كشفت وكالة "EFE" الإسبانية عن هوية متزعم "المافيا" المسؤولة عن تهريب مهاجرين غير شرعيين إلى سياج مليلية؛ ما تسبّب في "مأساة 24 يونيو"، نتيجة محاولتهم اقتحامه، بشكل جماعيّ وعنيف.
وحسب الملخص القضائي للقضية المرفوعة ضد 64 شخصا، والتي سيتم النظر فيها، ابتداء من 13 يوليوز الجاري، تمكنت الوكالة من الوصول إليه، فإنّ شهادات أدلى بها 13 مهاجرا تم القبض عليهم، للشرطة المغربية، رسمت صورة لعصابات مكرّسة للاتجار بالبشر، تعمل على طول الطريق البالغ 5000 كيلومتر من السودان إلى المغرب (وبالتحديد جبال الناظور).
ووفقا للمتهمين أمام محكمة استئناف الناظور (تسعة سودانيين، واثنان من جنوب السودان، واثنان من التشاديين)، فإنه وبمجرّد وصولهم إلى الجبال بالقرب من الناظور، ينظّمون أنفسهم في معسكرات في الغابة، في انتظار لحظة اقتحام السياج، في هيكل هرميّ، يرافقهم قائد متفوق ومجموعات فرعية تقودها دزينة من القادة.
وتابعوا أنه قبل الوصول إلى غابات الناظور، يعبرون آلاف الكيلومترات من السودان، ثم يسلكون طريقين؛ أحدهما يمر عبر ليبيا والجزائر، والآخر عبر تشاد والنيجر ومالي والجزائر.
أما بخصوص أسعار التهريب، فكشفوا أنهم دفعوا ما بين 50 و70 يورو، للعبور من السودان إلى ليبيا، وما بين 300 و500 يورو، لعبور الحدود بين الجزائر والمغرب.
وفيما يتعلق بمتزعّم "المافيا"، فالأمر يتعلق بشخص ملقّب بـ"BOSS"، يبلغ من العمر 35 عاما، قوي البنية، وعلى جسده أوشام. يحمل الجنسية المالية، ويعيش في مزرعة بمدينة مغنية الجزائرية، على بعد 10 كيلومترات من الحدود المغربية.
وتابعوا أنهم لدى وصولهم إلى مزرعة "BOSS"، وجدوا هناك مئات الأشخاص ينتظرون العبور بدورهم؛ حيث انتظروا هم أنفسهم أسابيع، قبل أن يتقرر اليوم الذي تم تهريبهم فيه عبر الحدود إلى المغرب، في مجموعات مكونة من 30 إلى 40 مهاجرا، بفضل استغلال عناصر "المافيا" للحظة تغيير الحرس.
وفي حالة تشادي يبلغ من العمر 20 عاما وسوداني يبلغ من العمر 19 عام، زعم المهاجران الشابان أنهما مرّا عبر أنفاق تربط بين جانبي الحدود.
واتفق العديد من المهاجرين في شهاداتهم على أن التنسيق والتواصل بين مختلف أعضاء الشبكة الإجرامية يتمّان من خلال تطبيقات المراسلة، وعبر مجموعة مغلقة على "فيسبوك"؛ حيث يقررون كيف ومتى يعبرون سياج مليلية.
وحسب شهادة لسوداني يبلغ من العمر 18 عاما فر من دارفور، أمضى شهرا من الانتظار في المزرعة، وعبر الحدود مع 40 شخصا، فإنه ولدى وصولهم إلى المغرب، وجدوا في استقبالهم مغربيا وسودانيين اقتادوهم إلى مدينة وجدة قرب الحدود؛ حيث تم نقلهم بعد ذلك، في عدة سيارات، إلى مدينة بركان.
وفي بركان، مكثوا في منزل تشادي؛ حيث بعد فترة من الزمن، أخذهم أحد السودانيين الذين التقطوهم على الحدود بالقرب من الناظور، ليتم تسليمهم بعدها، إلى قائد سوداني اسمه "أحمد"، يبلغ من العمر 35 عاما، لم يتم القبض عليه، والذي كان يدير المعسكرات، حسب الشهادات، وكان تحت إمرته عشرات الأشخاص الآخرين يديرون مجموعات فرعية، كل منها تضم حوالي 50 عضوا.
وتابع أن القائد "أحمد" كان يرتدي قناعا لتمييز نفسه عن بقية قادة المجموعة، بينما كان قادة الجماعات (سودانيون من دارفور) يرتدون الوشاح، ولديهم رتبة أعلى من المهاجرين، وكانوا مسؤولين عن تدريبهم.
وكان للمجموعات الفرعية وظائف مختلفة؛ مثل مراقبة الغابات، في حال ظهور عناصر شرطة مغاربة، أو إدارة المشاكل بين المهاجرين، أو تأمين الطعام لهم، رغم أن الشاب السوداني أشار إلى أنه كان عليهم دفع 20 درهما (حوالي 2 يورو)، عن كل وجبة، وهو المال الذي حصلوا عليه عن طريق التسول، مضيفا: "إذا خالف أحد القواعد، يعاقب".
وعندما وصلوا إلى الأدغال، أخذ القائد ومساعدوه، كما يقول، وثائقهم وهواتفهم المحمولة، ثم اختاروا بعضهم لتعليمهم كيفية استخدام الأسلحة؛ مثل الحجارة والعصي والسكاكين.
أما بالنسبة للجمعة المأساوية، فيقول الشاب السوداني إنه سافر إلى مليلية في مجموعة قوامها حوالي 200 شخص، وتجمعوا مع آخرين على بعد أميال قليلة من السياج، حتى تجمع حوالي 1200 من سكان جنوب الصحراء، مضيفا: "في المقدمة، كان القادة والمدربون على مقاومة الشرطة، وآخرون كانوا مسؤولين عن فتح السياج".
وبحسب وثيقة أخرى، تضيف الوكالة، أشارت السلطات المغربية إلى أنها ستنسّق مع الإنتربول، لتحديد أعضاء "المافيا" المتورطة في كل ما حصل، بالإضافة إلى إجراء بحث معمق بخصوص مجموعة "الفيسبوك" التي كشف المهاجرون أنهم يتواصلون من خلالها.