قالت النائبة البرلمانية نادية تهامي، عن فريق التقدم والاشتراكية، إن الإعلام الوطني، خاصة الصحافة المكتوبة، يواجه تحديات غير مسبوقة في ظل التحولات الرقمية، مشيرة إلى أن عددا من كبريات الصحف العالمية أُجبرت على التوقف عن الصدور بعد عقود من الحضور، في مؤشر على عمق الأزمة التي تجتاح القطاع عالميا.
وفي مداخلة لها خلال مناقشة موضوع "حرية التعبير والإعلام ودورهما في تعزيز حقوق الإنسان ببلادنا، ثقافة وممارسة"، يوم أمس الأربعاء، شددت تهامي على أن بروز ما يُعرف بـ"المواطن الصحفي" في عصر مواقع التواصل الاجتماعي فرض وقائع جديدة تتطلب مواكبة تشريعية ومهنية ورقابية، دون المساس بحرية التعبير أو الانزلاق نحو تقييد الحريات.
وأوضحت تهامي أن التوسع السريع للمواقع الإخبارية الإلكترونية لا ينبغي أن يُواجَه بمنطق المنع أو الإقصاء، بل يستدعي تطوير آليات التأطير والتقنين، من أجل تعزيز الجودة والارتقاء بالممارسة الصحفية الجادة، مؤكدة أن حماية المقاولة الصحفية والصحفيين تقتضي اعتماد قواعد شفافة في توزيع التمويل العمومي، وضمان الولوج المنصف إلى الطلبيات والإشهار العموميين، وهو ما دفع فريقها النيابي إلى التقدم بمبادرة تشريعية ترمي إلى تقنين مجال الإشهار العمومي وإخراجه من منطق الزبونية والتحكم.
وفيما يتعلق بتقارير حرية الصحافة الدولية، سجلت المتحدثة نفسها تحسن تصنيف المغرب خلال الفترة الأخيرة، مرجعة ذلك إلى غياب الاعتقالات المرتبطة بحرية الصحافة. غير أنها نبّهت إلى استمرار بعض الممارسات المقلقة؛ مثل تهديد مسؤولين عموميين للصحفيين بسبب مواقفهم المرتبطة بالشأن العام، داعية إلى وقف هذه الأساليب التي تمس بجوهر حرية التعبير.
كما عبّرت عن تحفظها بشأن بعض مؤشرات التصنيف الدولي، معتبرة أنها لا تعكس دوما الواقع بدقة، لكونها تستند أحيانا إلى معايير ذات خلفيات سياسية، لكنها أقرت بوجود مؤشرات موضوعية لا يمكن إنكارها، وتنعكس في تفاصيل الممارسة اليومية، ومستوى الشفافية وحرية الرأي.
وفي ما يخص وضع الإعلام الوطني، شددت تهامي على أن النهوض به يتطلب إرادة سياسية حقيقية للإصلاح، مشيرة إلى أن حرية الإعلام ترتبط ارتباطا عضويا بحرية الفكر والتعبير والحق في الحصول على المعلومة، وباستقلالية المؤسسات الإعلامية في خطها التحريري ومصادر تمويلها، وبأوضاع الصحفيين المهنية والاجتماعية، وبتكوينهم المستمر ومهنيتهم.
وأكدت أن المغرب قطع أشواطا مهمة في مسار إصلاح قطاع الإعلام، خاصة بعد إقرار قوانين مدونة الصحافة والنشر، لكنها اعتبرت أن التجربة الحالية تستوجب تقييما شاملا وموضوعيا لوضعية المقاولة الصحفية ولتأثير هذا الإطار القانوني على واقع المهنة.
وتطرقت تهامي إلى تجربة التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب، ووصفتها بأنها كانت تجربة رائدة في المحيط الإقليمي، لكنها شددت على ضرورة تقييمها استنادا إلى نماذج ناجحة عالميا، من حيث الصلاحيات والتركيبة وآليات اختيار الأعضاء، بما يُرسخ شرعية الهيئات المهنية ويضمن الكفاءة والنزاهة في التسيير.
وفي ختام مداخلتها، أعربت عن أسفها لتراجع تجربة التنظيم الذاتي، معتبرة أنها تعيش أزمة حقيقية وغير مسبوقة، ووصفتها بأنها "أزمة مصطنعة ومفتعلة" تهدف إلى التهرب من تقديم حصيلة حقيقية لأداء المجلس، سواء كانت إيجابية أو سلبية. كما اعتبرت أن ما يجري حاليا هو التفاف ممنهج على تجديد الهياكل المهنية، بل على المهنة برمتها.