تتحدث الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، في هذا الحوار، عن جدوى الإعفاءات الملكية، وتسلط الضوء على حراك الريف والعلاقة مع جماعة العدل والاحسان، كما تحدثنا عن قصة مؤتمر "قرطبة" الذي أثار نقاشا حادا داخل الحزب، وجديد مؤتمر الاشتراكي الموحد الذي سيعقد في غضون الأيام القليلة المقبلة.
كيف تنظر نبيلة منيب إلى المشهد السياسي بعد تنحية بنكيران وشباط، وتوالي الإعفاءات الملكية؟ هل نحن أمام تغييرات جوهريةّ؟
المشهد السياسي المغربي لم يتغير منذ عقود، الذي تغير هي الأدوات وأسماء الأحزاب، أما النخب فقد ظلت هي هي كما ألفها المغاربة منذ عقود. إعفاء بنكيران، مثلا، يدخل في اللعبة السياسية التي ترسمها الدولة العميقة، من يقبل بها سيحصل له ما وقع لبنكيران الذي دخل إلى الحكومة من أجل أهداف محددة، والدليل أنه تخلى بشكل تام عن برنامجه بعد دخوله إلى الحكومة، وليس الحكم.
هل تقصدين أن العدالة والتنمية ينحو نحو مسار الاتحاد الاشتراكي؟
نحن نبهنا حزب العدالة والتنمية، في كل بياناتنا، إلى أنه سوف يقع له مثل ما جرى مع الاتحاد الاشتراكي، لأنه عندما تشارك في الحكومة دون أن تطالب بضمانات عبر الفصل الحقيقي للسلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، فستواجه نفس المصير.
بنكيران قبل بقواعد اللعبة من أجل المشاركة في الحكومة، لكن تبين له أن كل الأبواب ستكون مغلقة، إلا باب التوجيهات والتعليمات التي خضع لها، والعثماني الآن بدوره يحدث معه نفس الأمر، لكن بشخصية أخرى، فبنكيران ينبطح لكنه يرسل رسائل مشفرة هنا وهناك، أما العثماني، فحكومته تشكلت في أسبوع، وقبل باللعبة كاملة في تجل واضح للبؤس الذي تعرفه السياسة بالمغرب.
هل هذا بسبب وهن الأحزاب أم بسبب قوة الطرف الآخر؟
نخبنا السياسية تعيش ضعفا وترهلا كبيرين، لا تفكر أبعد من أنفها، فنخب العار التي تتسيد المشهد الآن تجري وراء الريع، إذ لا وجود ليد خارجية، هناك يد الطمع والجشع، هي التي تتدخل، وجعلت حتى أحزابا كانت محسوبة على الصف الديمقراطي، تنخرط في اللعبة لكي يكون الأحباب والأقرباء في المناصب ويحصلون على التقاعد المريح والريع بكل أشكاله.
نخبنا السياسية تعيش ضعفا وترهلا كبيرين، لا تفكر أبعد من أنفها، فنخب العار التي تتسيد المشهد الآن تجري وراء الريع
من تقصدين؟
كيف يعقل مثلا أن نتصور حزبا كان حاملا للخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية أن يناقش قانون الخادمات، وأن يسمح بتقليص سن تشغيل الخادمات إلى 16 سنة، ويقبل بمشروع القانون الجنائي البئيس الذي يشرعن جرائم الشرف، وأن المرأة لا تسوى شيئا، ولا يحارب من أجل تفعيل الفصل 19، إذن نخب اليوم سخرت مؤسسات الدولة لمصالحها، ولم تعد تعي شيئا يسمى المصلحة العامة.
هل تدعم الدولة الآن حزبا جديدا لكي يواجه العدالة والتنمية؟
بطبيعة الحال، المخزن كان ولازال يجدد أدوات السلطوية، بما فيها أحزاب صنعها صنعا بنخب منقادة. وهو شجع بكل الأساليب حزبه المفضل، الأصالة والمعاصرة، الذي فشل في تصدر المشهد، لكنه تمكن من اكتساح البوادي المغربية التي تعوم في الفقر والعنف الاجتماعي.
الآن، فاجأنا المخزن بتنظيم مؤتمر التجمع الوطني للأحرار بسرعة البرق، من أجل أن يلعبوا دورا في القادم من الأيام، بسبب التقارير التي أكدت ضعف الفاعل السياسي في المغرب، ما يؤكد عودة التقنوقراط بقوة. كل هذا يحدث بسبب ضعف النخب التي نسيت الشعب.
