في سياق دولي تطبعه منافسة متزايدة الحدة لولوج مناصب مختلف المنظمات الدولية، تمكن المغرب، حسب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، من "تحقيق حصيلة جد إيجابية بخصوص مختلف الترشيحات الشخصية والمؤسساتية التي تقدم بها خلال 2017". فماهي المناصب التي حصل عليها المغرب؟ ومن هم المغاربة الذين يتربعون على كراسيها؟
السعدية بلمير.. أول إفريقية بلجنة مناهضة التعذيب
من أبرز المناصب التي حصل عليها المغاربة على صعيد حقوق الإنسان في 2017، انتخاب السعدية بلمير، لولاية رابعة، كخبيرة بلجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، عقب تصويت أجري في 5 أكتوبر 2017 بجنيف، خلال الدورة الـ16 لاجتماع الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب وﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺿﺮوب اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ، أو اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ أو اللاإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﻤﻬﻴﻨﺔ.
وتعد السعدية بلمير، المرأة العربية والإفريقية الوحيدة في هذه اللجنة المكونة من عشرة خبراء مستقلين مشهود لهم بالأخلاق العالية والتجربة والكفاءة في مجال حقوق الإنسان، بينما تعد لجنة مناهضة التعذيب جهازا من أجهزة الأمم المتحدة مختصا بدراسة تقارير الدول الأعضاء في اتفاقية مناهضة التعذيب والإشراف على تطبيقها وإصدار التوصيات للدول المصادقة على الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ منذ 1987.
محمد عياط.. حماية الأشخاص من الاختفاء القسري
تميزت 2017 بانتخاب المغربي محمد عياط، عضوا بلجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، خلال انتخابات جرت في 20 يونيو 2017 بنيويورك، على هامش الاجتماع الرابع للدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وتم انتخاب البروفيسور عياط، العضو السابق بلجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمستشار القانوني للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، عضوا لأربع سنوات في اللجنة التي تضم عشرة خبراء مهمتهم السهر على تنزيل الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
أمال العمري.. نقابية في منظمة العمل الدولية
تميزت السنة المشرفة على الانتهاء، بانتخاب أمال العامري، عن المركزية النقابية، الاتحاد المغربي للشغل، في منصب عضو مساعد لمجموعة العمال داخل مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، للفترة من 2017 إلى 2020، خلال الانتخابات المنعقدة بجنيف يوم 12 يونيو 2017.
والعمري، مستشارة برلمانية، وحصلت على ذلك المنصب الدولي بعد انتخابات نالت فيها 95 صوتا من أصل 129 صوت، في إطار انتخاب ممثلي العمال، وبذلك احتلت المرتبة الخامسة من أصل تسعة عشر نائبا، اثنان منهم مخصصان لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
ويعتبر المؤتمر الذي انتخبت فيه بمثابة برلمان لمنظمة العمل الدولية العضو بمنظمة الأمم المتحدة، ويعرف مشاركة ثلاث دوائر انتخابية تمثل على التوالي في الحكومات، وأرباب العمل، والعمال، بينما اعتبر فوزها "تتويجا لمكانة المغرب الدولية واعترافا بمسار مناضلة نقابية وتقديرا للجهود التي قامت بها في الولاية السابقة من دفاع مستميت عن العمل اللائق واحترام الحقوق الأساسية للعمال".
العلوي وتوفيق.. مغربيتان في "يونسكو"
عرفت سنة 2017 أيضا، تحقيق عدة نجاحات على مستوى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، عكست، حسب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، "مصداقية الرؤية الإستراتيجية للمغرب في مجالات التربية والعلوم والثقافة وطبع التشبث بالقيم التي تدافع عنها اليونسكو والتزام المملكة بالمشاركة في تحقيق أهدافها".
وفي هذا الشأن تم انتخاب المغرب بالتصفيق وبالإجماع لرئاسة المؤتمر العام، للفترة 2017- 2019، في شخص زهور العلوي، السفيرة المفوضة الدائمة للمملكة لدى اليونسكو، أول سيدة عربية، إفريقية ومسلمة تتولى هذا المنصب.
وأعيد انتخاب المغرب عضوا بالمجلس التنفيذي للفترة ما بين 2017 و 2021 إلى جانب 57 بلدا آخر . ويعد المجلس التنفيذي إحدى الهيآت المؤسساتية الثلاثة لليونسكو (إلى جانب المؤتمر العام والكتابة). ويضطلع المجلس التنفيذي المنتخب من قبل المؤتمر العام بدور الإشراف على أشغال المنظمة بين دورات المؤتمر.
