مشجعون مرابطون منذ الساعة الرابعة صباحاً، فوضى وسرقات وضرب وأرجل ترفس كل من جاء في طريقها، لا تفرق بين النساء والرجال والأطفال، حالات اغماء ومشادات بين المشجعين. هذا هو المشهد ولا يزال بمحيط ملعب محمد الخامس منذ فجر اليوم الأربعاء، بالموازاة أسعار تذاكر مباراة الوداد ضد الأهلي برسم نهاية عصبة أبطال أفريقيا تضاعفت بشكل مهول.
"تيلكيل عربي"، ينقل من مكان الحرب على تذكرة المباراة مشاهد تزاحمت فيه الأجساد وتصارعت وتحملت هراوات رجال الأمن من أجل اقتناء تذكرة حضور مباراة نهائي عصبة الأبطال، المرتقب إجراؤها يوم السبت المقبل.
حرب من أجل تذكرة
أشخاص يسبحون في الهواء ترفعهم أيادي أصدقائهم، وصراخ يعم المكان، عصي محمولة تضرب الشبابيك مرفوقة بعبارات "الله أكبر".. المشهد من محيط ملعب مركب محمد الخامس، الغاص بالجماهير التي تبحث عن تذكرة حضور مباراة الوداد الرياضي والأهلي المصري.
حرب عاينها "تيليكل عربي"، حيث تحول محيط الملعب إلى مسرح "كر وفر" بين الجماهير فيما بينها من جهة، ومع رجال الأمن من جهة أخرى. حالات إغماء كثيرة في صفوف النساء، وصعود إلى أعلى الشبابيك، وتبادل للضرب والشتائم مع رجال الشرطة، إضافة إلى رفس للساقطين على الأرض بشكل مهول.
المباراة التي ستكون حاسمة لأبناء الحسين عموتة لخطف اللقب الثاني في سجل الفريق وبلوغ مونديال الأندية، جذبت الجماهير كما النشالين، فتكفي كلمة "شفار"، كي تنزاح الهراوات عن الشباك وتسقط على رأس الممسوك به، وتقتاده نحو عناصر الشرطة الفاقدة للسيطرة تماما على الجحافل من الحاضرين.
الشبان الذين تمكنوا من اقتناء التذكرة، حرم عليهم إشهارها، فبمجرد إظهار صك الدخول إلى الملعب، تجري وراءهم جماعات من المراهقين المنظمين للتهجم على الأفراد ونزع تذاكرهم بالقوة. المارون بالسيارات قد تلزمهم ساعات من الانتظار للخروج من محيط الملعب، وكثير من الحظ كي لا يسقط حجر متطاير على هيكل سياراتهم.
في زاوية أخرى من محيط الملعب، تقف سيارة قوات مساعدة فوق الرصيف، يحرسها رجال أمن يدفعون الجماهير عنها إلى وسط الطريق محاولة منهم لتفادي أي مناوشات بين الأمن والعدد الكثيف من المنتظرين بعيدا عن الشبابيك التي أصبحت "الحجر الأسود المكي"، بالنسبة للوداديين.
السوق السوداء.. تذاكر 30 و50 درهم بـ300 و600 درهم
تحالف السلطة والنفوذ، ذاك الذي عاينه "تيلكيل عربي" بجوانب عمارة "نورماندي"، عندما وقف الموقع، بجانب شرطي يسأله عن سبب كل هذا اللغط أمام الشبابيك، مجيبا أن التذاكر قليلة بعد أن طرحتها الجامعة الملكية لكرة القدم إلكترونيا، قبل أن يدلنا على صديقه "ذو القبعة الحمراء والقميص الأبيض الذي يملك تذاكر المباراة ولو بثمن مرتفع قليلا".
قصد الموقع الشاب الذي توحي سحنته بدنو عمر الثلاثين، لنسأله عن ثمن تذاكر المدرجات المكشوفة التي يبلغ سعرها 30 درهما حسب موقع الجامعة، لكن ثمنها في السوق السوداء بلغ 300 درهم، قبل أن يظهر أخرى تخص الجهة المغطاة ويقول إنها بـ600 درهم، مع إمكانية تخفيض الثمن في حالة زاد عدد التذاكر المطلوبة عن الاثنتين.
الجماهير بدورها ممتعضة من أثمنة السوق السوداء، تتبع الموقع محادثة جانبية لمشجعين بقمصان النادي الأحمر تقول إن "الشناقة"ّ، لم "يتركوا الكادحين من الجماهير ليشاهدوا لحظة تاريخية قد لا تتكرر إلا بعد سنوات وستكون لا محالة لجيل آخر".
سوق مصغر
بجنبات ملعب مركب محمد الخامس، ليست فقط التذاكر هي الغالية، فمراهق في سن السابعة عشرة يصيح "كارو ستين كارو ستين"، بعد أن زاد درهما واحد عن سعره العادي، إضافة إلى انتشار باعة الأكلات السريعة بالجنبات، و"كرابين" لتوزيع المياه التي شربها الحاضرون بالمجان في أغلب الحالات.
وإذا كان الباعة المتجولين أبرز المستفيدين من حالة الفوضى هذه، فالمحلات التجارية والمقاهي المجاورة للملعب فضلت أغلبها أن تغلق أبوابها إلى حين، فيما اكتفى بعض البقالين بفتحة صغيرة يمسك منها النقود ويعطي للزبون ما يريده. سأله الموقع، عن سبب إغلاق كل المحلات رغم تواجد رجال الأمن، فأجاب بأمازيغية تفيد أنه "يشتغل هنا منذ ما يربو عن الخمس سنوات، والقاعدة بالنسبة للجمهور هي التكسير والأكل دون أداء، سواء وجد الأمن أم كان غائباً".