قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسة والنظم الصحية، إن "عام 2022 قد يكون هو عام نهاية جائحة "كوفيد-19"، أو قبل الأخير، ولكن بالتأكيد، ليس عام نهاية الفيروس نفسه الذي سيستمر في العيش بيننا، دون اضطرابات اجتماعية تذكر".
وأضاف حمضي في تصريح خصّ به موقع "تيل كيل عربي"، أن "هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية للخروج من الجائحة عالميا؛ حيث سيكون السيناريو الأول كارثيا، ولكنه ضعيف الاحتمال، إذا ما حدثت طفرات خطيرة أو ظهر متحور هجين من فيروس "كورونا" وفيروس آخر، مع مقاومة كبيرة للمناعة المكتسبة وأكثر فتكا عن طريق التلقيح أو المرض".
وتابع: "أما السيناريو الثاني؛ فهو متوسط مع تسلسل ظهور الطفرات والمتحورات، التي تنتقص من فعالية المناعة، مع حاجة مستمرة للإجراءات الوقائية وتكييف اللقاحات، وهو ما نشهده اليوم، لكن كمرحلة انتقالية نحو مرحلة أخرى يكون الفيروس فيها موسميا، فيما يبقى السيناريو الثالث الأكثر تفاؤلا واحتمالا؛ حيث أن الفيروس لن يختفي، ولكن سوف يصبح متوطنا، موسميا مثل الإنفلونزا، وستوفر اللقاحات المعدلة الحماية الملائمة من الحالات الحرجة، وستقلل المناعة السكانية من حدته، مع ظهور أدوية مضادة فعالة لـ"كوفيد-19"، وسهلة التناول دون الحاجة لدخول المستشفى؛ بحيث سيكون لها دور مكمل هائل في تفادي الحالات الحرجة لدى الفئات الهشة؛ مثل عقار "باكسلوفيدمن" من شركة "فايزر"".
ولتعزيز السيناريو الثالث، حسب حمضي، سيكون من الضروري "الامتثال للتدابير الوقائية والجماعية، وكذلك التطعيم الواسع على النطاق العالمي، للحد من انتشار الفيروس، والحد من خطر ظهور متحورات جديدة؛ بحيث أوصت منظمة الصحة العالمية بتطعيم 70 في المائة من سكان جميع البلدان، بحلول منتصف عام 2022، من أجل الخروج من الجائحة نهاية العام".
وأوضح الطبيب الباحث أنه لتحقيق هذا الهدف، "يتعين إنتاج المزيد من اللقاحات وتوزيعها بطريقة أكثر عدلا، واستخدامها على نطاق واسع ودون تردد؛ لذلك، ستعود المناقشات حول رفع براءات الاختراع، وعدالة توزيع اللقاحات، والتردد اللقاحي، وجائحة الأخبار الزائفة، إلى طاولة المناقشات، في أوائل عام 2022، من أجل إيجاد تسويات لها".
وأبرز أن "العديد من الخبراء يعتقدون أن متحورا آخر سيظهر قبل أفول الجائحة؛ إذ من المؤكد أن تحديث اللقاحات وتحيينها سيكون على جدول الأعمال في وقت مبكر من عام 2022، للتعامل مع مرحلة ما بعد "أوميكرون"، على الرغم من أن نظام التطعيم بثلاث جرعات، سيكون قادرا على توفير حماية جيدة على المدى الطويل، وخاصة للأشخاص الذين لا يعانون من عوامل الاختطار".
وأشار حمضي إلى أن "سنة 2022 ستشهد غضبا واحتجاجات الملقحين، بعد أن كانت سنة 2021 سنة احتجاجات معارضي اللقاحات والرافضين والمترددين، حيث سينتفض الملقحون ضد حرمانهم من حرياتهم وحياتهم الطبيعية، بسبب عجز الحكومات عن التعامل مع غير الملقحين الذين يشكلون مصدر خطر على أنفسهم، وعلى غيرهم، وعلى المنظومة الصحية؛ وهو ما سيضع المرشحين لتجديد ولاياتهم سنة 2022، في حرج انتخابي، بسبب غضب الجانبين".
وأشار الطبيب الباحث إلى إنه "مما لا شك فيه أن سنة 2022 ستكون سنة جواز اللقاح وإجبارية التطعيم، بالنسبة لعدد من الفئات المهنية والاجتماعية، كما ستظل مراقبة الحدود واشتراطات السفر قائمة، خلال سنتي 2022 و2023، بينما سيتوقف الانتعاش الاقتصادي لكل بلد على معدلات التغطية بالتلقيح، والتحكم في تفشي الفيروس والمتحورات؛ حيث ستؤدي البلدان المتأخرة عن ركب التطعيم، ثمنا اقتصاديا واجتماعيا".
أما في المغرب، لفت حمضي إلى أن "الأسابيع الثمانية إلى العشرة الأولى من سنة 2022 ستكون صعبة، بسبب الموجة الحالية التي بدأت بسبب الفصل البارد مع متغير "دلتا"، وأججها متحور "أوميكرون" الهائل الانتشار، الذي سيشكل تهديدا للمنظومة الصحية ببلادنا، على الرغم من أنه قد يكون أقل ضراوة من "دلتا"، مضيفا أن تباطؤ التطعيم والتراخي في احترام التدابير الحاجزية المهمة لـ"أوميكرون"، سهّل ازدياد الحالات بشكل كبير ومتسارع".
وشدد على أن "فصل الربيع سيشهد تحسنا كبيرا في الوضع الوبائي في المغرب وحول العالم"، مشيرا إلى أن "إعادة إطلاق التلقيح بسرعة وقوة، شرط أساسي لتحرير النظام الصحي والساكنة والاقتصاد والمدرسة من قبضة الفيروس وطفراته، حيث سيشكل العمل على الحد من انتشاره وتفشيه، حالة استعجال وأولوية، في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، كما ستشكل الجرعة الثالثة حجر الزاوية في هذه المعركة، فيما سيساعد تطبيق جواز اللقاح المترددين على اتخاذ القرار الصائب، ويحمي الأشخاص من ذوي الهشاشة الصحية والغير الملقحين لدواع طبية، ويضمن حياة طبيعية، أو تقريبا، لمجتمع الملقحين".
وأكد الطبيب والباحث أن "حماية الأطفال، ولا سيما تعليمهم، ستعتمد على احترام التدابير الوقائية والتلقيح الواسع للبالغين، لكنها ستتطلب بالتأكيد، تطعيم الأطفال دون سن 12 عاما، مؤكدا أن الفيروس سيستمر في الانتشار، ولكن دون تأثير مجتمعي خطير، طالما أن الأشكال الحرجة ستكون أقل عددا، ويمكن تدبيرها بسهولة أكبر".
وختم حمضي حديثه بالقول إن "المغرب سيشرع في إنتاج اللقاحات المضادة لـ"كوفيد-19"، التي ستساعده وتساعد إفريقيا على تحصين أفضل، والانطلاق من جديد بعد الجائحة، مضيفا أنها ستكون خطوة نحو التكنولوجيا الحيوية، وخطوة نحو المستقبل، من أجل السيادة الصحية والأمن الاستراتيجي للمغرب، والقدرة على مواجهة الأزمات الصحية في المستقبل".