توفي ليلة أمس الاثنين وزير الخوصصة في حكومة محمد كريم العمراني، عبدالرحمان السعيدي عن عمر 74 عاما، وفق ما ذكر مقربون من أسرته في الدارالبيضاء.
ويعتبر السعيدي أحد الوزراء التقنوقراط، الذين لم يمارسوا العمل السياسي أو الحزبي، لكنه تمكن من إمساك حقيبة مهمة، راهن عليها مغرب الحسن الثاني من أجل بعث الروح في مؤسسات وشركات كانت تابعة للدولة.
ويعتبر السعيدي، الذي هو في الأصل خبير محاسباتي ومفتش ضرائب، أول من أشرف على الجانب التنظيمي لبورصة الدارالبيضاء، كما ساهم في وضع التصور الأولي لتحرير قطاع الاتصالات.
ولد السعيدي بحي المحيط بالعاصمة الرباط سنة 1947، قبل أن ينتقل إلى العاصمة الاقتصادية، وغادر الدراسة في سن 17 عاما، قبل أن يعود إليها بعد سنوات، بعدما أتيحت له فرصة السفر إلى فرنسا، وهناك تخرج سنة 1973 من المدرسة العليا للتجارة من مدينة مونبلييه ، حصل سنة 1976 على دبلوم فرنسي كخبير محاسب، وعمل كأستاذ في المدرسة العليا للتجارة وإدارة المؤسسات في الدار البيضاء.
كان الراحل الحسن الثاني يعول على الخوصصة لإنقاذ البلاد من السكتة القلبية، الناجمة عن خروج البلاد من مسلسل تقويم هيكلي صارم. و في 1993 سيعين السعيدي وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول المكلف بالخوصصة: مكلفا بشركات الدولة، قبل ان يشغل في الفترة الممتدة من سنة 1997 إلى مارس 1998 منصب وزير تنشيط الاقتصاد والخوصصة، منتدب لدى الوزير الأول مكلف بمؤسسات الدولة.
ستقود الصدف، التي كان الوزير الراحل يقر بأنها لعبت دورا كبيرا في حياته سواء المهنية أو السياسية، إلى وضعه في موقف سيطبع مساره إلى الأبد، ليكون أول وزير" خوصص شركة فصار مديرا عاما لها".
وهو ما وقع للسعيدي مع شركة "سامير"، إذ في يوليوز من سنة 2001 شغل منصب المدير العام لشركة "سامير" مصفاة تكرير النفط الوحيدة في البلد، التي أشرف السعيدي على خوصصتها، فصار مديرا عاما لها.
بعد الابتعاد عن دوائر الحكم، خاصة مع قدوم حكومة التناوب التوافقي، ثم وفاة الملك الحسن الثاني، سيبتعد السعيدي عن الأضواء، ويفتح مكتبا للاستشارة المالية، سيتحول السعيدي إلى بائع "أنتيكا"، أو تحف فنية نادرة، إذ استطاع جمع ما يزيد عن ألف قطعة فنية، وخصص لها رواقا فنيا، كان الغرض منه في الأساس الابتعاد عن ضوضاء المدينة وترك الأرقام، والعودة إلى أصله، خاصة وأن والده كان تاجرا وجده دلالا في حي المحيط في الرباط.