كيف يمكن قراءة نتائج الزلازل السياسية التي وقعت مؤخرا؟ هل تجدد الدولة أدواتها كما ذكرت؟
في الحقيقة لا وجود لكلمة زلزال أو تسونامي في الأعراف الدولية، كل ما هناك ربط المسؤولية بالمحاسبة. عندما نتحدث عن حالات للإعفاء منفردة، فهي تكاد تكون عمليات تزينية، أما الزلزال السياسي الحقيقي هو الانتقال إلى ملكية برلمانية، وتغيير المجتمع بالتنوير وتنمية الإنسان عبر المدرسة والجامعة.
عندما نتحدث عن حالات للإعفاء منفردة، فهي تكاد تكون عمليات تزينية، أما الزلزال السياسي الحقيقي هو الانتقال إلى ملكية برلمانية
هل تقصدين أن حزب التقدم والاشتراكية مستهدف؟
لا أظن ذلك فـ"البي بي اس" منذ التناوب التوافقي وهو يشارك في الحكومة، نحن لا نتدخل في اختياراته، لكنه حزب مجرب ويدرك ماذا ينتظره، إذن ذلك اختيار قامت به القيادة وتتحمل مسؤوليتها فيه، كل ما في الأمر أنه ظلم أكثر من الآخرين، فإذا كانت الإقالات هي بسبب مشروع منارة المتوسط، فنحن نقول أن هناك حيفا، لأن الجناة لم ينل الجناة جزاءهم. يجب معاقبة من له رخص الصيد في أعالي البحار، ومن يصطاد السمك في وقت راحته البيولوجية، حتى يصل إلى الميناء. نحن اليوم لسنا في دولة الحق، نعلق بعض الصغار، ونتجاوز المسؤولين الأولين عن الأمر.
ماذا تقصدين بالضبط؟
حراك الريف، كشف مافيا المنتخبين والمعينين، الذين يبددون الأموال ويستغلون النفوذ لصالح ذويهم، وإذا كانت من مسؤولية في استشهاد محسن فكري، فهي مرتبطة بالحكومة كاملة، كما يجب أن نطرح سؤال من هو المكلف بالأوراش الكبرى في هذا البلد؟
في ظل ما أسميته نخب العار، هل ترين أن مطلب الملكية البرلمانية ممكن في السياق الحالي؟ هل الأحزاب الحالية قادرة على تحمل المسؤولية؟
المغرب ليس عديم النخب، فالعديد منها لا يزال في قاعة الانتظار، بعد سنوات الرصاص تفشت ثقافة التخويف، وثقافة الإبعاد من السياسة. المغاربة تستفيد منهم كبريات المختبرات الدولية في شتى التخصصات، لكن لا مكان لهم في المغرب. لو تمكن حراك 20 فبراير من انتزاع مكتسبات لجاءت العديد من النخب من داخل وخارج الوطن من أجل البناء، لكن للأسف تم استبدال قيم المعرفة بقيم الخنوع والطاعة والولاء، ما لا يعطي للناس فرصة التنديد بما هو غير صالح، ونحن نؤمن بأن مهمتنا في مثل هذه الظروف هي مواصلة هدم جدار الخوف الذي زعزعته 20 فبراير.
المغرب ليس عديم النخب، فالعديد منها لا يزال في قاعة الانتظار، بعد سنوات الرصاص تفشت ثقافة التخويف، وثقافة الإبعاد من السياسة
كيف تنظر منيب إلى حكومة سعد الدين العثماني؟
أنا لا أرى أي إنجاز لهذه الحكومة. نفس الاختيارات السابقة في عهد عبد الإله بنكيران، من ضرب للحريات العامة، والقدرة الشرائية، ووضعية صندوق المقاصة لا تزال كما هي عليه، وأغلبية المجتمع تعيش فقرا كبيرا، وهذه هي أكبر إشكالية تستلزم الجواب عليها.
