17 يوما بعد إقصاء المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم من كأس أمم إفريقيا، كانت كفيلة بخروج هيرفي رونار إلى العلن، لتقديم استقالته من تدريب المجموعة، بعد 3 سنوات وأربعة أشهر بالضبط قضاها على رأس الطاقم الفني لـ"أسود الأطلس"، بين جزر ومد، و0 لقب.
نكسة "كان 2019" لم تكن الأولى لهيرفي رونار مع المنتخب المغربي، بل سبقتها أوقات عصيبة كان خلالها "الفشل" حليف رفاق المهدي بنعطية، والغضب الجماهيري سهاما انتقدت قرارات اتخذها المدرب الفرنسي آنذاك، وصولا إلى كأس أمم إفريقيا 2019 الذي لم يتوقع أشد المتشائمين أن تكون نهايته "دراماتيكية" وبإقصاء مبكر لمجموعة رشحها المختصون للوصول إلى المراتب المتقدمة من مسابقة تعرف مشاركة 24 منتخباً بدلا من 16، بقرار من "الكاف".
16 فبراير 2016 ..موعد "الغدر" ببادو الزاكي
بداية رونار للإشراف على تدريب المنتخب الوطني المغربي سبقتها فترة "غير مستقرة" للأسود، حيث خرج قبلها بـ24 ساعة فقط فوزي لقجع، رئيس جامعة الكرة، للتأكيد على أن بادو الزاكي مستمر في مهامه، وتكذيب خبر إقالته.
خروج لقجع الإعلامي آنذاك لم يكن موفقاً، لأن تقديم رونار كان بعده بساعات، ليستهل المدرب مشواره على أنقاض "غدر" الزاكي من طرف مقرين كما وصفهم في تصريحات إعلامية سابقة.
رونار تقلد مهامه الرسمية وأكد للصحافة في لقاءه الإعلامي بأن أمور صعبة تنتظره لترميم المجموعة، والاستعدادات للاستحقاقات المقبلة، التي كانت إلا "كان 2017" بالغابون.
الحرب على لاعبي "الخليج"
منذ أول مباراة له مع أسود الأطلس، والتي كانت أمام الرأس الأخضر برسم التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2017، أعلن المدرب حربه على لاعبي الخليج، حيث خلت قائمته النهائية للمباراة من الأسماء الممارسة بالدوريات الخليجية، وكان لعبد الرزاق حمد الله، الذي كان يلعب لفريق الجيش القطري، مكانة في اللائحة الأولية قبل إسقاط اسمه رفقة مجموعة من الأسماء الكروية.
تشكيلة رونار للمباراة التي أقيمت في العاصمة برايا، وحقق خلالها الأسود الفوز، عرفت تواجد كريم الأحمدي ونبيل درار، وامبار بوصوفة، ومنير العوبادي، إضافة لرومان سايس ومروان داكوستا، والكوثري، وأسامة طنان، وسفيان بوفال، إضافة للمهاجم يوسف العربي الذي كان يلعب آنذاك بقميص غرناطة الإسباني.
المدرب لم يجد حرجاً في تلك الفترة للتأكيد على أنه يفضل الأسماء المحترفة بأوروبا، ولاعبو الخليج لا مكانة لهم بلوائحه، لأسباب ربطها بالتنافسية وتفاوت مستوى البطولات، قبل أن يغير رأيه بعد سنتين ونصف، وتحديداً عندما اختارت العناصر الأساسية للائحته الهجرة وخوض تجارب عربية وخليجية، بعد مونديال روسيا الأخير.
إقصاء زياش يتسبب في الزوبعة
دخل رونار أول مسابقة قارية مع أسود الأطلس مطلع سنة 2017، أي تقريبا بعد 11 شهر على اختياره مدربا للنخبة الوطنية خلفاً لبادو الزاكي.
المدرب الذي أعطيت له جميع الصلاحيات لاختيار مجموعته وجه الدعوة لـ23 لاعباً، من بينهم محلي وحيد آنذاك وهو اللاعب أمين العطوشي، ولاعبين غيرا فريقهما واختارا الخليج في تلك الفترة، وهما يوسف العربي الذي كان يلعب للخويا القطري، وبوصوفة الذي كان يدافع عن ألوان نادي الجزيرة الإماراتي.
