أوصى محمد امسهيد، الباحث في سلك الدكتوراه بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بالرفع من مستوى تدريس التاريخ والثقافة الأمازيغية بالمدرسة المغربية عبر تنظيم أنشطة ثقافية داخل المؤسسات التعليمية تخصص للاحتفال بالتراث الأمازيغي بأشكاله المتنوعة، مع إشراك التلاميذ في مختلف مراحل إنجاز النشاط.
ودعا الباحث، في ورقته العلمية حول "مظاهر الاحتفال في الثقافة الأمازيغية بين الثراء الثقافي ورهان التدريس بالمغرب"، التي نشرها العدد الأول من المجلة الدولية للدراسات الأمازيغية، اطلع "تيلكيل عربي" على نسخة منها، إلى "العمل على الرفع من جودة التكوين داخل المراكز الجهوية بالنسبة للمدرسين الجدد، وتحسيسهم بأهمية الثقافة الأمازيغية في تحصين الهوية المغربية، وضرورة اهتمام المدرسين بالتكوين الذاتي والتكوين المستمر لتطوير رصيدهم المعرفي فيما يخص التراث الأمازيغي، لما قد يساهم في تجويد ممارستهم المهنية".
وسجل أن "المسؤولية تقتضي جعل التلاميذ يصونون هويتهم ويحافظون على الذاكرة الجماعية للإنسان المغربي المتجسدة في طقوسه وممارساته الثقافية، فضلا عن تحريك حواسه وعواطفه تجاه هذه المظاهر الثقافية الغنية التي دأب الإنسان الأمازيغي على ممارستها في مختلف المناسبات ذات أزمنة وأمكنة محددة".
ومحيلا على الزبير مهداد، في كتابه حول "من الثقافة المغربية الأمازيغية"، أورد أن "بعض الطقوس الاحتفالية الأمازيغية التي تبرز الثراء الثقافي الأصيل يحتفل سكان البلاد المغاربية بأعياد كثيرة مرتبطة أغلبها بالسنة الفلاحية، مثل يناير وحاكوزا وباشيخ وغيرها، في مناسبات مخصصة لدى الأمازيغ للاحتفال بخصوبة الأرض الزراعية وما تجود به الحقول من خيرات، وتيمنا بسنة فلاحية جيدة، لم تعرف جيدا البدايات الأولى لهذه الاحتفالات".
وتابع: "الغالب أن جذورها تمتد إلى ما قبل الإسلام، لارتباطها بالتقويم اليولياني الذي أقرته الدولة الرومانية عام 45 قبل الميلاد، وتمسك الناس بالعمل به، وخاصة في الوسط القروي الفلاحي. إلا أنه وطيلة أربعة عشر قرنا من دخول الإسلام، اعتنق الناس عقيدة جديدة وتخلوا عن معتقداتهم القديمة، فكان لزاما عليهم التخلي أيضا عن كثير من العادات والتقاليد والسلوكيات. وكثير مما بقي وتمسك به الناس تم إلباسه لباسا إسلاميا، فالمعتقدات التي تبناها الناس لم تتمكن من تحطيم العمق الديني البدائي كله، وإن كانت قد أفلحت إلى حد كبير في ملاءمة الظروف الجديدة".
وشدد الباحث على أن "تطوير ومراجعة مناهج التدريس أضحى اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، والعمل على ربط المضامين الدراسية بالبيئة المحلية والجهوية ذات الحس الثقافي، وإعادة الاعتبار للوعي التاريخي لدى المتعلم، لما قد يحققه من شغف في دراسة وتحليل بيئته المحلية فالجهوية ثم الوطنية".
ولفت الانتباه إلى ضرورة "إدماج الثقافة الأمازيغية بشكل تدريجي في المسارات الدراسية، لما للبعد الأمازيغي من دور متميز في ترسيخ هويتنا المغربية بكل أبعادها ومكوناتها، ولأن استراتيجية كهذه من شأنها أن تساهم في تنمية المجتمع المغربي، لا سيما وأن أي سياسة تنموية ترتبط أساسا بالتربية والتعليم، الذي هو المفتاح الأساسي لكل بيضة فكرية وثقافية وعلمية لكسب رهان المستقبل".
وأكد على ضرورة "إعادة الاعتبار لما يدرج من أحداث تاريخية في المقررات الدراسية، حيث بات لزاما أخلاقيا وعلميا الانضباط للحقائق التاريخية، وعدم تزييفها أو إقصاء أحد مكوناتها، والسير نحو تنزيل مفهوم 'تمغربيت' في الأحداث التاريخية".
وأفاد أن "العودة إلى المحلي ليس انغلاقا، وإنما انفتاح، كما أننا بحاجة إلى الإفادة من 'تمغربيت' كهوية وانتماء ونمط عيش وكنوز ثقافية لمواجهة تحديات العولمة والاستلاب الثقافي للأجيال الناشئة".