كيف تقيمون عمل البرلمان المغربي إلى حدود الساعة؟
نحن نعتبر مؤسسة البرلمان في فهمنا للملكية البرلمانية جد مهمة، لأن الحكم هو إصدار قوانين تتفق مع ما تريد، فالإصلاح الضريبي مثلا يقتضي قوانين في هذا الباب، لكن هذا لا ينفي أن المؤسسة لا تزال عرجاء، لأنه داخلها يوجد العديد من الأميين الذين وصلوا بطرق غير مشروعة إلى البرلمان، وحتى لو تم تمرير قوانين في صالح الشعب، فهي تطمر داخل الأمانة العامة للحكومة. نحن لم نصل بعد لبرلمان يمثل الأمة حقيقية، فأغلبية المواطنين لا يشاركون في الانتخابات، ما يجعل حتى أصحاب المقاعد الكثيرة داخل البرلمان لا يستطيعون تشكيل أغلبية مطلقة، وهذه من أدوات السلطوية داخل البلاد.
بالنسبة للبرلماني الفدرالية، بلافريج والشناوي، هل ترون أنهم يقدمون الإضافة اللازمة؟
يقومون بدور مهم عبر ترجمة صوت الشعب إلى أسئلة كتابية وشفوية على نذرتها بسبب ضيق الوقت، فبلافريج والشناوي نقلوا أسئلة حراك الريف وفاجعة الصويرة إلى البرلمان، وعندما طرحا الرفع من ميزانية التعليم، تبين بالملموس حجم البلادة السياسية والطمع اللذين يشوبان البرلمانيين، فهناك البعض ممن يرغبون في أكثر مما طرحت الفيدرالية لكنهم مقيدون بالريع والمناصب والأيفون والأيباد والتقاعد.
إضافة إلى أن برلماني الفدرالية هم الأكثر تواصلا مع الناس، فمثلا عمر بلافريج يقوم بـ"بودكاست"، لكي يقرب الشعب مما يطرحه أسبوعيا بالبرلمان، كما أنه مشارك في لجنة المالية، ويخبره البرلمانيون أنهم متفقون مع يطرحه لكن ( تبتسم ).
بعد رفض الحراك الاجتماعي في الريف وزاكورة انخراط الأحزاب السياسية في المسيرات والوقفات، هل يمكن القول إن السلوك الاحتجاجي للمغاربة تجاوز التنظيمات الحزبية؟
في وقت سابق كنا نتحدث عن شعب اليسار، لكن اليوم هذا المعطى عالمي، ففي كل بقاع المعمور هناك تيارات تنادي بالقطيعة مع الأحزاب التقليدية، حتى داخل الديمقراطيات.
بالنسبة للمغرب؟
المغرب كذلك لا يستثنى من الأمر، ففساد المنتخبين جعل قضية حراك الريف تكبر، خصوصا وأن الدولة دمرت مختلف الوسائط بما فيها الأحزاب، عبر تسفيه عملها، وتشويه قياداتها، إذن فمن الطبيعي أن يعتبر الحراك، الأحزاب دكاكين، لأن أغلبها فعلا دكاكين، يسود فيها الشيخ والمريد، إلا من رحم ربك.
لكننا في فيدرالية اليسار غير معنيون بهذا الطرد، أنا كنت أول أمينة عامة تزور الناظور وأطرت فيها ندوة، وذهبت حتى للحسيمة، وجددنا مكتبنا المحلي، وزرنا عائلات المتضررين، ولنا عديد بيانات المساندة، وراسلنا رئيس الحكومة لكي يتحمل مسؤوليته، وشبابنا بشكل تطوعي يستقبلون عائلات المعتقلين، ليس طمعا في صوتهم، وإنما انطلاقا من تربية اليسار، إضافة إلى أن العديد من محامينا تطوعوا من أجل الدفاع عن المعتقلين، لذلك على الأحزاب التي تحمل مشروعا، أن تفكر في بناء الجسور نحو الناس، وليس استيعابهم، فنحن احترمنا استقلالية حركة 20 فبراير وندعم حراك الريف من الداخل، ونحترم استقلاليته، لكن على المحتجين أن يدركوا أن العدالة الاجتماعية التي يطالبون بها مرتبطة بما هو سياسي فلا عدالة اجتماعية بدون ديمقراطية، لذلك فمطالب حراك الريف يجب أن تجد أجوبة سياسية، الناس هناك يميزون بين الصالح والطالح.
