمواجهة "كورونا"

في هذا الشق، قالت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إن مجموعة من الشركاء الوطنيين والدوليين، ساهموا بمجموعة من الهبات تتمحور خصوصا حول مواد النظافة والتعقيم والتطهير، بالإضافة إلى الأدوات والمعدات الطبية والشبه الطبية.

فقد ساهمت وزارة الداخلية، عبر مصالحها المركزية أو اللاممركزة من عمالات وأقاليم، وكذا بعض الجماعات  الترابية، بشكل فعال بمد المندوبية بمجموعة من مواد النظافة والتعقيم والتطهير، وكذا مجموعة من الأدوات والمعدات الطبية والشبه الطبية والأغطية والأسرة، فضلا عن أدائها لمجموعة من سندات الطلب المتعلقة بشراءات هذه المندوبية.

وبلغت مجموع المبالغ المالية التي ساهمت بها الوزارة حوالي 24.500.000 درهما، دون احتساب مساهمتها في توفير أماكن الإقامة   والتغذية للموظفين الخاضعين للحجر خارج المؤسسات السجنية.

كما ساهم بعض الشركاء الوطنيين في تزويد بعض المؤسسات السجنية بمواد وأدوات خاصة بمواجهة "كوفيد-19"، منها وزارة الصحة والمرصد المغربي للسجون.

واستفادت أيضا المندوبية العامة من مساعدات عينية عبارة عن مجموعة من المواد والأدوات والمعدات التي تندرج في إطار مواجهة الجائحة.

وتقدر المساعدات العينية المقدمة من لدن هؤلاء الشركاء بمبلغ حوالي 3.897.640,00 على الشكل الآتي:

- الاتحاد الأوربي: مليونا درهم؛

- اللجنة الدولية للصليب الأحمر: 849.500,00 درهم؛

- صندوق الأمم المتحدة للسكان 248.140,00 درهم؛

- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 800.000,00 درهم.

وتقول المندوبية إن الجزء الأكبر من النفقات المرتبطة بالإجراءات والتدابير الاحترازية لمواجهة جائحة "كوفيد-19" الرامية إلى الحفاظ على سلامة المعتقلين وأمن المؤسسات السجنية، تقع على كاهل هذه المندوبية العامة من خلال تعبئة غلاف مالي قدره 55,5 مليون درهم، وذلك عبر رصد جزء من اعتمادات ميزانية التسيير المبرمجة سابقا لتغطية الحاجيات الملحة لتدبير شؤون الساكنة السجنية.

خطة رفع الحجر.. نهاية غشت

وضعت المندوبية، في تقريرها، سيناريو الإجراءات المبرمجة لمواجهة خطر تفشي فيروس "كورونا" المستجد بالمؤسسات السجنية إلى متم شهر غشت 2020، يتضمن مراحل رفع الحجر الصحي.

وفي ما يخص الإجراءات المرتبطة بالموظفين، خاصة رفع نظام الحجر الصحي، قررت المندوبية اعتماد المرونة والحذر بخصوص إجراءات نظام الحجر الصحي للموظفين، أخذا بعين الاعتبار تطور الوضعية الوبائية بالمؤسسات السجنية وبمختلف جهات المملكة وذلك من خلال:

- إنهاء نظام الحجر الصحي بالمؤسسات السجنية ابتداء من 27 ماي 2020؛

- استمرارية نظام الحجر الصحي بالنسبة للمؤسسات التي تعرف إصابات مؤكدة بفيروس "كورونا" المستجد (طنجة1 وورزازات)؛

- إعادة تطبيق نظام الحجر الصحي للموظفين بالمؤسسات السجنية التي تعرف ظهور إصابات جديدة.

تنظيم المباريات التي تم تأجيلها ابتداء من شهر غشت 2020 من أجل تغطية جزء من الخصاص الذي تعرفه المؤسسات السجنية وقررت تمديد التقاضي عن بعد لمدة شهر بالتنسيق مع السلطات القضائية، أي إلى غاية 27 يونيو 2020...