هل يمكن إدراج اغتصاب طفلة تيفلت ضمن جريمة الاتجار في البشر؟

محمد فرنان

واقعة "الحكم المخفف" على ثلاثة متهمين في قضية اغتصاب طفلة بدوار الغزاونة بضواحي إقليم تيفلت لم يتجاوز عمرها 12 سنة، بشكل متكرر، ونتج عنه حمل، إضافة إلى تأكيد الخبرة الطبية للعلاقة البيولوجية بين الجنين وأحد المغتصبين، دفع إلى التساؤل، هل يمكن إدراج الملف ضمن جريمة الاتجار في البشر، للتطبيق على المتهمين بنود قانون 14.27؟

أركان الجريمة

المحامي محمد الصبار، الذي انتصب للدفاع عن الطفلة الحامل، قال في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، في جوابه على سؤال، هل ترقى أركان الجريمة للواقعة إلى مستوى الاتجار في البشر؟ "لا، لأنها تجربة معزولة ليس فيها تعدد في الحالات".

وأضاف المحامي، أن "الاتجار في البشر، حينما يتم استغلال عدد من الفتيات، هذا هو الفرق".

وحول أن الواقعة فيها تكرار لفعل الاغتصاب، أبرز أن "الملف فيه نفس الفتاة، مثلا إذا كان التغرير بقاصرات، حينها قد يمكن إدخال القضية في خانة الاتجار في البشر".

إشكالية التصنيف

وسجل رئيس النيابة العامة في دورية حول حماية ضحايا الاتجار في البشر بتاريخ 03 يوليو 2018: "لوحظ أن بعض النيابات العامة تعمل على متابعة بعض الضحايا من أجل جرائم أخرى كجريمة الفساد وممارسة الدعارة مثلا، رغم أنهم في حقيقة الأمر كانوا ضحايا لجرائم الاتجار بالبشر".

وجاءت الدورية "في إطار تفعيل القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، ونظرا لخطورة هذه الجريمة وآثارها الوخيمة على الضحايا الذين تستهدفهم، ولاسيما النساء والأطفال اعتبارا لحالة الهشاشة والضعف التي يعانون منها ووضعية الاستغلال التي يجبرهم المتاجرون على الخضوع لها".

محمد عبد النباوي، أبرز في كلمته، بمناسبة إطلاق الحملة التواصلية حول الاتجار بالبشر في المغرب، 23 أبريل 2019، أنه "مما يزيد من تعقد هذه الأوضاع، بالنسبة للضحايا، ويسهل الأمر في الوقت ذاته للمتاجرين، أن الضحايا يكونون عادة من الفئات الهشة المنحدرة من مستوى اجتماعي وتعليمي متدني، يجهلون حقوقهم وواجباتهم. كما أن السيطرة التي يخضعون لها من طرف المتاجرين فيهم، تجعلهم في أوضاع نفسية تسلبهم القدرة على الاحتجاج أو التمنع، وبالتالي الإبلاغ".

جميع أشكال الاستغلال الجنسي

وعرّف الفصل 1-448 من القانون المصادق عليه سنة 2016 الاتجار بالبشر، بأنه "تجنيد شخص أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيواؤه أو استقباله، أو الوساطة في ذلك، بواسطة التهديد بالقوة أو باستعمالها أو باستعمال مختلف أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الهشاشة، أو بإعطاء أو بتلقي مبالغ مالية أو منافع أو مزايا للحصول على موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال".

وأضاف الفصل من قانون مكافحة الاتجار في البشر، أنه "لا يشترط استعمال أي وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه لقيام جريمة الاتجار بالبشر تجاه الأطفال الذين تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة بمجرد تحقق قصد الاستغلال".

وأشارت إلى أنه "يشمل الاستغلال جميع أشكال الاستغلال الجنسي، لا سيما استغلال دعارة الغير والاستغلال عن طريق المواد الإباحية بما في ذلك وسائل الاتصال والتواصل المعلوماتي، ويشمل أيضا الاستغلال عن طريق العمل القسري أو السخرة أو التسول أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع الأعضاء أو نزع الأنسجة البشرية أو بيعها، أو الاستغلال عن طريق إجراء التجارب والأبحاث الطبية على الأحياء، أو استغلال شخص للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة".

إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر

الفصل 4-448، نص على أنه "يعاقب على جريمة الاتجار بالبشر بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 200.000 إلى 2.000.000 درهم في الحالات التالية: إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر دون الثامنة عشر؛ إذا ارتكبت الجريمة ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب المرض أو الإعاقة أو نقص بدني أو نفسي أو ضد امرأة حامل سواء كان حملها بينا أو كان معروفا لدى الفاعل؛ وإذا كان مرتكب الجريمة زوجا للضحية أو أحد أصولها أو فروعها أو وصيا عليها أو كافلا لها أو مكلف برعايتها أو كانت له سلطة عليها".

التهديد بالسلاح والتكرار

وأورد نص الحكم الابتدائي، أن "المحكمة وقفت على تصريحات الضحية القاصر التلقائية التي يُفاد منها كونها تعرضت للتغرير وهتك عرضها من طرف المتهمين، وقد وافقت تصريحات المصرحة (أخت عمة المتهم الأول)، مفادها كونها شاهدت المتهم الأول يمارس الجنس على الضحية".

وأضاف الحكم أن "المواصفات التي سردتها الضحية بخصوص غرفة نوم المتهم الثاني التي تم فيها الاعتداء الجنسي، أكدت الضابطة القضائية من خلال معايناتها التي تعد حجة في المجال الجنائي كونها وفق ما وصفته؛ فكونت بالتالي هيئة الحكم اقتناعها بثبوت أفعال التغرير بقاصر بالتدليس وهتك عرضها بالعنف في حق المتهم الأول والثاني مما استوجب عقابهما طبقا للفصول 471 و 485 من مجموعة القانون الجنائي".

وذكرت أنه "بالنظر لما أثبتته الخبرة الجينية من كون الولد الناجم عن الاعتداء الجنسي هو ابن للمتهم الثالث بنسبة 99.99 في المائة، فإن إنكاره لأية ممارسة جنسية على القاصر قد ضحد بدليل علمي".

وحسب نفس المصدر، صرحت الضحية بأنها "تعرضت لهتك عرض من طرف المتهمين بأكملهم، حيث كانوا يمارسون الجنس عليها رغما عنها، كما أنهم كانوا يقومون بتهديدها إن أفصحت لواليدها بالأمر سوف يقتلونها، وكانوا يستغلون فرصة تواجدها في المنزل لوحدها فيتقدمون نحو المنزل بمرافقة ابنة عمة المتهم الأول، ويقومون بممارسة الجنس عليها بالتناوب رغما عنها ولم تتقدم بشكاية بسبب تهديداتهم".