شدّد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على أن "مذكرة الحزب حول إصلاح مدونة الأسرة واقعية، وتنطلق من الدستور".
وأضاف الأمين العام أثناء رده على أسئلة الصحافيين بعد تقديم مذكرة حزب التقدم والاشتراكية بخصوص إصلاح مدونة الأسرة، عشية أمس الإثنين، "نحن حزب تقدمي ديمقراطي، ننطلق من الدستور، ونسعى إلى الحصول على أكبر ممكن من المكتسبات، وقد تتقدم أطراف بأراء مناقضة لما تقدمنا به، لذلك يعتبر الاستماع إلى جميع الأطراف أمرا ضروريا".
وأكد المتحدث ذاته، أن "الحديث عن الواقعية لا يعني أن نتقمص دورا أو مواقفا لا تعبر عنا".
لا تتناقض مع النصوص القطعية
وتابع: "نقول بصراحة، نحن مع المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة على مستوى الإرث، ولكن لم نقل ذلك في المذكرة، لأننا نعلم أنه يتعين علينا الوصول إلى نوع من التوافق داخل المجتمع، ولذلك قلنا بإلغاء التعصيب، وتوسيع مجال الوصية، وحتى الأطراف الأخرى المحافظة من الصعب عليها رفض ذلك، ربما يسيرون في اتجاه اخر، ونحن نسعى أن نكون واقعيين".
وأوضح أن "الأكثر من ذلك لا يمكن لأحد حتى بالمنطق الديني الصرف، القول إن مقترحاتنا في المذكرة تتناقض مع النصوص القطعية، (ما يمكنش لشي واحد ايقول لينا هاذشي تيتنافا مع النص القطعي الفلاني)، ربما تتعارض مع تفسيرات واجتهادات معينة، البعض منها تمت قبل 12 قرنا، ونحن على يقين مطلق أن فقهاء الأمس لو كانوا اليوم يعيشون بيننا، نظرا للطابع المنفتح الذي كانوا عليه، لذهبوا في اتجاه اخر".
لن نخوض في الجدال
وحين سئل عن عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي وجه انتقادات إلى حزب التقدم والاشتراكية، أجاب نبيل بنعبد الله بالقول: (أنا لول لي قلت ليه الرجوع إلى الله).
وذكر الأمين العام للحزب، أنه "مع التقدير والاحترام، لن نخوض في أي جدال، وهذا اختيار، وليس من منطلق الضعف، بل تجنبا لجدل عقيم ومتشنج، وأي خطاب يسعى إلى وضع حواجز أمام النقاش العمومي الحر الديمقراطي فهو مرفوض، والمرجع الأساسي هو الدستور".
واسترسل قائلا: "لا نريد أن نسقط في أي نقاش منحرف، وهذه فرصة لإصلاح هذه المنظومة في قضايا تتنافى مع مضامين الدستور، هذا رأينا، ونحن أشخاص مسؤولين، ولم نتجه إلى قضايا التي قد تشكل في منطق الأخرين، أنها تتنافى مع المنطلقات الدينية القطعية، ولكن لن يمنعنا أحد من التعبير عن رأينا، ولن ندخل في نقاش عقيم وسلبي، وشد وأخذ".
الوصاية
وأكد أن الحزب "سيدافع عن جميع الأطراف لكي تعبر عن رأيها بما في ذلك الإطارات الجمعوية أو المدنية التي لها رأي حتى ما يسمى بالنصوص القطعية، ونرفض أن تكون الوصاية على طبيعة النقاش الذي يجب أن يكون في المجتمع، هناك هيئة وتحكيم يتم في النهاية والبرلمان الذي يمثل الأمة، وباقي الأطراف لها الحق في التعبير عن رأيها".
ولفت إلى أنه "حين ندافع عن رأينا لا نفكر في الأصوات أو المصلحة الانتخابية، بالطبع لسنا سذج. إذا كانت أطراف تعبئ مجموعة من الأوساط المحافظة. لا يجب الركوع لضغط الطابع المحافظ للمجتمع، وهنا أؤكد المجتمع ليس محافظ كما نتصوره، ويوجد فرق شاسع بين المعلن والممارسة، هناك علاقات من نوع اخر وسط الشباب، ولكن لا يتم الاعتراف بذلك، وعلينا مواصلة طرح القضايا".
