ساعات قبل افتتاح الملك محمد السادس الدورة الخريفية للبرلمان، الجمعة 13 أكتوبر، رفعت المحكمة الدستورية، عدد النواب، الذي حصلوا على مقاعد المجلس بطرق تشوبها خروقات إبان اقتراع 7 أكتوبر 2016، إلى 19، بنشرها قرار إلغاء مقعد محمد السيمو، النائب عن دائرة العرائش باسم حزب الحركة الشعبية. "فلاش باك" عن قائمة البرلمانيين الذين أسقطتهم المحكمة الدستورية.
استغلال الرموز الوطنية
محمد البرنيشي، كان قبل صدور قرار المحكمة حول الحركي محمد السيمو، آخر نائب أسقطت عضويته بمجلس النواب من قبل المحكمة الدستورية، وتم ذلك بموجب قرار صادر عنها في الخامس من أكتوبر الجاري. البرنيشي، الذي كان نائبا عن دائرة جرسيف، وترجع أسباب إسقاط عضويته إلى كون أحد مسيري حملته الانتخابية نشر على حسابه الشخصي بأحد مواقع التواصل الاجتماعي صورة العلم الوطني، عوض شعار ''تامغرابيت'' الذي وضعه حزب الأصالة والمعاصرة الْمُتَرَشِّحِ باسم، وصورة الملك محمد السادس وهو يتولى سياقة جرار.
وبالنسبة إلى المحكمة، كان لتلك الصورة تأثير مباشر على الناخبين، وَمَسَّ بنزاهة الانتخابات، وهي المخالفة التي تورط فيها كذلك، سعيد الرحموني، الذي ألغيت عضويته بمجلس النواب من قبل المحكمة المذكورة بمقتضى قرار صدر عنها في الثاني من أكتوبر الجاري.
الرحموني، الذي نَجَحَ نائبا برلمانيا عن دائرة الناظور، بررت المحكمة مسألة تجريده من عضويته باستغلاله للرموز الوطنية، إذ قام بتوزيع عدد لجريدة ''أنباء الريف'' خاص بالانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر 2016، تضمن صورا للعلم الوطني، وللملك محمد السادس، وظهرت فيه، كذلك، شخصيات أجنبية، وهو ما يشكل، استنادا إلى المحكمة الدستورية، مخالفة للمادة 118 من القانون رقم 11-57.
وبدائرة أكادير-إداوتنان تم إلغاء عضوية النائب حميد وهبي، بمقتضى قرار صادر عن المحكمة الدستورية، بتاريخ 3 يوليوز 2017، لكون الأمانة المحلية للحزب (البام) الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه المذكور نشرت على صفحتها بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، بتاريخ 30 شتنبر 2016، صورة لشبان يرتدون صدريات تحمل رمز الحزب، مع صورة كبيرة تتضمن العلم الوطني وشعر المملكة.
أما دائرة سطات الانتخابية، فقد شهدت إسقاط العضوية عن النائب عبد الله أبو فارس، وفقا لقرار صادر عن المحكمة المذكورة، مؤرخ بتاريخ 13 يونيو 2016، وذلك بسبب كون الجريدة الناطقة باسم الحزب (الاستقلال) الذي ترشح باسمه نشرت له حوارا يستعرض فيه برنامجه الانتخابي، وإلى جانبه صورة الملك محمد السادس.
خطأ في إحصاء الأصوات
أصدرت المحكمة بتاريخ 26 شتنبر 2017، قرارا جردت فيه عمر بومريس، النائب عن دائرة سيدي إفني، من عضويته بالمجلس المذكور، ومنحتها للنائب محمد أبدرار، وذلك بعد حصول هذا الأخير على 6185 صوتا بعد إعادة الفحص والإحصاء، مقابل 6144 صوتا قبل ذلك. أما بومريس فقد حصل بعد إعادة الفحص والإحصاء على 6152 صوتا، مقابل 6148 قبل إجراء هذه العملية.
القرار نفسه أسقط عضوية محمد بلفقيه، النائب عن نفس الدائرة الانتخابية، الذي قام، حسب هذه المحكمة، بتوزيع منشور انتخابي على شكل كتيب، يتضمن حصيلته خلال الولاية التشريعية المنصرمة، ونُشِرَ على غلافه صورة لبلفقيه بقاعة الجلسات بمجلس النواب، وصورة شاملة لهذه الأخيرة، إضافة إلى رمز مجلس النواب، وهو الأمر الذي يعتبر مخالفة للمادة 32 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
محمد دريسي، النائب عن دائرة بولمان، أسقطت عنه، من قبل المحكمة المذكورة، عضوية مجلس النواب، بتاريخ 13 يوليوز 2017، ومنحها للنائب رشيد حموني بعدما تبين، عن طريق إعادة الفحص والإحصاء، أن هذا الأخير حصل على 7484 صوتا بدل 7449 قبل إجراء هذه العملية، بينما حصل دريسي، بعد هذه العملية، على 7464 صوتا، وعلى 7453 قبلها.