رونار برر إبعاد زياش بأسباب تقنية، بعد اعتذار اللاعب سابقاً عن المشاركة بإحدى لقاءات التصفيات، وهو ما جر على المدرب غضباً كبيراً رغم تقديم الأسود لانطلاقة جيدة، وكان الإقصاء من ربع النهائي على يد منتخب مصر.
متولي يتهم رونار بـ"الارتشاء والمحسوبية"
حرب رونار على لاعبي الخليج، وإبعاده الدائم لمجموعة من الأسماء التي تألقت بشكل لافت مع أنديتها، وقدمت مستويات جيدة استحسنها الجماهير، استمرت بعد سنتين على قيادته الأسود، حيث انضم محسن متولي إلى قائمة "الغاضبين" من سياسية المدرب.
متولي قال، في التصريح الذي أثار الجدل، أن الدفاع عن قميص المنتخب الوطني المغربي يحتاج إلى وساطة، وتقديم مكافآت أو هدايا للمدرب، في اتهام مباشر لهيرفي رونار، الذي أغلق الباب في وجه محترفي الخليج بتلك الفترة.
وكان رد رونار قوياً بعد تصريحات متولي، حيث هدد باللجوء إلى القضاء وقال حينها: "أمضيت عشر سنوات بين الملاعب الإفريقية، ولم يسبق لي استدعاء لاعب بوساطة من أي شخص كان، والحصول على امتيازات مالية ليس جزءا من طريقة عملي ومبادئي".
واعتبر المتحدث ذاته أن تصريحات لاعب الرجاء الرياضي لا تستهدفه لوحده، بل تهم جميع لاعبي المنتخب المغربي الذين يتم استدعاؤهم لتمثيل الأسود، خلال الاستحقاقات الأخيرة، لذا فالرد سيكون بشكل قانوني، حسبه.
بنعطية يكشف "الخلل" بطاقم رونار
لعل أسوء الذكريات التي يحتفظ بها الناخب الوطني السابق مع الأسود بنهائيات كأس العالم روسيا 2019، هي خروج العميد مهدي بنعطية للعلن لتوجيه انتقادات لطاقم هيرفي رونار، متهماً إياهم بإدارة ظهرهم للأسود بعد أول هزيمة أمام إيران.
خروج بنعطية للعلن، كلفه الغياب عن اللقاء الأخير أمام إسبانيا، وأعاد الجدل حول المساعد مصطفى حجي الذي وجه كلمات "قاسية" للاعبين، بعد مباراة إيران تسببت في انقسام داخل المجموعة وفي ظرفية حساسة.
رونار لعب دور "الإطفائي" حينها، فهو الذي تربطه علاقة صداقة كبيرة مع العميد مهدي بنعطية حتى خارج الملاعب، كما يعتبر حجي الرجل الذي أقنعه بتولي زمام قيادة النخبة الوطنية في 2016.
فترة ما بعد المونديال كانت صعبة على الجميع، وأعادت رحيل رونار إلى الواجهة، رغم أن جامعة الكرة آنذاك أصرت على بقائه وخرجت عن طريق رئيسها فوزي لقجع للتأكيد على أن عقد الطرفين مستمر إلى 2022.
عرض الجزائر وتدوينات "غامضة"
في تلك الفترة التي كان خلالها المسؤولون أمام ظرفية اختيار القرار الحاسم بشأن مستقبل رونار، اختار الأخير الخروج بتدوينات غامضة، أسقطت آخر الذكريات الجميلة للمدرب مع المنتخب، ورفعت أصوات الجماهير المنتقدة لـ"الطريقة" التي يتعامل بها هيرفي مع محيطه.
الاتحاد الجزائري للعبة، وأندية من الصين، وأخرى من آسيا، لم تتوان على تأكيد وجود مفاوضات بينها وبين مدرب الأسود، أمام صمت للمسؤولين الذين لم يلوموا هيرفي رونار، على خطوته التي تخالف الأعراف باعتباره مازال مدرباً للمجموعة.
بعد شهر تقريباً بين التدوينات والتقارير المسربة حول وجهة المدرب، تم عقد فيها "صفقة" المصالحة، وخروج الجهاز القاري للعبة للعلن للتأكيد بان المدرب مستمر في مهامه، والهدف المسطر الجديد بين الطرفين هو الظفر بلقب نهائيات كأس أمم إفريقيا.