أكد السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، خلال الندوة الدولية التي نظمتها اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، أمس الأربعاء، بالرباط، حول "حماية الأطفال خلال الأزمات الإنسانية"، أن "الجماعة الانفصالية المسلحة "البوليساريو" والجزائر تتقاسمان مسؤولية تجنيد أطفال مخيمات تندوف. وبالتالي ، فإنهما متورطان في ارتكاب جريمة حرب".
وأبرز هلال، في مداخلة حملت عنوان "القانون الدولي والأطفال الجنود"، التقدم المحرز على مستوى المعايير الدولية لحماية الأطفال، خلال العقود الثلاثة التي أعقبت دخول الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989، حيز التنفيذ، مشيرا إلى أن هذه الصكوك الدولية صنفت تجنيد الأطفال في القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة، كجريمة حرب.
وأعرب في هذا الصدد، عن أسفه، لأنه على الرغم من وجود هذه الترسانة المعيارية الدولية الملزمة منها (الاتفاقيات الدولية، وقرارات مجلس الأمن الدولي، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)، وغير الملزمة (قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومبادئ باريس 2007، ومبادئ فانكوفر 2017)، التي تؤطر حماية الأطفال في فترات النزاع، لا يزال الأطفال بمخيمات تندوف بالجزائر يتعرضون للاستغلال؛ حيث يتم استخدامهم كجنود من قبل "البوليساريو"، في إفلات تام من العقاب.
وعزّز هلال مداخلته بصور ومقاطع فيديو حقيقية تعرض للتدريبات العسكرية التي يخضع لها أطفال هذه المخيمات من قبل "البوليساريو"، مسجلا أوجه التشابه في تقنيات التدريب والتهييج والشحن بعقيدة العنف المسلح الذي تستخدمه الجبهة الوهمية والجماعات الإرهابية؛ مثل "داعش"، و"القاعدة".
كما سلّط الدبلوماسي المغربي الضوء على الفروقات بين المآل السلمي والواعد الذي يمنح للأطفال على مقاعد المدارس في الصحراء المغربية، والعنف والإرهاب الذي تعد له "البوليساريو" أطفال مخيمات تندوف.
واستعرض هلال أحكام القانون الدولي لإثبات أن مسؤولية الجبهة الوهمية والجزائر عن تجنيد أطفال مخيمات تندوف، هي مسؤولية مشتركة بينهما.
وندّد في هذا الصدد، بالصمت المتواطئ، بل وتحريض الجزائر على جريمة الحرب هذه، التي تتواصل لعقود على أراضيها، مؤكدا أن هذا انتهاك تامّ لالتزاماتها الدولية المنبثقة عن الصكوك التي هي طرف فيها، والتي تفرض عليها حماية هؤلاء الأطفال.
وأضاف هلال أن الجزائر متورطة أكثر، باستمرارها في رفض إحصاء وتسجيل اللاجئين بمخيمات تندوف، في انتهاك لاتفاقية جنيف لعام 1951، بشأن اللاجئين والقرارات العديدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو ما يحرم هؤلاء الأطفال من الحماية التي يمنحها لهم القانون الدولي الإنساني.
ودعا السفير المغربي المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية إلى إدانة جريمة الحرب هذه، وبذل قصارى جهودهم لحماية الأطفال في جميع مناطق العالم، ولا سيما في مخيمات تندوف، من استغلالهم كجنود من طرف الجماعات المسلحة، ولاسيما "البوليساريو".
وقدّم هلال، في هذا الإطار، جملة من التوصيات من أجل تنفيذ تدابير لوقاية الأطفال من التجنيد وحمايتهم، بما في ذلك، على وجه الخصوص، ضمان تسجيل الأطفال في مخيمات اللاجئين، وضمان حصولهم على التعليم. كما دعا إلى اتخاذ تدابير حاسمة وعاجلة في مجال مساءلة كل من يحرضون، أو يشجعون، أو يقومون بتجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.
كما دعا إلى ربط منح المساعدة الإنسانية بالاحترام الصارم لحقوق الطفل، ومنع الدعم لأي جماعة مسلحة متورطة في الشحن الأيديولوجي و/ أو تجنيد الأطفال.
تجدر الإشارة إلى أن ندوة "حماية الأطفال خلال الأزمات الإنسانية" تروم المساهمة في إثارة الانتباه الوطني والدولي لأسوء أشكال استغلال الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة، وذلك في ضوء القانون الدولي الإنساني، والتعرف على الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ومختلف المنظمات الدولية في هذا المجال.
كما تتوخى الندوة تقاسم الممارسات الفضلى في ميدان حماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية، وكذا إثارة الانتباه للظروف المتردية للأطفال خلال النزاعات المسلحة بإفريقيا، وتجنيدهم في الساحل وفي مخيمات تندوف وفي إفريقيا الشرقية، من لدن الجماعات المسلحة، من بينها "بوكو حرام"، و"القاعدة" بمنطقة الساحل، و"البوليساريو".