وتجسيدا للخبرة النسوية المغربية، تم تعيين القاضية المغربية لطيفة توفيق، لولاية من أربع سنوات، في منصب رئيسة مجلس الاستئناف التابع لليونسكو، الذي يعد هيأة استشارية مكلفة بالفصل في النزاعات ذات الطابع الإداري لمستخدمي المنظمة.
واعتبرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أن عمليات الانتخاب المذكورة، "تعزز تموقع المغرب داخل مختلف اللجان والهيآت التابعة لليونسكو، من بينها على الخصوص، مجلس لجنة علم المحيطات البين حكومية التابعة للمنظمة والتي يتمتع المغرب داخلها بالعضوية منذ يوليوز 2017. وتضطلع هذه اللجنة بدور تنمية التعاون بين الدول الأعضاء في مجال دراسة المحيطات".
مناصب أخرى للمغرب
كشفت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أيضا، انتخاب المغرب، بفضل جهوده في مجال الهجرة، رئيسا رفقة ألمانيا للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية منذ يناير 2017.
ويعد هذا المنتدى مبادرة بين-حكومية أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة لتدارس ومناقشة العلاقات بين الهجرة والتنمية بطريقة عملية وموجهة نحو العمل.
ومن بين الأولويات التي سطرها المغرب خلال رئاسته المشتركة للمنتدى، المساهمة في الميثاق العالمي للهجرة والذي يشكل إشارة قوية للمجتمع الدولي من أجل صياغة سياسة عالمية أفضل في مجال الهجرة.
وسيدعو المغرب في إطار الميثاق وداخل المنتدى لتعاون متعدد الأطراف على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، وعيا منه بأهمية تبني مقاربة تستشرف المستقبل.
وفي هذا الإطار، تم اختيار المغرب من طرف الأمم المتحدة لاحتضان ا لقمة العالمية حول الهجرة بمراكش في دجنبر 2018.
كما انتخب المغرب بإجماع 193 عضوا في الأمم المتحدة، نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة حول المحيطات، مما يشكل امتدادا للدور الذي تضطلع به المملكة من أجل وعي أكبر بأهمية حماية المحيطات، والذي كانت أحد رواده، عبر تنظيم تظاهرة مخصصة للمحيطات "يوم المحيطات" بمراكش، في نونبر، في إطار مؤتمر (كوب 22).
وقد أسفر هذا المؤتمر من مستوى عال، والذي عرف مشاركة أزيد من 120 دولة عن تبني إعلان بعنوان "المحيط مستقبلنا : نداء للعمل".
الإعلان، الذي زكته الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليوز 2017، يعتبر بمثابة إطار عالمي جديد للتأكيد مجددا على الالتزامات المتخذة من أجل حماية الحياة في المحيطات ومواردها في إطار تفعيل أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030. 3- حضور نشيط ودؤوب داخل الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة :
وقد انتخب المغرب عضوا مساعدا في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، عن شمال إفريقيا لولايتين متتاليتين بالمجلس الإداري كعضو مساعد من 2017 الى 2020، ثم كعضو عامل في الثاني من 2020 إلى 2023.
وعرفت 2017 أيضا، إعادة انتخاب المغرب لولاية جديدة 2018-2019، كعضو في مجلس إدارة المنظمة البحرية الدولية، الهيئة العالمية المكلفة بوضع معايير السلامة والأمن والأداء البيئي على مستوى النقل البحري الدولي. وتجسد إعادة الانتخاب هاته الدور الهام الذي يضطلع به المغرب كبلد بحري ورؤيته الإستراتيجية في مجال الأمن والسلامة البحريين، والوقاية من التلوث البحري.
وخلال الدورة الـ 17 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية الذي انعقد في نونبر 2017 بفيينا، تم اختيار المغرب لتمثيل المجموعة الإفريقية داخل المكتب التنفيذي للمؤتمر، حيث يتولى منصب نائب الرئيس.
كما تم انتخاب المغرب، لولاية من أربع سنوات، عضوا بمجلس التنمية الصناعية التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، الهيئة التنفيذية الرسمية للمنظمة والتي تتكون من 53 دولة. وأصبح المغرب عضوا باسم المجموعة الإفريقية في لجنة البرنامج والميزانية لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية التي تضم 27 عضوا يمثلون 27 بلدا.
وتعتبر منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية إحدى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، تضطلع بمهمة المساعدة على التنمية الصناعية للدول الأعضاء ومواكبة البلدان السائرة في طريق النمو في إعداد السياسات الصناعية وخلق صناعات جديدة وكذا تطوير الصناعات القائمة.
وسيمكن انتخاب المغرب داخل الأجهزة الرئيسية لهذه الهيئة من تمتين التعاون والشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وإبراز مدى فعالية الإستراتيجية المغربية في مجال التسريع الصناعي.