نداء
وتابع: "أريد أن أوجه نداء إلى الحركة المدنية والحقوقية التي تدافع عن النساء والمساواة، لكي أقول لهم نحن في مركب واحد، مما يقتضي منا التآزر، والعمل جميعا، ويكون موقف إيجابي إزاء الأحزاب التقدمية والديمقراطية، أما الاعتقاد أننا لسنا في حاجة إلى الأحزاب، فهذا اعتقاد خاطئ وخطير، وعلينا وضع اليد في اليد، في كل هذه المرحلة، وقريبا ستنتهي فترة الاستماع، وسندخل في فترة الترافع، لأن الهيئة ستشرع في الصياغة بعد نهاية الاستماع، ولكنها تستمع وتقرأ وترى ما يحدث في المجتمع، وعلينا رفع الصوت جهرا وملأ المواقع، وحاليا نرى لقاءات تجمع أطراف مدنية مع أطراف حزبية، تسعى إلى رفع الكلمة الواحدة".
نسعى إلى الحفاظ على الأسرة والمجتمع
وشدد على أن "المجتمع فيه أطراف سياسية لها مرجعية دينية لها رأيها، وتعبر عن ذلك بكل حرية، وتتنافس وتتفاعل من داخل هذا الفضاء السياسي مع أطراف أخرى، وهي أيضا تحترم المرجعية الدينية، لكن لا يمكن أن تكون معي داخل المؤسسات تتعامل بهذه الطريقة، ونحن نعتبر أن لك الحق المطلق للتعبير عن آرائك، في المقابل أنت تنفي الآخر أن يكون عنده رأي، وأن يكون منفتح على الحقوق الكونية والمرجعيات الدولية والدستور (لي انت براسك صادقتي عليه، وصوت عليه)".
وذكر أنه "أتفهم أن تكون غير مقتنع بأطروحات منطلقة من القانون والمواثيق الدولية، على الأقل اسمح للآخرين الملتزمين بهذا الدستور أن يناقشوا من داخل المنظومة".
وأوضح أنه "لا نريد الدخول في تشنج، ولا نسعى إلى مجتمع ينقسم، نريد من خلال النقاش إفراز بعض التوافقات الكبرى، التي ستجعل المجتمع يتقدم، ونحن نريد أن نحافظ على الأسرة، والتوازن، ومجتمع سوي وناضح".
وأورد: "سمعت كلام لا أريد الإجابة عليه، لا أعتقد أن المطالبة بهذا النوع من المطالب التي رفعناها قد تفضي إلى تدمير الأسرة والمجتمع، بل نسعى أيضا إلى الرقي بالمجتمع والحفاظ على الأسرة، ولا يجب الركوع إلى هذا الكلام، عندما نرفع مطالبنا فيما البعض يعتبرنا (تندخلو الفساد ونرغب في تفجير الأسرة)، هذا كلام هدفه تحوير الموضوع".
تقمص الشخصية الدينية
ودون الإعلان عن الشخصية الموجه إليها الخطاب، انتقد محمد نبيل بنعبد الله، من "يتقمص الشخصية الدينية من أجل التفرد بالمواضيع، إذا كنا نناقش السياسة والحياة المجتمعية".
وأشار إلى أن "التعصيب ملغى في كثير من الدول العربية، وتم ذلك دون يقع اي تهويل يروم السعي إلى أن يكون الإصلاح أو التغيير سطحي وطفيف".
الفخ
وحذر من الوقوع في "الفخ الذي يريد البعض إسقاطنا فيه عند مناقشة القانون الجنائي عندما سيطرح، ولا يجب اختصار القانون الجنائي في مادة العلاقات الرضائية لأن البعض يريد تكسير تحديث القانون الجنائي عبر التركيز على هذه القضايا، ويريدون حصرنا في زاوية محاولة إباحة العلاقات الرضائية، ولن نجيب عن هذه السؤال بهذه الطريقة، والقانون الجنائي أسمى وأوسع من حصره في العلاقات الرضائية".