أوضح محمد المدني الأزهري، الأمين العام السابق لتجمع دول الساحل والصحراء، أن "عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار لم يكن خطأ، لأن في ذلك الوقت كان أفضل الحلول لمنع الحروب، بالرغم من ارتكاب جرائم في حق عدد من القبائل، وحاليا علينا النظر إلى الأمام والبحث عن الحلول".
وأضاف الأزهري، زوال أمس الثلاثاء، في مداخلة له ضمن ندوة بعنوان "إفريقيا: حدود، أمن وتجارة حرة"، التي عقدت ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي، أنه "من حسن حظي أنني التقيت اثنين من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية، أي الآباء المؤسسين، وتحدثت معهما عن ظروف التأسيس، وتطرقت مع أحدهم على وجه التحديد إلى موضوع الحدود".
وأشار إلى أنه "عند الحديث عن الحدود، هناك أمران، الحلم والواقع، قال لي أحدهم: كان أفضل الحلول أن نقر عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار".
وتابع: "كانت مجموعة الدار البيضاء (مجموعة الدار البيضاء تضم دولا ذات توجه وحدوي مثل غانا، مصر، المغرب، والجزائر، وقد نادت بالوحدة الإفريقية الفورية)، تعتقد أن مسألة الحدود ستنتهي لأن همها كان تحقيق الوحدة الإفريقية، وكان التيار الوحدوي هو الغالب، المنادي بالوحدة".
وشدّد الأزهري على أنهم "كانوا يعتقدون أن مسألة الحدود ستختفي تلقائيا إذا تحققت الوحدة، لكن الواقع كان مختلفا عن الحلم، والظروف التي رافقت تطور القارة الإفريقية كانت أصعب وأقوى من حلم الآباء المؤسسين، وهناك أسباب موضوعية وشخصية، داخلية وخارجية".
وأضاف أنه "عندما تمكن العامل الخارجي ورأى تيار مجموعة مونروفيا (كانت أكثر تحفظا ودعت إلى تعاون تدريجي بين الدول)، حينها لاحظ الأفارقة أن حلم الوحدة بدأ يبتعد، ولذلك تم إنشاء المجموعة الاقتصادية في أبوجا (ECOWAS) التي تولدت عنها في الواقع الجماعات الإقتصادية الإفريقية، على أساس تقسيم إفريقيا إلى خمس مجموعات، تم أضيفت منظمات اقتصادية أخرى".
وأوضح الأزهري أن "الخلل كان في افتراضنا أن الدول التي ورثناها عن الاستعمار تشبه الدولة القومية التي تأسست في أوروبا، وهذا مخالف للواقع، فإفريقيا لا تضم دولا قومية بالمعنى الأوروبي، بل هي قبائل وشعوب وتجمعات بشرية تحكمها قبائل وسلاطين وإمارات".
وأشار إلى أنه "تشرفت في التسعينيات بالمشاركة في كل الاجتماعات المتعلقة بإنشاء الاتحاد الإفريقي، ولم أتغيب عن أي اجتماع سواء في المرحلة التحضيرية أو في مرحلة ما بعد التأسيس، وخلال تجربتي في تجمع دول الساحل والصحراء، كانت إحدى القضايا الرئيسية هي كيفية الوصول إلى الحريات الأربع (التنقل - العمل - الاستثمار - الإقامة) لكن ثلاث دول على الأقل رفضت هذا التوجه واقترحت التدرج في تنفيذه".