فاقدون لأهلية الترشيح
المحكمة، قبل أن تسقط عضوية مجلس النواب عن بومريس وبلفقيه، أسقطتها، بتاريخ 18 شتنبر الماضي، عن علي أمنيول، النائب عن دائرة المضيق- الفنيدق، لأنه، حسب المحكمة الدستورية، صدر في حقه قرار بالعزل من مهامه رئيسا للمجلس الجماعي لمرتيل، وذلك بمقتضى المرسوم رقم 2.14.960، الصادر بتاريخ 30 دجنبر 2014، نظرا لعدم احترامه لبعض القواعد المتعلقة بالصفقات العمومية، ومنحه شواهد بمثابة الإذن بالتحفيظ، إلى جانب خروقات أخرى للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، الأمر الذي يجعله فاقدا لأهلية الترشيح، وفقا لمقتضيات المادة 6 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
حاميد البهجة، النائب عن دائرة تارودانت الشمالية، سحبت منه المحكمة الدستورية صفة النائب بالغرفة الأولى للبرلمان، بتاريخ 6 يوليوز 2017، وذلك لأنه لا يتمتع بأهلية الانتخاب والترشح، إذ سبق وأدين بسنة واحدة حبسا نافذا، لارتكابه جناية محاولة الاختطاف والهجوم على مسكن الغير والضرب والجرح، مما يجعله في وضعية مخالفة لمقتضيات المادتين 7 (البند الثاني) و8 من القانون رقم 57.11، وكذا المادتين 6 (البند الثالث) و89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وأشار قرار المحكمة الدستورية، أن وثيقة رد الاعتبار القضائي التي استصدرها المطعون في انتخابه من محكمة الاستئناف بأكادير مخالفة لمقتضيات المادة 693 من قانون المسطرة الجنائية، لكونه صدر بتاريخ 11 ماي 2016، أي بعد انصرام أمد تقادم عقوبته الجنائية.
الأصوات مقابل العلاج
يوسف هوار وعبد القادر حظوري، النائبين عن دائرة وجدة-أنجاد، كانا، أيضا، من ضمن النواب الملغاة عضويتهم، من طرف المحكمة الدستورية، بمجلس النواب، إذ قاما، طيلة أيام الحملة الانتخابية، ويوم الاقتراع، بتوزيع أقراص مدمجة تتضمن أشرطة فيديو، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الموقع الشخصي للمرشح المرتب ثالثا في لائحة المطعون في انتخابهما.
إحدى تلك الأشرطة يظهر فيها مرشح في اللائحة، يوجه خطابا للناخبين، يشعرهم فيه أنه أنشأ، إلى جانب بعض المحسنين، مؤسسة صحية خاصة، سَتُفْتَتَحُ قريبا، تسمى ''مركز الحياة''. كما قال، في نفس الشريط، أنه سيوزع وصولات على الحاضرين، يمكنهم استبدالها ببطاقات تسمح لهم بالولوج المجاني إلى هذه المصحة.
وفي نظر المحكمة، بذلك الوعد، يكون المرتب ثالثا في لائحة المطعون في انتخابهما قد استغل المشاريع الصحية الخاصة في الدعاية الانتخابية، وقدم للناخبين هبات عينية مقايضا بها، بشكل ظاهر، منحه أصواتهم، وهو سلوك يتنافى مع حرية ونزاهة الانتخاب، ويشكل مناورة تدليسية أثرت على إرادة الناخبين، وأفسدت العملية الانتخابية.
استغلال التجهيزات العامة
محمد ادعمار، النائب عن دائرة تطوان، كان أول من أسقطت عنه المحكمة الدستورية عضوية مجلس النواب، وذلك بتاريخ 6 يونيو 2016، إذ سخر، حسب قرارا المحكمة المذكورة، وسائل مملوكة للجماعة من ناقلات وحواجز، لتنظيم مهرجان انتخابي بساحة المسرح بتطوان، بتاريخ 30 شتنبر 2016.
