وزارة التربية تقرأ إيجابيا نتائج "كسل" تلاميذ المغرب في "القراءة"

امحمد خيي

بعد أكثر من 24 ساعة على صدور نتائج الدراسة الدولية لتقييم تطور الكفايات في القراءة لدى تلاميذ 50 دولة بينها المغرب، والتي نشر "تيلكيل – عربي" تفاصيلها أول أمس (الثلاثاء)، وفيها احتلال المغرب الرتبة 48 بـ358 نقطة، خرجت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، بقراءة إيجابية لتلك النتائج، داعية إلى بذل مزيد من المجهود، على عكس فرنسا (الرتبة 34)، التي سارعت وزارتها للتربية، إلى اتخاذ إجراءات آنية وفورية على خلفية الدراسة المذكورة، بينها فرض حصة يومية للإملاء على التلاميذ.

وفي هذا الصدد، اعتبرت وزارة التربية الوطنية، أن الدراسة المعروفة باسم "بيرلس2016"، والتي تنجزها كل خمس سنوات الجمعية الدولية لتقييم الأداء التربوي، بمشاركة 50 دولة "ذات ناتج داخلي خام مرتفع ومنظومة تربوية متقدمة"، "سجلت تحسنا مهما في الأداء العام للتلاميذ المغاربة، وذلك مقارنة مع أدائهم في دورة 2011، فانتقل المعدل الوطني العام في القراءة بالابتدائي من 310 إلى 358 نقطة بزيادة 48 نقطة، وهو أعلى فارق إيجابي سجل لدى الدول المشاركة وعرف أداؤها تحسنا في هذه الدورة".

الدراسة التي بلغ حجم العينة الدولية من تلاميذ السنة الرابعة ابتدائي المشاركين فيها 319 ألف تلميذ، 11 ألف منهم مغاربة، يتمدرسون بـ360 مدرسة ابتدائية لدى 360 أستاذا وأستاذة لمادّة اللغة العربية"، بررت الوزارة ما اعتبرته تحسنا في كفايات التلاميذ المغاربة، بـ"تحقيق أدائهم في النصوص الإخبارية والمعلوماتية 359 نقطة وهو يفوق أداءهم في النصوص الحكائية والأدبية الذي بلغ 353 نقطة، بفارق 6 نقط".

وبالنسبة إلى وزارة التربية الوطنية، فبالمقارنة مع "مع دورة 2011، انتقل المعدل الوطني العام في النصوص الحكائية/الأدبية من299   إلى 353 نقطة بزيادة وازنة بلغت 54 نقطة"، وتم "تسجيل نفس المنحى بالنسبة للأداء في النصوص الإخبارية/المعلوماتية، حيث انتقل المعدل الوطني من321 إلى 359 بزيادة هامة بلغت 38 نقطة، وهي الفروق الإيجابية الأعلى المسجلة على مستوى الدول المشاركة"، أما "بخصوص مهارة استخراج المعلومات والقيام باستنتاجات مباشرة ومهارة تفسير الأفكار وتركيبها والتقويم، فقد أبانت الدراسة أن أداء التلاميذ المغاربة في المهارة الأولى بلغ 364 نقطة و336 نقطة في المهارة الثانية".

إقرأ أيضا: أشهر دراسة عالمية حول القراءة..المغرب في الرتب الأخيرة

وفيما قالت الوزارة بشأن "نسب المصنفين من التلاميذ المغاربة حسب مستويات الأداء الدولية: الأداء المنخفض - الأداء المتوسط - الأداء العالي - الأداء المتقدم، تحسنا ملحوظا، إذ بلغ ذلك التحسن أعلى درجاته بزيادة نسبة المصنفين ضمن المستوى المنخفض بـ 15%، و بـ 7% ضمن المستوى المتوسط وبـ 2% بالنسبة للمستوى العالي"، رأت الوزارة وجود "تحسن في أداء التلاميذ المغاربة الذي بلغ 39 نقطة بالنسبة لمهارة استخراج المعلومات والقيام باستنتاجات مباشرة و48 نقطة بالنسبة لمهارة تفسير الأفكار وتركيبها والتقويم، وهي أعلى درجات التحسن المسجلة على صعيد الدول المشاركة في هذه الدورة".

