هكذا تتصور لبنى طريشة رد الاعتبار لـ"بضاعة" التكوين المهني

المصطفى أزوكاح

تتطلع إلى تغيير وجه مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، تراهن على توفير الكفاءات التي تستجيب لانتظارات القطاعات الإنتاجية عبر مدن المهن والكفاءات، هذا صلب الموضوع الذي تتصدى للإحاطة بجميع جوانبه، لكنها لا تغفل الجوانب التواصلية التي تساهم في تغيير صورة المكتب لدى المتفاعلين مع عروضه لفائدة المقاولات المغربية، كما تستحضر التحولات التي طرأت على مسارات الأشخاص المهنية، حيث يتوجب عليهم، في ظل السياقات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة، تغيير مهنهم على الأقل ثلاث مرات في حياتهم.

بروفايلات جديدة

لاتركن لبنى طريشة، المديرة العامة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، للمقولة التي تربط بين التكوين وضعف تشغيل الخريجيين. ذلك شعار في تصورها، يجري تداوله، لكن لا دراسات إلى حدود الآن تؤكد تلك العلاقة السبيية، التي يرددها الكثيرون عندما يتناولون وضعية سوق الشغل والبطالة بالمملكة.

صحيح أن المندوبية السامية للتخطيط تذهب إلى أن البطالة تطال أكثر من 24 في المائة من خريجي التكوين المهني، غير أن طريشة تعتبر أنه في ظل ضعف فرص العمل المتاحة بسبب مستوى النمو الاقتصادي، فإن ولوج 70 في المائة لسوق الشغل أمر يرضيها.

ويتجلى من حديث المديرة العامة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، حين استضافتها من قبل «الفوروم» المنظم من قبل "تيل كيل" الاثنين، بالدار البيضاء، أن التكوين يجب أن يستجيب لانتظارات القطاعات الإنتاجية، حيث يفترض نسج نوع من العلاقة التفاعلية بين المكتب وتلك القطاعات.

هذا يستدعي إنجاز دراسة حول حاجيات مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمات من «البروفايلات» التي تستجيب لانتظاراتها، ما يقتضي انخراط جميع الفاعلين، خاصة الحكوميين منهم، في توضيح الرؤية حول ذلك الأمر، علما أن المقاولات نفسها لا تتوفر على رؤية واضحة حول حاجياتها من الموارد البشرية على مدى خمسة أعوام.

تبدو طريشة مدركة لطبيعة المقاولات المغرب، التي تمثل فيها المقاولات الصغرى والمتوسطة نسبة 95 في المائة، في الوقت نفسه الذي تعي انشغالات جزء كبير منها، يسعى إلى التوفر على كفاءات حائزة على تكوينات تأهيلية عوض التكوينات ذات الطبيعة التقنية العليا، فالأجر الذي ستوفره حاسم بالنسبة لتلك المقاولات.

تسجل طريشة أن عدد خريجي معاهد التكوين المهني انتقل من 50 ألف في 2000 إلى 500 ألف حاليا، بينما تضاعف عدد معاهد التكوين من 180 إلى 360 معهد، غير أنها تتطلع إلى إعادة النظر في الرهان العددي، وتقليص عدد الخريجين إلى 450 ألف. هذا مقترح تقدمت به لمجلس إدارة المكتب.

مدن المهن أولا

تبدي طريشة إصرارا كبيرا تنفيذ خارطة الطريق الجديدة، التي باركها الملك محمد السادس، على أرض الواقع، هذا يدفعها إلى التشديد على التواصل من أجل ضمان انسجام التدخلات، خاصة في ظل انخراط الفاعلين الاقتصاديين والجهات في ترجمة تلك الخارطة.

وتعول على توفير الكفاءات للفاعلين الاقتصاديين والاجتماعي على الصعيد الوطني والجهوي، وهو توجه تريد ترجمته عبر الانفتاح على قطاعات جديدة، خاصة منها ذات العلاقة بالتكنولوجيات الجديدة والرقمنة وإعادة هيكلة سلاسل التكوين القائمة.

لن يقتصر تدخل المكتب، كما تتصوره طريشة، على توفير الكفاءات للقطاعات الإنتاجية، بل تراهن على تشجيع الخريجين على التوجه نحو خلق المقاولات، فذلك في رأيها بعد لا مفر من الانخراط فيه في المستقبل.

ولا تغفل استراتيجية التكوين المهني، التي تتطلع إلى استثمار التقاطعات الممكنة، التي يمكن أن تتيحها مع الاستراتيجية الجديدة، الرامية إلى خلق مدن المهن والكفاءات، التي سيجري إحداثها في 12 جهة، حيث ستسير من قبل شركات مجهولة الإسم، يساهم فيها مهنيو السلاسل المعنية والجهات.

تلك مدن ستراعي خصوصيات الجهات التي ستحدث بها، و ستستدعي استثماراتها في حدود 3,6 ملايير درهم، حيث سيشرع في فتحها اعتبارا من الدخول المدرسي لعام 2021 وإلى غاية 2022.

وتتجه خارطة الطريق الجديدة، نحو اعتماد مقاربة تراعي هدف الجهوية المتقدمة، التي ستفضي إلى تولي الجهات أمر التكوين المهني، حيث أنه سيجري تحديد الحاجيات، حسب كل جهة، مع خلق تكوينات تستحضر الرقمنة والأوفشورينغ والذكاء الاصطناعي.

لا تغيب انشغالات الفاعلين الاقتصاديين عن لبنى طريشة، التي سبق لها أن تولت مسؤوليات حاسمة في المجمع الشريف للفوسفاط، حيث أشرفت فيه على العديد من المشاريع بمديرية التطوير الصناعي، قبل أن تكلف بمهمة بديوان رئيسه مصطفى التراب،  لتلتحق في 2017 بمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، حيث تولت منصب الكاتبة العامة، ثم المديرة العامة بالنيابة، ما أتاح لخريجة المدرسة المحمدية للمهندسين، التعرف عن قرب على الإشكاليات الكبرى للتكوين وتتعرف على تفاصيل التركة التي خلفها المدير العام السابق العربي بن الشيخ.