في سياق الجدل الدائر حول فرض رسوم على "الأسر الميسورة" لتسجيل أبنائها في التعليم العمومي، وهو المقترح الذي حملته المادة 45 من قانون الإطار للتربية والتكوين الذي صادق عليه المجلس الحكومي، "تيل كيل عربي" يعود إلى موقف الملك محمد السادس خلال خطاب له أمام مجلس النواب، موقف حمل مباركته لما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين حينها، والذي تضمن إشارة إلى مساهمة الأسر الميسورة في ضمان موارد مالية للتعليم العمومي.
خيار الدولة في فرض رسوم التسجيل على "الأسر الميسورة" ليس أمرا جديدا، بل إن الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أعدته لجنة شكلها الملك الحسن الثاني قبل رحيله نص على ضرورة : "تفعيل التضامن الاجتماعي بإقرار رسوم التسجيل في التعليم العالي، وفي مرحلة لاحقة في التعليم الثانوي" .
وقد حظي الميثاق بموافقة ورضى الملك محمد السادس الذي أكد في خطاب افتتاح البرلمان في 8 من أكتوبر 1999 أن رؤية الميثاق "تعبر عما نبتغي من تعليم مندمج مع محيطه منفتح على العصر دون تنكر لمقدساتنا الدينية ومقوماتها الحضارية وهويتنا المغربية بشتى روافدها".
ولم يكتف الملك بمباركة رؤية الميثاق، بل إنه خصص حيزا في خطابه للحديث عن مجانية التعليم وعن رسوم التسجيل التي كان يفترض أن تدفعها "الأسر الميسورة" منذ مدة لولا تعثر تنزيل بنود الميثاق.
في هذا الصدد، يقول الملك محمد السادس "ولقد أصررنا من منطلق حرصنا على تمتيع كل الفئات بالتعليم والتربية أن يظل مجانيا على مستوى التعليم الأساسي ولن تتم مساهمة الفئات ذات الدخل المرتفع بالنسبة للتعليم الثانوي إلا بعد خمس سنوات من الوقوف على نجاح هذه التجربة مع الإعفاء التام للأسر ذات الدخل المحدود. أما بالنسبة للتعليم العالي فلن تفرض رسوم التسجيل إلا بعد ثلاث سنوات من تطبيق المشروع مع إعطاء منح الاستحقاق للطلبة المتفوقين المحتاجين"، إلا أن عدم تحويل رؤية الميثاق إلى قانون إطار حال دون تطبيقها، وهو مايتم تداركه الآن مع الرؤية الاسترايجية لمجلس عزيمان، التي تم التنصيص على أغلب ما ورد فيها في مشروع القانون الإطار، الذي يرتقب أن يصادق عليه المجلس الوزاري في لقاء مقبل، قبل إحالته على البرلمان وسط جدل كبير بين المؤيدين والرافضين لفرض رسوم التسجيل.
مشروع القانون الإطار المتعلق بإصلاح المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي الذي صادقت عليه الحكومة في 4 من يناير الجاري يأتي ترجمة لما ورد في الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم التي تسلمها الملك محمد السادس في 20 من ماي 2015 من رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، عمر عزيمان، والتي نصت صراحة على "إقرار رسوم التسجيل في التعليم العالي، وفي مرحلة لاحقة في التعليم الثانوي التأهيلي مع تطبيق مبدأ الإعفاء الآلي على الأسر المعوزة".