يوسف عزيزي، كاتب وناشط حقوقي من عرب إيران، ولد بالحويزة بعربستان في 1951. في رصيده 25 كتابا، تأليفا وترجمة. حصل كتابه" وراء الشمس: يوميات كاتب أحوازي في زنازين إيران » بإحدى جوائز " ابن بطوطة لأب الرحلة"، في نسختها الأخيرة.
في ذلك الكتاب، يتناول تجربته في السجن ووضعية عرب إيران، الذين تصدى للدفاع عن حقوقهم المدنية. في هذا الحوار نستعيد مع يوسف عزيزي، ظروف تأليف ذلك الكتاب و نحاول التعرف على وضعية العرب بالجمهورية الإسلامية.
فاز كتابك " وراء الشمس:يوميات كاتب أحوازي في زنازين إيران السرية "، بجائزة ابن بطوطة كأفضل ترجمة في دورتها السابعة عشر، عما يتحدث مؤلفكم الذي ترجمه عن الفارسية عائض محمد آل ربيع؟
اعتلقت في 2005 من قبل السلطات الإيرانية، لأنني دافعت عن حق الشعب العربي في إيران في التظاهر السلمي، فقد تعرضت احتجاجاته للقمع، وهي الاحتجاجات التي جاءت تعبيرا عن رفض مشاريع الدولة المركزية، الرامية إلى تغيير التركيبة السكانية لفائدة غير العرب. وبما أنني كنت في طهران ككاتب وصحفي، ومعروف لدى الأوساط الثقافية، فإن السلطات الإيرانية لم تنظر بعين الرضا إلى مواقفي المدافعة عن الحقوق المدنية لعرب الأهواز. وهذه الرحلة التي تناولتها في كتابي، جرت في سجن الأهواز السري، حيث قضيت 65 يوما في زنزانة انفرادية طولها أقل من ثلاثة أمتار وعرضها متران، محروما من الكتب والمدياع والصحف.
ماذا يعني أن تقوم برحلة داخل السجن؟
الكتاب يتناول رحلتي داخل زنزانة، فقد كنت أمشي 20 كيلومترا يوميا داخل تلك الزنزانة، التي يقل طولها عن ثلاثة أمتار وعرضها متران . وكنت أخوض تلك الرحلة اليومية داخل الزنزانة، حتى لا أموت، لأن الحرارة مرتفعة في الأهواز، والتهوية ضعيفة، وقد كانوا يتعمدون قطع الكهرباء عنا. كانوا يريدون موتنا.
كتبت بعض الأشياء حول تلك الرحلة في الزنزانة، لكنهم صادروها، فقد كانوا يفتشون زنزاتي عندما أقتاد للتحقيق، ويأخذون كتاباتي. وبعد قضاء 65 يوما في السجن، غادرته بكفالة، وبعد ذلك، أصدروا في حقي حكما بالسجن لمدة خمسة سنوات، وقد هربت منذ عشرة أعوام. أنا لم أكن أسعى إلى تقسيم إيران، بل كنتب أدافع عن حقوق الناس المدنية، حقهم في التعبير وفي الاحتجاج.
تدافع عن عرب إيران. كيف تقدمهم للقارىء المغربي؟
كان لعرب إيران مملكة ضمن الممالك المحروسة الإيرانية، وتمتعتوا لمدة خمسة قرون باستقلالهم عن الإمبراطوريات الإيرانية المتعاقبة أو بحكم ذاتي واسع داخل تلك الإمبراطوريات، وذلك منذ العهد الصفوي إلى 1925، لما قضى على هذه المشيخة والإمارة الشاه رضا بهلوي، والد الشاه الذي أسقطناه في 1979.
ويشكل عرب الأهواز نسبة 8 في المائة من ساكنة إيران، المعروفة بتعدد الاثنينات، حيث تضم عربا وأكرادا وأذريين وبلوش وتركمان، ولا يشكل الفرس سوى 30 في المائة من الساكنة، لكنهم يهيمنون على كل شيء.
هل لعرب إيران نصيب في توزيع الثروة في البلد؟
معظم إيرادات إيران من النفط من أراضيهم، أي عبدان والأهواز والمناطق الأخرى، غير أنهم محرومون من تلك الثروة، التي تصرف في المدن الوسطى الفارسية، وخاصة طهران. فحصة عرب إيران قليلة جدا، وهم يتعرضون للاضطهاد ويعانون من العنصرية والتمييز السياسي والثقافي والاجتماعي والعرقي.
هل تميز السلطات الإيرانية بين الشيعة والسنة العرب في الأهواز؟
يجب أن نشير إلى أن معظم عرب إيران شيعة، غير أن السلطات، في العهد الملكي وفي ظل الجمهورية الإسلامية، تنظر إليهم، باعتبارهم عربا، في ظل سيادة نظرة تاريخية استعلائية فارسية منذ الحركة الشعوبية في أوائل الإسلام إلى اللحظة الحالية.
فهم يعانون من العنف الذي له دوافع قومية. فقدوا سيادتهم في 1925، عندما أسقط الشاه رضا بهلوي حكمهم العربي، الذي كان يتمتع باستقلال داخلي في إطار مملكة عربستان.
هل من تمثيلية سياسية لعرب الأهواز في إيران؟
لا تمثيلية سياسية لهم. الشيعة العرب لم تصنهم شيعيتهم، والسنة العرب يعانون من الاضطهاد المذهبي، لأن التفكير العرقي والعنصري، هو الغالب لدى السلطة والنخبة والكتاب..
هل يوجد تعليم خاص بهم؟
لم يسمح لهم بتعلم اللغة العربية، فالطفل يتعلم الفارسية فقط، عندما يدخل إلى المدرسة الابتدائية، وهذا تمييز صارخ من دولة إسلامية تدعي أنها إسلامية، وتسترشد بالقرآن. ومايميز الدولة الإيرانية، تلك النظرة التحقيرية للآخر العربي.
هل تتخوف إيران من ولاءات قد يبديها عرب البلد لبلدان عربية أخرى؟
هم يعتبرون غير الفرس طابورا خامسا، لايسلم من ذلك الأكراد الذي يعتبرون أن ولاءهم لأكراد العراق، والأذاريين الذين يتصورونهم موالين لأذربيدجان والتركمان الذين يرونهم تابعين لتركمستان والبلوش الذين يعتقدون أنهم مياليون لبلوشستان.
ونحن من بين كل هذه القوميات، نعاني من التمييز العنصري، الذي له جذور تاريخية وجغرافية. فالعلاقات مع البلدان العربية منذ جمال الناصر بمصر وعبد الكريم قاسم بالعرق وحتى اللحظة الحالية مع دول الخليج، تنعكس علينا سلبا. ونحن نعاني من إساءات يوميا عبر الإعلام في طهران وعبر الروايات والكتب التاريخية.
ألا يوجد هناك تدخل عربي في الأهواز من أجل تأليب الناس ضد السلطة المركزية؟
نحن منسيون من الدول العربية خلال السنوات الماضية، وقد بدأت بعض دول الخليج، تتناول وضع عرب إيران إعلاميا في الثلاثة أعوام الأخيرة، بينما لا نرى أي دعم من الحكومات في هذا المجال.