أثارت تغريدة الرئيس الكيني، ويليام روتو، التي أعلن فيها إلغاء نيروبي اعترافها بالجمهورية الصحراوية الوهمية، يوم 14 شتنبر الجاري، ضجة ولغطا في بلد يدعم هذا الكيان الانفصالي، منذ عدة عقود. لكن بالنسبة للرباط، لا يبدو أنهم قلقون للغاية بشأن هذه التطورات في "سياق سياسي مواتٍ" للمغرب.
وبالنسبة للبعض، يظهر أن قرار الرئيس "خاطئ". وهذا هو الحال بشكل خاص، مع الأمين العام لوزارة الخارجية الكينية المنتهية ولايته، ماشاريا كاماو، الذي سرب مذكرة موجهة إلى جميع البعثات الدبلوماسية وتوجيهات الدبلوماسية الكينية، ورد فيها أن "موقف كينيا تجاه جبهة البوليساريو يستند إلى القرار الذي اتخذته منظمة الوحدة الإفريقية بقبول هذه الأخيرة كعضو".
كما تم تحديد أن نيروبي انضمت إلى القرارات التي اتخذها الاتحاد الإفريقي ورؤساء دوله وحكوماته بشأن الكيان الانفصالي، في هذه المذكرة التي يبدو أنها تتجاهل التطورات الأخيرة داخل الاتحاد الإفريقي في ما يتعلق بملف الصحراء، من بينها قرار نواكشوط الذي يتعهد الاتحاد بموجبه، باحترام عملية الأمم المتحدة المعمول بها.
كما تشير المذكرة إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 690، بشأن تقرير مصير الصحراء. ومع ذلك، لا تشير هذه المذكرة إلى القرار 2602 الذي اتخذه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في أكتوبر الماضي، والذي صوتت كينيا لصالحه.
وللتذكير، فقد "أكد" النص التدخل المغربي في الكركرات، وشهد أيضا على القلق العميق للمجلس بشأن انتهاك وقف إطلاق النار من قبل البوليساريو.
وفي هذه المذكرة، يتحدث رئيس الدبلوماسية الكينية أيضا عن خطاب الرئيس، من خلال التأكيد على أن كينيا "لا تنفذ سياستها الخارجية على الشبكات الاجتماعية".
هذه المذكرة، ورغم أنها رسمية و"مسربة" على الشبكات الاجتماعية، لا يبدو أنها تثير مخاوف من جانب الرباط؛ حيث رحبت المملكة بالموقف الكيني الجديد بشأن قضية الصحراء المغربية.
واعتبرت مصادر "تيلكيل عربي"، من جانب الدبلوماسية المغربية أن هذه المذكرة هي محاولة أخيرة من قبل "النظام القديم"، لمعارضة القرار الذي اتخذه الرئيس الكيني الجديد.
ويبدو أن الضغط يتصاعد حول ويليام روتو. على الأقل، هذا ما قد يفكر فيه المرء عند سماع تصريحات نائبه، ريغاثي غاتشاغوا، في مقابلة له مع قناة "KTN" التلفزيونية؛ حيث زعم رجل كينيا الثاني الجديد، في رد على سؤال حول خروج رئيس الدولة، أن موقف كينيا هو موقف "الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي" من هذه المسألة.
ولا يعتبر الموقف الذي اتخذه ويليام روتو جديدا في حد ذاته. ففي مارس 2021، عندما كان لا يزال نائب رئيس إدارة تدعم جبهة البوليساريو علنا، ادعى أن العلاقة الدبلوماسية بين كينيا والحركة الانفصالية "لا معنى لها".
كما قال أيضا إن خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء تمثل "أفضل حل" لحل النزاع، متبنيا بذلك موقف تبناه مؤخرا، شريك طويل الأمد للمغرب، هو إسبانيا.
من جهة أخرى، انتقد زعيم المعارضة الكينية، رايلا أودينجا، القرار الرئاسي بشأن الصحراء، واصفا إياه بأنه "غير دستوري". والواقع أن أي قرار يتعلق بالدبلوماسية الكينية يجب أن يصادق عليه البرلمان أولا.
لكن أودينجا أوضح في أحد منشوراته على "تويتر" أنه لم يهاجم الإعلان الرئاسي، بناء على الأسس الموضوعية، وإنما على الشكل، قائلا إنه "يعرف أهمية العلاقات المفيدة بين المغرب وكينيا".
باختصار، إذا لم يتم بعد تسجيل سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية، رسميا، فإن الإعلان الرئاسي والعديد من الإشارات القادمة من نيروبي تشير إلى أن "الوضع مناسب بالنسبة للمغرب".