تتابعون ملف معتقلي حراك الريف بلا شك، كيف ترون أطوار محاكمتهم؟
الاعتقال التعسفي الذي طال مناضلي حراك الريف هو اعتقال سياسي بالنسبة لنا، فتهمهم دليل على أننا لازلنا في ظل نظام مستبد، فعوض الاستجابة للمطالب، وخوفا من اندلاع حركات أخرى في مختلف مناطق المغرب، نجد أن الدولة تتحدى الجميع بمن فيه المنتظم الدولي، من أجل حسم المعركة لصالحها، بالتعذيب النفسي والتنكيل، وإرهاق منطقة مكلومة بكاملها لم تحتفل حتى بالأعياد، ويعاني أغلبها الفقر والمرض.
الاعتقال التعسفي الذي طال مناضلي حراك الريف هو اعتقال سياسي بالنسبة لنا
يقول الحزب إن هناك "حملة تستهدف مناضليه بالاعتقال"، وسبق ونظمتم وقفة أمام البرلمان تنديدا بذلك، ما جديد المعتقلين؟
نحن دائما مستهدفون، ففي منطقهم عليك أن تختار بين الطاعة أو الاستهداف، لدينا مناضلين ممن تحملوا أزيد من 20 تهمة، ونقلوا من مناطقهم ومدنهم، والآن نستهدف من جديد بسبب دعمنا المتواصل لحراك الريف، لكننا نظمنا عديد الوقفات الاحتجاجية وتواصلنا مع المعتقلين داخل السجون، فنحن لا نخاف بتاتا بل سنواصل تحركنا من أجل اقتلاع جدار الخوف الذي يكبل الشعب.
قبل مؤتمر الحزب الاشتراكي الموحد الذي سيعقد في غضون الأيام القليلة المقبلة، انتخب رفيقكم في الفدرالية عبد السلام العزيز على رأس المؤتمر الوطني الاتحادي مجددا لكن شريطة توحيد أحزاب الفيدرالية في المؤتمر المقبل، هل هذا المعطى مطروح بالنسبة لكم أيضا؟
نحن نملك توصية من مجلسنا الوطني، تقضي بالاندماج قبل الانتخابات المقبلة، وفي حقيقة الأمر الفدرالية تقريبا واحد، دخلنا الانتخابات موحدين برمز واحد، في الانتخابات الجماعية والتشريعيات، ونمتلك وثيقة سياسية مهمة، لم يوضع مثلها منذ عهد الكتلة الديمقراطية، هناك فقط تفاوت فنحن نعتبر أن الاندماج ليس هو الدمج، المسألة ليست عديدة، هي مرتبطة بتقوية الصف النضالي، عبر إعادة بناء اليسار، بالتنسيق مع كل الشرفاء الديمقراطيين، الذين يريدون الالتحاق.
ماذا عن التهييئ للمؤتمر الرابع للحزب الذي سينعقد في يناير 2018؟
نحن أمام آخر خط مستقيم يقودنا إلى المؤتمر. لقد تم تقديم ثلاث أرضيات للنقاش، لأننا حزب اعتمد مبدأ التيارات لضمان وحدة الحزب وتفادي الانشقاقات ولكن بالخصوص لضمان الحق في الاختلاف في إطار وحدة الحزب وتقوية ديمقراطيته الداخلية.
لقد نظمنا النقاش في العديد من الجهات والفروع مع إعطاء نفس الفرص بشكل متساو بين كل الأرضيات ليتمكن الجميع من الدفاع عن وجهة نظره بكل حرية وأيضا ليستمع للملاحظات والانتقادات التي تؤخد بعين الاعتبار في صياغة المشاريع النهائية التي ستقدم للمؤتمر. خلال المؤتمر يمكن أن نصل إلى إمكانية التركيب أو حتى دمج بعض الأرضيات، إذا ما توفرت الإرادة لذلك أو دعت الضرورة أو حصلت قناعة باتجاه مصلحة الحزب ومستقبله، لأننا نعيش محطة مهمة ونحن بحاجة لكل الكفاءات والأفكار لرفع التحديات والرهانات التي تنتظرنا وخاصة تجاوز أزمة اليسار، وتوحيد صفوفه ونضالاته من أجل الاندماج لتحقيق التغيير.
طفت على السطح العديد من المشاكل بين القيادات في صفوف الاشتراكي الموحد، حيث تقول إن منيب تتخد القرارات دون العودة إلى الهيئات في مجموعة من الأمور، ما تعليقك على هذا المعطى؟
لا أبدا، أنا اجتهدت بطريقة جيدة لأطبق كل ما اتفقنا عليه وبشهادة كل الرفاق في الحزب، هناك فقط اختلاف في التقديرات، نحن لا نصادر حق أحد في الكلام، والمؤتمر على الأبواب، من له فكرة فليطرحها للنقاش.