وقالت المحكمة، إن المرشح ذاته، زود أيضا المهرجان الخطابي السالف الذكر بالإنارة من الكهرباء العمومية، ووظف عمال يحملون أقمصة مكتوب عليها ''الجماعة الحضرية لتطوان'' في أعمال تحضير المهرجان المذكور، إضافة إلى كونه سَيَّجَ الساحة بمجموعة من الحواجز تحمل شارة الجماعة المعنية، واستعمل شاحنات تابعة لها، ما يعني استغلالا لصفته كرئيس جماعة ترابية.
تضليل الناخبين
في خامس أكتوبر الجاري، أسقطت المحكمة كذلك، علي الجغاوي، الذي كان نائبا عن الدائرة الانتخابية جرسيف، لأنه عمد إلى إخفاء صورة المُرَتَّبِ ثانيا، أي وصيفه في اللائحة، بحيث وزع، فقط، المنشورات التي تحمل صورته بمفرده، ووزعها بجماعة لقصر التي يترأس مجلسها الجماعي.
وتشابهت حيثيات إلغاء الجغاوي، مع أسباب إسقاط عضوية لحسن أيت إشو، النائب عن دائرة خنيفرة، بقرار للمحكمة الدستورية صدر في 28 شتنبر الماضي، لأنه قام، خلال حملته الانتخابية، بتوزيع إعلانات فردية لمرشحي لائحته، دون توضيح صفتهم وترتيبهم، متحايلا بذلك على الناخبين، ومُوهِماً إياهم أن الأمر يتعلق باقتراع أحادي، مما جعلهم يتعاطفون مع صاحب الإعلان الفردي، تبعا لانتمائه القبلي، والعائلي، والمهني، اعتقادا منهم بأنه المرشح الوحيد في تلك المنطقة.
وفي الخامس من شتنبر المنصرم، أصدرت المحكمة قرارا تلغي بموجبه عضوية محمد غالم، النائب عن دائرة إنزكان-آيت ملول، بمجلس النواب، للأسباب نفسها، فقد قام بمعية أنصار حزبه، بتوزيع وتعليق إعلانات انتخابية متباينة على الأعمدة الكهربائية، وعلى واجهات المقرات، لا تحمل إلا اسما واحدا وصورة واحدة في الجماعات الستة التي تتكون منها الدائرة الانتخابية. كما قام بإخفاء بيانات المترشح الثالث في لائحته، الشيء الذي يشكل، حسب مضمون قرار المحكمة، تدليسا على الناخبين.
زين العابدين حواص، النائب عن دائرة برشيد، أسقطت عنه، كذلك، عضوية مجلس النواب من قبل المحكمة الدستورية، بتاريخ 5 شتنبر 2017، والأسباب، حسب قرار المحكمة، تجلت في كون المرتب ثانيا في لائحته، قام، خلال الحملة الانتخابية، بتوزيع مطبوعات انتخابية حملت صورته لوحده كوكيل للائحة، دون صور باقي المترشحين الثلاثة، ما يستفاد منه، حسب المحكمة، اتفاق جميع أعضاء اللائحة على توزيع مطبوعات تحمل صورة كل واحد منهم بمفرده في الجماعة التي ترشح فيها، بغرض تضليل الناخبين والتأثير على إرادتهم.
وألغت المحكمة الدستورية مقعد محمد كريمن، النائب عن دائرة بنسليمان، بدوره، من أجل التضليل، إذ قام، حسب المحكمة المذكورة، بتوزيع منشورات انتخابية تضمنت صورته بمفرده، دون الإشارة إلى كونه وكيلَ لائحةِ الترشيحِ، ودون ذكر أسماء باقي المترشحين باللائحة المعنية وترتيبهم، موهما بذلك الناخبين أن نمط الاقتراع فردي وليس لائحي.
أما بالنسبة لحميد ابراهيمي، النائب عن دائرة بني ملال، فقد ألغت المحكمة الدستورية عضويته بالمجلس السالف الذكر، بتاريخ 11 يوليوز 2017، لأنه قام بتوزيع إعلانات انتخابية تتضمن صورا فردية لمرشحين في لائحته، دون الإشارة إلى صفتهم في الحالة الأولى. ومن جهة أخرى، فقد قام بنشر صورتين فقط؛ الأولى له كوكيل للائحة، والثانية لمترشح في لائحة ترشيحه دون ذكر اسمه، مما يشكل تحايلا على نمط الاقتراع، وإيهاما للناخبين بأن الأمر يتعلق بنمط الاقتراع الفردي وليس اللائحي.