المغرب انتخب كذلك، نائبا لرئيس الجمعية العامة الـ72 للأمم المتحدة، باسم المجموعة الإفريقية، وكذا نائبا لرئيس "اللجنة المكلفة بالسياسات الخاصة وتصفية الاستعمار"، المعروفة باللجنة الرابعة، وذلك خلال انتخابات جرت بنيويوك يوم 31 ماي 2017.
وخول منصب نيابة رئيس الجمعية العامة للمغرب أن يشغل مقعدا مع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن ورؤساء اللجان الستة الكبرى للجمعية العامة للأمم المتحدة داخل الأمانة العامة (المكتب)، التي ستقود أشغال الجمعية العامة إلى جانب الرئيس الحالي السيد ميروسلاف لاجكاك (سلوفاكيا).
كما تم انتخاب المغرب داخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة برسم الفترة 2018-2020، خلال انتخابات جرت بنيويورك يوم 20 يونيو 2017 داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وسيمكن ذلك المملكة، حسب وزارة الشؤون الخارجية، من مواصلة العمل على تعزيز التعاون من أجل التنمية بين الدول ومواجهة التحديات الراهنة والصاعدة المطروحة أمام المجتمع الدولي بأسره. ويمثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة أرضية يمكن للمغرب أن يتواصل فيها حول التقدم الذي حققه في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ويعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة أحد الأجهزة الرئيسية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة. ويتكون من 54 عضوا، ويتمثل دوره في ضمان التنسيق بين وكالات الأمم المتحدة وتقييم عملها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة. ويساهم عبر أجهزته الفرعية وخاصة، المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة ولجنة المرأة ولجنة التنمية الاجتماعية في تنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة.
وتميزت سنة 2017 أيضا، بنجاح الترشيحات المغربية المقدمة على مستوى مختلف الأجهزة التقريرية المكلفة بمجالات تمثل أهمية استراتيجية بالنسبة للمغرب، وتشمل الدعامات الثلاث ذات الأولوية بالنسبة للأمم المتحدة : السلم والأمن، وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة.
وفي مجال السلم والأمن وفي مجال مكافحة الإرهاب واعترافا، بالإجماع، بريادة المغرب وبمصداقية استراتيجيتها ضد هذه الآفة، أوضحت وزارة الخارجية والتعاون، أنه تمت إعادة انتخاب المغرب إلى جانب هولندا لولاية ثانية من سنتين لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
وقد أضحى ذلك المنتدى منذ إحداثه سنة 2011، حسب وزارة الخارجية، أرضية متعددة الأبعاد معترفا بها في الهندسة العالمية لمكافحة الإرهاب. ويتمثل دوره في تعبئة المعارف والموارد اللازمة لتعزيز القدرات وتدعيم التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب.
وبخصوص الهيئات المكلفة بنزع السلاح ومنع الانتشار، تم انتخاب المغرب لرئاسة الدورة الـ22 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية ومنسقا للمجموعة الإفريقية لقضايا الأسلحة الكيماوية.
ويترجم ذلك الاختيار، بالإجماع، حسب وزارة الخارجية، "الثقة الموضوعة في المملكة كفاعل ملتزم وذي مصداقية في منتديات منع التسلح وعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل. كما يعكس الثقة التي تتمتع بها لدى أسرتها الإفريقية من أجل إسماع صوت إفريقيا والترافع لصالح الاستعمال السلمي للصناعات الكيماوية، لغايات تنمية وازدهار القارة.
كما أعيد انتخاب المملكة لولاية جديدة من سنتين (2017- 2019) بالمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية الذي كانت تتوفر على مقعد فيه، باسم المجموعة الإفريقية، لمدة 19 سنة.
وتعد إعادة انتخاب المغرب بلجنة الأمم المتحدة للوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية، التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وانتخابه لرئاسة هذه اللجنة، حسب بلاغ الوزارة، شهادة اعتراف دولي جديدة بالجهود التي يقوم بها المغرب في مجال مكافحة مختلف أشكال الجريمة.
وبرئاسته للجنة الأمم المتحدة للوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية، سيعمل المغرب على ضمان إجراء وإدارة المشاورات والمفاوضات التي ستتوج بقرارات ستتم المصادقة عليها من قبل اللجنة والتي تعالج مواضيع تتعلق على الخصوص بالإرهاب ومكافحة الاتجار في البشر، والجريمة الإلكترونية وكذا الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وتتمثل مهمة لجنة الأمم المتحدة للوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية في تحفيز عمل دولي لمكافحة الجريمة الوطنية والعابرة للحدود وتحسين فعالية وحياد أنظمة إدارة العدالة الجنائية. وتضم اللجنة ممثلي 40 دولة من بينها المغرب.