وباء ‘‘كورونا‘‘.. صمت الصحافة المغربية تموت

كوثر الودغيري

وصل تهديد انتشار فيروس ‘‘كورونا‘‘ إلى مهني قطاع الصحافة والإعلام بالمغرب، بعد قرار وزارة الثقافة والشباب والرياضة، الأحد الماضي (22 مارس 2020)، تعليق إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية، حتى إشعار آخر، وذلك ضمن التدابير الاحترازية التي اتخذتها المملكة، لمواجهة تفشي الوباء.

عبد المنعم دلمي، المدير العام لمجموعة ‘‘إيكو ميديا‘‘ الإعلامية، وناشر صحيتي "الصباح" و"L'Economiste"، وصف قرار توقيف الطباعة الورقية للصحف والمجلات بالمغرب بالمفاجئ والضربة القوية لجميع الناشرين.

وتابع المتحدث ذاته لـ"تيلكيل": "عندما قرأنا البيان الصحفي للوزارة، كانت طبعة يوم الاثنين من جرائدنا اليومية جارية بالفعل، لقد فوجئنا، وأرى أن هذا القرار يمثل ضربة كبيرة لجميع الناشرين، الصحافة الورقية في المغرب قطاع مُدمَّر بالفعل، وسيتم القضاء عليه تماما إن استمر الوباء".

ومن بين التدابير التي تم اتخاذها من طرف المؤسستين الإعلاميتين اللتين يديرها دلمي، نقل المحتوى الورقي إلى المنصات الرقمية، ليتمكن القراء من متابعة الأخبار والمواد الصحفية المنتجة عبر الإنترنت، ولكن على المدى الطويل، يرى المتحدث ذاته أن هذا الخيار "متغير".

آخر الأرقام الصادرة عن مكتب مراقبة توزيع الصحف OJD، المتعلقة بالفترة ما بين 2018-2017، فإن صحيفة "الصباح" توزع أزيد من 26 ألف نسخة ورقية، مقابل 14 ألف بالنسبة لـ"ليكونوميست"، وقرار مثل تعليق النشر المؤقت دون تحديد الموعد الجديد، بالتأكيد سيضع المقاولة الصحفية بموقف صعب.

وأبدى عبد المنعم دلمي قلقه الكبير بشأن المطبعة التابعة للمجموعة الإعلامية، والتي تم إغلاق أبوابها بتوقيف عملية طباعة الصحف، واصفا الوضع بالكارثي، خصوصا وأن قرابة 50 عاملا يشتغلون بها حاليا وجدوا أنفسهم في عطالة، في المقابل، تبقى مصاريف المقاولة ثابتة ولا تشهد تراجعاً.

دلمي، العضو في المكتب التنفيذي لفيدرالية ناشري الصحف، أفصح على أن مؤسسته ستسدد رواتب شهر مارس، ولكن بعد ذلك سيكون من الصعب توفير 1,5 مليون درهما شهريا لسد النفقات، بما فيها توفير المستحقات المالية لـ250 مستخدما، وذلك أمام جفاف الموارد المالية، معلقاً : "إنني لا أجرؤ حتى على تخيل وضع زملائنا الذين يواجهون خطر الخروج من العمل".

يونس مسكين، مدير نشر صحيفة "أخبار اليوم"، انتقد بدوره قرار التوقيف المفاجئ للنسخ الورقية، قائلاً: "نحن نفهم تماما الظروف الاستثنائية التي نمر بها في الوقت الحالي ، لكن الوزارة لا تستطيع أن تطلب من الصحف أو المجلات الانتقال بين عشية وضحاها من الطباعة على الورق إلى النسخ الرقمية. القرار يعرض المقاولات الصحفية للخطر حقا، خصوصا وأن القطاع هش بالفعل، حتى قبل أزمة كورونا".

مسكين تحدث عن الصعوبات المالية التي تعيشها الصحيفة، ليس فقط بقرار توقيف الطباعة والنشر، بل منذ صدور الحكم القضائي على مؤسسها توفيق بوعشرين بالسجن، مشدداً على أن "أخبار اليوم" وضعها أكثر تعقيداً من باقي المؤسسات، وحتى رواتب ممستخدميها لشهر فبراير لم تدفع بعد، كما أنها لم تتوصل بعد بالدعم السنوي الصادر عن الوزارة الوصية على القطاع.

وتابع : "قرار توقيف النسخة الورقية كان مزعجاً، الأرقام تقول إن خسائرنا ستكون ٪ 100 ولا أبالغ، لأن الموارد الأساسية للمؤسسة تستند على المبيعات بنسبة ٪90 والإعلانات٪10 منذ أشهر، وفي هذه الوضعية لا نعرف كيف سنستمر، بوقف الطباعة".

من جهة أخرى، تجاوزت خسائر مهني الصحافة والإعلام، المؤسسات وأيضا المطابع، لتصل أيضا إلى وسطاء التوزيع، إذا كشفت شركة توزيع المطبوعات والصحف بالمغرب Sochepress-Sapress منذ 23 سنة، أن قرار التوقيف وضعها أمام طريق مسدود.

أمين بنشرقي، المدير العام للشركة، وفي تعليقه على القرار، قال : :نحن نقف في صف السلطات ونثمن جهودها لمحاربة الوباء، لكن بالنسبة لنا نحن أمام كارثة اقتصادية، أوقفنا جميع الأنشطة بعد ظهر يوم الإثنين، ونقوم بدراسة السيناريوهات المحتملة لإعادة تنظيم أنفسنا تجاه مستخدمبنا وشركائنا".

وأشار المتحدث ذاته إلى أن 85٪ من التكاليف ستبقى ثابتة (رواتب، إيجارات، منصات..) ، سواء استمرت الشركة في تقديم خدمتها أم لا ، وفي ظل الوضع الاستثنائي، التفكير منصب بالنسبة لـ Sochepress-Sapress على الخروج بأقل الأضرار، في انتظار السيناريوهات المحتملة، فالتوقف، حسبه، لأسبوعين ليس كـ4 أشهر.

وفي هذه الفترة مازال الناشرون وأصحاب المطابع، وباقي الفعاليات المنتمية للجهاز الإعلامي المتضرر من توقف صدور النسخ الورقية للصحف والمجلات، يبحثون عن مخرج للطوارئ، حيث كان لعبد المنعم دلمي رأي واضح للتصدي إلى انهيار القطاع، قائلا: "المساعدة المباشرة هي السبيل الوحيد لإنقاذ الكارثة المرتقبة، ولكن حاليا لم يتم التواصل مع أي جهة، لأن المملكة في حالة حرب مع الوباء".