الوزارة التي احتفت بـ"التحسن البين لمؤشرات الأداء الوطني العام في القراءة في دورة 2016 مقارنة مع دورة 2011، إذ صنف التقرير الدولي للدراسة المغرب ضمن الدول الثمانية عشر (18) التي عرف أداؤها العام تحسنا فعليا"، عادت في سياق آخر لتقول إن "هذا التحسن الإيجابي والهام على مستوى معدل الأداء الوطني في هذه الدورة، لم يمكن من التقدم بنفس الدرجة على مستوى سلم الترتيب الدولي، حيث حقق المغرب تقدما بدرجتين فقط".

وعلى عكس دول اتخذت إجراءات فورية مباشرة بعد إعلان نتائج الدراسة، اكتفت وزارة التربية الوطنية في المغرب، التي يسيرها وزير الثقافة والاتصال بتكليف مؤقت بعد إقالة محمد حصاد قبل أسابيع من قبل الملك محمد السادس، بالقول إن "المغرب مطالب ببذل المزيد من الجهود وطنيا وعلى مستوى الجهات لتقليص الفارق بين متوسط أداء التلاميذ المغاربة ومتوسط الأداء الدولي، وذلك من خلال التحليل الدقيق لمعطيات ونتائج الدراسة للوقوف على العوامل المفسرة والمحددة لتلك النتائج واستثمارها الإيجابي في وضع خطط وبرامج لتحسين شروط وطرق تمكين التلاميذ من مهارات القراءة".

فرنسا تفرض إملاء يوميا

كانت تلك قراءة وزارة التربية الوطنية بالمغرب لنتائج كسل التلاميذ في الدراسة، أما في فرنسا، التي جاءت متفوقة علينا، بأن احتلت الرتبة 34 ضمن 50 دولة، بينما المغرب لم يتفوق إلا على مصر وجنوب إفريقيا، فقد خلفت فيها النتائد ضجة كبيرة، استدعت من جون ميشيل بلونكي، وزير التربية، الخروج لتقديم توضيحات للرأي العام، وإعلان إجراءات آنية لتحسين أداء التلاميذ الفرنسيين، الذين تفوق عليهم أغلب الأوربيين.

وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الوزير في تفاعله مع "النتائج المقلقة" لدراسة "بيرلس2016"، وصفها بـ"غير المشرفة لفرنسا"، فأعلن إجراءات آنية، بينها فرض حصة إملاء يومية على التلاميذ، وتعزيز مضمون بعض الكتب المدرسية، وتوسيع نطاق تقييم واختبار التلاميذ، وفرض مجموعة من الامتحانات على التلاميذ قبل انطلاق الدراسة في كل مستوى تعليمي جديد ينتقلون إليه، مبديا نيته تمكين المعلمين من اختيار مناهج معينة، بعدما ثبت "أن بعضها فعال والآخر لا يهضم من قبل التلاميذ"، مع الهزم على إقرار تكوينات مستمر للأساتذة حول القراءة.

ويأتي ذلك، بعدما صنفت دراسة "بيرلس2016"، فرنسا وهولندا، أبرو بلدين أوربيين يتراجع مستوى تلاميطهما في القراءة منذ 2001، علما أن فرنسا وضعت في الرتبة 34 بين 50 دولة مشاركة في التقييم، بعد نيلها 511 نقطة، وهو معدل إيجابي، إذ أن المعدل المتوسط الإيجابي في مؤشر "بيرلس" هو 500 نقطة. وبنيما لم يحصل المغرب إلا على 358 نقطة (الرتبة 48)، جاءت الكويت قبله في الرتبة 47 بـ393 نقطة، في حين احتلت روسيا الرتبة الأولى بـ581 نقطة، تليها سنغافورة بـ576 نقطة.