مرت قبل أيام ذكرى عبد السلام ياسين، وحضرتها مختلف المكونات السياسية باستثناء الاشتراكي الموحد، هل لا تزال القطيعة منهجا في التعامل مع الجماعة لدى الحزب؟
أولا نحن أناس ديمقراطيون، عندما كان عبد السلام ياسين تحت الإقامة الجبرية، كانت جريدة الحزب تدافع عنه بشكل يومي، وعندما كانت ضربات البيضاء سنة 2003، كنا نتصدر المدافعين، لكن في المقابل الجماعة لم تسجل تضامنها ولو لمرة معنا في مختلف محطات الحزب. هم موجودون كمكون، لكنه يشكل بالنسبة إلينا نقيضا، ورغم ذلك فتحنا معهم مناظرات من أجل معرفة "أش كاين"، ليس من أجل التحالف، نريد فقط معرفة المواقف من الدولة المدنية والحريات الفردية، لكنهم يحملون مشروعا مغايرا لما نريده، كما أن وثائقهم جامدة لا تتغير، لذلك فالتحالف معهم أمر مستبعد بسبب الضبابية الكبيرة التي تكرسها التنظيمات الدينية في المشهد السياسي، رغم أن جهة أخرى يسارية متقاربة معهم، لكن بالنسبة لي العدد ليس مبررا من أجل التحالف.
وبالنسبة لنا حتى لما كنا متواجدين معا في الشارع خلال حراك 20 فبراير 2011 لم يكن هناك تنسيق سياسي، ولما اختارت الجماعة أن تنسحب من الحركة لم تستشر أحدا. الذين يقولون أن تواجدهم في الساحة يزيد من زخم التظاهرات، ما عليهم إلا أن يعبؤوا ليحصل العدد في إطار من الانسجام في المواقف التي يمكن أن تؤدي إلى التغيير وليس فقط المظاهرات الكبيرة المتناقضة التي تختلف حول الأهداف ولا يمكن انتظار نتيجة من وراءها.
لكن ما قصة مؤتمر إسطنبول مع الإسلام السياسي الذي أثار جدلا كبيرا وسط الحزب؟
هو لقاء في اسطنبول حول "الدين والسياسة في الشأن العام" نظمته مؤسسة قرطبة في جنيف بشراكة مع الخارجية السويسرية، وهي منظمة مستقلة تسعى إلى السلم في العالم، وتقول بالحوار لتفادي التصادم، استدعوني كباحثة وسياسية، ولم يكن الغرض هو الخروج بخلاصات. كنت أول المصدومين ببلاغ الجزيرة الذي صدر بعد سنة من اللقاء، إضافة إلى أن المؤسسة عقدت سلسلة من 4 لقاءات لم أحضر سوى واحدة، تكلمت فيها لمدة 10 دقائق، عن فصل الدين عن السياسة، ولا وجود بتاتا لأي محاولة من أجل تقريب وجهات النظر، كل ما في الأمر، مجرد استماع فقط، فإذا كان الرفاق يثقون فيما أتقدم به باسمهم داخل الوطن أو خارجه فإن نشر البيان المزعوم أثار قلقا كبيرا وهذا مفهوم بالنظر لما تضمنه من عبارات و منطلقات غريبة، لا يعلم الغاية منها إلا أصحابها، كما أن هناك مشاركين آخرين تبرؤوا من هذا البيان المزعوم. إن الاختلاف في التقدير بين الرفاق داخل الحزب وصل إلى تشنج في العلاقات بين بعض الأعضاء، لكن هذا الأمر طبيعي و لقد تجاوزناه علما بأن النقاش حول موضوع علاقتنا مع التيارات الاسلاموية سيكون حاضرا خلال المؤتمر المقبل.
وعن علاقتكم الحالية بالنهج الديمقراطي الذي كان معكم في تجمع اليسار؟
تجمعنا معهم علاقة رفاقية بطبيعة الحال، نحترمهم ويحترموننا، اجتمعنا سنة 2005 في تجمع اليسار الديمقراطي، حيث التقينا على أرضية مشتركة لكن كانت هناك قضايا خلافية، واضطررنا إلى فك الارتباط، لكن إمكانية اللقاء دائما قائمة.